أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية أنها لن تشارك في الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام السوري، وجاء في بيان مجلس سوريا الديمقراطية الذراع السياسية لـ»قسد»: «لن نكون جزءاً من عملية الانتخاب ولن نشارك فيها قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية والإفراج عن المعتقلين وعودة المهجرين».
وفي درعا دعت هيئات ومجالس ولجان شعبية عديدة في المحافظة إلى مقاطعة الانتخابات، واصفة يوم إجراء الانتخابات بأنه يوم حزن وحداد. وجاء في بيان، وصلت نسخة منه لـ«القدس العربي» أن أهالي درعا يعتبرون المشاركة في الانتخابات عملاً مخزياً، لأنها تعني إعادة تأهيل النظام على أنقاض وطن محطم.
وأكد الموقعون على البيان عدم شرعية الانتخابات، وقالوا: «بعد عقد من الزمن على تضحيات الشعب السوري، يخرج النظام بمسرحية الانتخابات الهزلية، في مناخ استبدادي تصادر فيه الإرادة، لصالح الهيمنة الإيرانية على قرارات الدولة السورية.
ويسيطر النظام على درعا منذ صيف العام 2018، وذلك بعد توقيعه اتفاق التسوية مع فصائل المعارضة برعاية روسية، غير أن سيطرته تعتبر هشة، لان بنود الاتفاق لا تسمح لقواته بالدخول إلى المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل سابقاً.
بيان درعا
وقال الباحث والمحلل السياسي، خليل المقداد، من درعا، إن الرفض الشعبي في درعا لمسرحية الانتخابات، وعدم السماح للنظام بوضع صناديق الاقتراع في مناطق منها، والاغتيالات والفلتان الأمني، كلها أمور تؤشر إلى مدى ضعف سيطرة النظام على الجنوب السوري. وأضاف لـ«القدس العربي» إن النظام يصر على إجراء الانتخابات في درعا، رغم إدراكه لاحتمالية تعرض المراكز الانتخابية لهجمات، لأنه يريد تصدير صورة مغايرة للواقع على الأرض، أي لحسابات لا علاقة لها بالانتخابات المحسومة نتيجتها سلفاً.
وعن بيان فعاليات درعا الرافض للانتخابات، أشار المقداد إلى توقيع غالبية فعاليات المحافظة عليه، ما يعني من وجهة نظره، أن تنظيم مسرحية الانتخابات لن يكون أمراً سهلاً على النظام الذي يريد أن يظهر بمظهر المسيطر على درعا.
ووقع على البيان كل من: لجنة درعا البلد، ومجلس عشيرة درعا، وأعيان مدينة درعا، واللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، وأعيان المنطقة الغربية، وأعيان احرار المنطقة الشرقية، وأعيان وأحرار البدو، وأعيان وأحرار الجولان في درعا، وأعيان وأحرار اللجاة، وأعيان وأحرار مدينة كناكر.
من جانبه، قال عضو «تجمع أحرار حوران» محمد عساكره، ان الانتخابات المقررة الأربعاء، ستقتصر على مناطق محدودة في محافظة درعا وريفها، في المناطق غير المشمولة باتفاق التسوية في العام 2018. وأوضح لـ«القدس العربي» ان مراكز الاقتراع في درعا تقتصر على مدن ازرع والصنمين والشيخ مسكين، وغيرها من المدن التي تتواجد فيها قوات النظام بشكل كثيف.
أفرع أمن النظام تجبر الطلاب والموظفين على الخروج في مسيرات تأييد
وحسب عساكره، لن يشارك في الانتخابات إلا شرائح محدودة من أهالي درعا، من الموظفين وطلاب الجامعات والمعاهد، خوفاً من الإجراءات التي قد يتخذها النظام بحق كل من لم يشارك في الانتخابات. وسبق البيان الأخير، بيانات مماثلة، اصدرها ناشطون تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، وعدم السماح للنظام بفتح مراكز اقتراع داخل المحافظة.
تهديد الطلاب
وفي الاتجاه ذاته، انتشرت في درعا عبارات وملصقات مناهضة للانتخابات، احتوت على شعارات مثل: «لا تنتخبوا ساجن النساء والأطفال» و»لا تنتخبوا من هجر نصف سكان سوريا» و»لا تنتخبوا عميل إيران المدلل» و»لا تنتخبوا صاحب البراميل المتفجرة» «انتخاب الطاغية يعني الموت لابنائكم».
وأجبر النظام السوري موظفي المؤسسات الحكومية وطلاب الجامعات في درعا على الخروج بمسيرات تؤيد الانتخابات الرئاسية وتهتف لبشار الأسد، تحت عقوبة الفصل من الوظيفة أو الجامعة لكل متخلّف عن المسيرة.
الناشط الإعلامي عامر الحوراني قال إن ذلك رافقه انتشار صور وملصقات ورقيّة على جدران المساجد والبلديات والمرافق العامّة في محافظة درعا، خلال شهر أيار الجاري، تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، كما جاء في بلدة مليحة العطش في إحدى الملصقات «لا انتخابات مجرم الشام» و»الحذر لمن يجلب الصندوق إلى البلدة» في حين جاء في إحدى اللافتات التي انتشرت في قرية غصم «العار أطول من الإعمار، ذهابك للانتخابات الصورية وصمة عار عليك وعلى أبنائك».
من جهته، نشر أحد وجهاء مدينة درعا، فيصل أبازيد عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك تعقيباً حول الانتخابات قال فيه «يتصرفون وكأن البلد مزرعة خاصة، حزب البعث يحتجز طلاب جامعة دمشق فرع درعا في البانوراما للمشاركة في لقاء عفوي انتخابي مع تهديد بفصل من يتهرب، مسرحية انتخابات البعث الهزلية».
وقال المتحدث باسم تجمع أحرار حوران «أبو محمود الحوراني» لـ«القدس العربي» إن حشداً من طلاب جامعة دمشق – فرع درعا خرجوا بمسيرات تأييد في البانوراما بمدينة درعا، وبيّن المتحدث أن هذه المسيرات كانت إجبارية حيث «حذّر أحد طلاب الهيئة – الذي يعمل حارساً على أحد أبواب كلية الاقتصاد فرع درعا بالقرب من البانوراما في مدينة درعا – طلاب الجامعة المتواجدين في الحرم الجامعي، وذلك بهدف حشد الطلاب لتنظيم مسيرة موالية لبشار الأسد».
وأضاف «صباح اليوم نقل جميع طلاب المعاهد إلى كلية الاقتصاد في البانوراما بهدف جمع عدد كبير من الطلاب في مسيرة واحدة، وهذه الحركة التي قام بها نظام الأسد ليحاول الظهور أمام المجتمع الدولي بأنه يحظى بقاعدة جماهيرية لدى الشعب السوري، وذلك بأسلوب تشبيحي».
طالب آخر، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، قال تفاجأنا يوم أمس بتحديد أستاذة جامعة درعا موعداً لامتحان عملي لنا يوم الأربعاء القادم 26 أيار، علماً أنه ليس في المقرر لدينا أي امتحانات خلال الأسبوع الحالي، إذ من المفترض أن يكون الامتحان المقرر بعد أسبوعين.
ترهيب ورفض
وفي السياق، قال مصدر خاص في مدينة نوى إن الأفرع الأمنية في المدينة طالبت الحزبيين والموظفين الحكوميين من مدراء ومدرسين في مبنى المدرسة الرابعة المقابل لمبنى الأمن العسكري، باجتماع إجباري، بتوقيع الحاضرين منهم على أوراق تؤيد العملية الانتخابية، بينما هدد الفرع الأمني كل من يتغيب عن الاجتماع بالمساءلة القانونية.
وكان النظام أرغم مؤيديه من رؤساء الدوائر الحكومية والإداريين على الخروج بمسيرة تأييد، يوم الثلاثاء الفائت، في مدينة ازرع، وقال الحوراني إن كل غائب عن المسيرة، يعرّض نفسه للمساءلة الحزبية بعد تفقد تجريه كل دائرة على الموظفين والإداريين التابعين لها.
وشهدت محافظة السويداء، الظاهرة ذاتها، مما يعكس حجم الرفض الشعبي للانتخابات التي يجريها النظام السوري دون الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقبل يومين، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم نظام الأسد إجراءها خلال الأيام المقبلة «باطلة ولا شرعية لها، لأنها تفتقر للمعايير اللازمة، ولا تسمح بالخروج من الأزمة». واعتبرت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آنييس فون دير مول ان هذه الانتخابات تشبه الانتخابات التشريعية التي أجراها النظام العام الماضي، مشيرة إلى أنها «لا تستوفي الشروط وتفتقر للمعايير». وأضافت المسؤولة الفرنسية أنه «بالنسبة لنا هذه الانتخابات باطلة ولا جدوى منها، إنها لا تعطي شرعية سياسية للنظام ولا تؤدي إلى الخروج من الازمة» واكدت جاهزية الاتحاد الأوروبي لدعم انتخابات «حرة ونظامية» في سوريا، وفق معايير القانون الدولي، وتحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها السوريون في الخارج والداخل بالإضافة إلى اللاجئين.
“القدس العربي”