حقوق السكن ونزاعات الملكية
أحمد صوان: محام وباحث سوري
فراس حاج يحيى: محام وباحث سوري
المحتويات
ملخص تنفيذي
مقدمة منهجية
أولًا- تعريف العشوائيات وخصائصها ومخاطرها
ثانيًا – خصائص السكن العشوائي في سورية
ثالثًا- التشريعات العقارية السورية واستقرار الملكية
رابعًا- تصورات أولية للإصلاح القانوني المطلوب
ملخص تنفيذي:
تهدف هذه الدراسة إلى التعرّف إلى واقع التجمعات السكنية العشوائية في سورية، وإلى أهم المشكلات القانونية التي تولدت عن هذا النشوء المتسارع للعشوائيات في سورية، وتبحث في سبل الخلاص من أزمة العشوائيات، وإعادة تنظيمها بما يحقق سبل المعيشة المثلى لساكنيها، ويضمن حقوق الملكية وقواعد التخطيط الحضري والتنظيمي المثلى للمدن الحديثة التي تضمن بيئة صحية وسليمة وآمنة، تراعي أهداف التنمية المستدامة الحضرية والبيئية وحقوق الإنسان.
تناولت الدراسة هذه المشكلة في أربعة محاور هي:
- تعريف العشوائيات وخصائصها، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والطرق الثلاث المتبعة في معالجة أزمة العشوائيات في العالم، وهي الاعتراف بالعشوائيات ومحاولة الارتقاء بها؛ الإلغاء والإحلال؛ الحلّ الاستئصالي.
- خصائص السكن العشوائي في سورية، وتسليط الضوء على تحديات وإشكالات قضايا الملكية والسكن في سورية، وأسباب انتشار السكن العشوائي، والحجم الحقيقي للظاهرة، ثم الدور غير المباشر للبلديات في انتشار العشوائيات، والاستراتيجيات القاصرة لحلّ هذه الإشكالات.
- التشريعات العقارية السورية المتعلقة بالملكيات بشكل عام، وما يتعلق منها بالسكن العشوائي وأوضاع الملكية في السجل العقاري، وغاية السلطة الحاكمة في سورية من إصدار مزيد من القوانين العقارية الإشكالية والمُجحفة، والقوانين التي حاولت تسوية المخالفات في مناطق السكن العشوائي. ودور القضاء ودائرة الكاتب بالعدل في توثيق ملكية المساكن في مناطق السكن العشوائي. وأوردنا لمحة عن اهتمام القانون الدولي بحقوق السكن.
- المخرجات والتوصيات والرؤية المقترحة للإصلاح القانوني المطلوب لمعالجة أزمة السكن العشوائي في الموضوعات الخمس التالية:
– التوصيات الخاصة بالمالكين والمهجرين.
– المقترحات لمعالجة أزمة الإسكان في مناطق العشوائيات عند انتهاء النزاع.
– دور المجتمع الدولي في حل أزمة العقارات في سورية.
– المخرجات والتوصيات القانونية.
– مقترح لإنشاء لجان التحكيم ذات الاختصاص القضائي بالنزاعات العقارية في مناطق العشوائيات
الصعوبات التي واجهت إعداد هذا البحث:
- قلة المعلومات عن كثير من مناطق السكن العشوائي في سورية.
- صعوبة التحقق من المعلومات الخاصة بملكية الأراضي التي شيد عليها السكن العشوائي. وعند الحديث عن منطقتي عش الورور ومزة 86 في دمشق، وعن ملكية الأراضي المبنية عليها، واجهتنا كتلة صماء من سرية المعلومات الخاصة بذلك.
- عدم وجود منصات أو مواقع إلكترونية لمعظم المؤسسات الحكومية السورية، للاستئناس بمعلومات موثوقة، و في حال وجود الموقع، كانت المعلومات تقتصر على نشر أخبار المؤسسة، ولا تتضمن إحصاءات و لا معلومات علمية دقيقة أو متسقة يمكن الركون إليها أو الاعتماد عليها.
مقدمة منهجية:
بدأت ظاهرة انتشار مناطق المخالفات في سورية في الستينيات من القرن الماضي، منذ بدايات التهجير الداخلي للسكان الناجم عن الصراعات، وعلى وجه الخصوص تهجير العرب السوريين من الجولان عام 1967، وكذلك النازحين عقب الحرب مع إسرائيل عام 1973، حيث أسهم ذلك في اختلال التوازن بين المدن، من حيث عدد السكان، ويوجد اليوم حوالي 305000 نازح وذريتهم من الصراع الأول المذكور. ويجب أن يضاف إلى ذلك الهجرة الدولية، ولا سيّما الهجرة الفلسطينية، بين عامي 1948 و1967، وهجرة اللبنانيين بين 1984 و2006، والعراقيين بين أعوام 1990 و2008).
ثم تفاقمت الأزمة في الثمانينيات، حين ظهرت مناطق المخالفات الجماعية في دمشق وحمص وحلب، نتيجة موجات هجرة الريف إلى المدينة، وبتشجيع من النظام السياسي السوري، أسهمت القوانين والأنظمة الإدارية في ازدياد هذه المناطق، بدلًا من الحدّ منها. وقد وفرت منظومات الفساد المرتبطة بالسلطة التربة الخصبة لنموّها. وتتصف المساكن في مناطق السكن العشوائي بسوء المواصفات الإنشائية، وفوضى التنظيم، والاكتظاظ، ورداءة الخدمات المقدمة للساكنين في هذه المناطق.
إن من أهمّ التحديات التي تواجه حلّ المسألة العقارية في سورية مسألة عدم تسجيل كلّ الأراضي بشكلٍ أصولي في السجل العقاري، وهناك مساحات ما زالت غير محددة ومحررة، أي ليس لها رقم، وما زالت أراضي بلا هوية، وإنّ نسبة كبيرة من مناطق سكن المعارضة تقع ضمن مناطق السكن العشوائي، والمساكن فيها غير مسجلة بالسجل العقاري، أي أن ملكية معظم القاطنين في هذه المناطق ملكية غير قانونية، ومعرضة لخطر المصادرة بموجب القوانين الجديدة، ويعدّ هذا الأمر هاجسًا لكل المهجّرين من مناطق المعارضة.
لقد كان امتلاك السكن المتواضع والآمن لمعظم السوريين حلمًا، خلال عشرات السنين من حكم البعث، وقد تفاقمت أزمة السكن النظاميّ والعشوائي في سورية، منذ الثمانينيات حتى اليوم، وتحولت إلى معضلة مستعصية على الحلّ؛ حيث أفرزت سنوات الحرب التي تلت اندلاع الثورة السورية عام 2011 مشكلات ونزاعات شتى، بين أطراف مختلفة (مالك الأرض والباني والمشتري والمستأجر والدولة) وما زاد في تعقيدات أزمة السكن العشوائي في سورية سلسلةُ التشريعات العقارية التي صدرت في الفترة القصيرة السابقة، والتي أباحت للدولة هدم مناطق كاملة، وفق إجراءات وآليات تمنح السلطة كل الصلاحيات، وتجعل المالك عاجزًا أمام جبروت الدولة بسلطة قوتها وقوانينها الجائرة.
واستنادًا إلى ما سبق تتحدد مشكلة البحث بالأسئلة الآتية:
1-ما القوانين والتشريعات السورية التي تسمح للدولة بالاستيلاء على المساكن، ومن ثم هدم مناطق المخالفات والعشوائيات؟ وما هي مخاطرها؟
2- ما طبيعة النزاعات القانونية التي تنجم عن عمليات الهدم والاستيلاء، وكيف يستطيع المواطن حماية حقوقه العقارية؟
أما أهمية البحث فتحضر، من ندرة الأبحاث القانونية والإدارية التي تتناول واقع السكن العشوائي في سورية، والمخاطر والمشكلات القانونية الناجمة عن قيام الدولة بهدم العشوائيات، والاستيلاء على كثير من المساكن فيها، والأهداف الخفية لسلسلة التشريعات العقارية التي صدرت في السنوات الأخيرة وأتاحت للدولة هدم بعض المناطق في المدن السورية، والاستيلاء على بعضها الآخر.
وللإجابة عن أسئلة البحث، اعتمدنا على منهجية تحليل مضمون القوانين السورية الجديدة، وبيان مدى خطورة المضي في تنفيذها، وعلى الأبعاد السياسية لتعاطي النظام مع المشكلات العقارية، وتمت المعالجة بالاستناد إلى المنهج الوصفي التحليلي والاستقرائي.