يتابع موقع الرأي نشر تغطيته في القسم الثالث والاخير من الانتخابات الاسدية وفيها اليوم:
“انتخابات” الأسد الرئاسية: “استحقاق دستوري” بائس أم مسخرة سياسية باهتة لا يكفي التشهير بالمروِّجين لها؟: د. محمود الغباش
انتخابات بلا ناخبين: معبد الحسّون
دمشق: إعادة تأهيل رئيس غير مؤهَّل: د.تغريد الحجلي
اليوم التالي لانتخابات الأسدية..: عمر الشيخ ابراهيم
“استحقاق دستوري” بائس أم مسخرة سياسية باهتة لا يكفي التشهير بالمروِّجين لها؟
ينوء السوريون بوطأة أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، تقترن بأزمة صحية. إنهم يواجهون دكتاتورية عصبوية تدعمها قوات احتلال وميليشيات أجنبية. وهم يكابدون أقسى ظروف الحياة في بلد دُمِّرَت فيه المنازلُ والبنى الأساسية بفعل عمليات القصف التي أجراها نظام الأسد وحلفاؤه لقمع الانتفاضة الشعبية التي استُهِّلت بها ثورة الشعب السوري منذ عشر سنوات خلت.
ففي آذار/مارس 2011، تحدّى الشباب السوري طغياناً عمره 50 عاماً، بالتظاهر السلمي الحاشد في جميع أنحاء البلاد. وسرعان ما انضم سوريون من شتى الأعمار إلى تظاهرات الشباب.
وعلى امتداد السنوات العشر التي انقضت منذ انطلاقة الثورة، عمل النظام وحلفاؤه لجعل البلاد أثراً بعد عين بقصفها بأسلحة من شتى الأنواع، منها أسلحة محظورة بموجب الاتفاقيات الدولية. ومن بين هذه الأسلحة أسلحة يتباهى الرئيس الروسي بأن جيشه اختبرها على السوريين العزل وكأنهم مجرد كائنات للتجريب.
هكذا سِيْمَ ملايين من المدنيين العقابَ والحصارَ والتجويعَ والحرمانَ. ومنذ آذار/مارس 2011، فقدت سوريا 000 500 إلى مليون من أبنائها (تفتقر الأرقام إلى الدقة افتقاراً مشؤوماً لكنه ذو دلالة كبيرة – كما سبق أن كتب ميشيل سورا عام 1983 بصدد مجزرة حماة الكبرى).
وتعرَّض مئات الألوف، من جميع الأعمار ومن جميع الفئات الاجتماعية، للاعتقال والتنكيل والتعذيب أثناء الاستجواب ثم زُجَّ بهم في زنازين النظام. إنهم يُسامون سوءَ المعاملة ويعانون أنواعاً من العسف عصيةً على التوصيف.
إن زهاء ربع أهالي سوريا اضطروا إلى النزوح داخل البلاد ولجأ زهاء ربع آخر منهم إلى المنافي ويعيش زهاء نصفهم في ظروف من الشدّة الفائقة.
وفي هذا السياق يستعد النظام لإبقاء بشار الأسد رئيساً له، عن طريق انتخابات صورية يُعتزم إجراؤها يوم الأربعاء الموافق للسادس والعشرين من أيار/مايو 2021.
ويَكُدُّ حُماة نظام الأسد لتقديم هذه المهزلة بمثابة “استحقاق دستوري لا مناص منه” بانتظار ما ستتمخض عنه عملية التملص التسويفي التي اختلقوها (سوتشي، أستانا، اللجنة الدستورية، …)، لتعويق تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بسوريا التنفيذَ السليمَ المتقيَّدَ فيه بالترتيب الصحيح، بل للالتفاف على هذه القرارات.
وإزاء ذلك يكتفي معظم القادحين بنظام الأسد وأصحابه بتحصيل الحاصل إذ يصفون هذا الاستحقاق الدستوري المزعوم بأنه مناورة غير شرعية.
إن اللاشرعية كانت وما زالت هي السمة المميِّزة لنظام الأسد، ابناً عن أب. فقد استولى حافظ الأسد على السلطة عام 1970 بانقلاب على الحكومة التي كان فيها وزيراً للدفاع. وعند موته في عام 2000، جرى على عجلٍ تعديلُ “الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية”، النافذ منذ عام 1973، لخفض الحد الأدنى للسن اللازم بلوغها للترشح لمنصب رئيس الجمهورية من 40 عاماً إلى 34 عاماً، عمر بشار حينها، لتبويئه هذا المنصب. وتلكم كانت ضرورةً محضَ شكلية لتجنُّب انتهاك الدستور على نحو صارخ، لأن أحكام الدستور، من حيث الجوهر، لم تُحترم قط في سوريا منذ عام 1963.
وعندما تعيَّن على نظام الأسد، مرغماً، لكي يتفادى تنفيذ أحكام الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية، والتي تنص على تنحي بشار الأسد لصالح نائب الرئيس وتنظيم انتخابات مبكرة، أن يأمر باعتماد دستور جديد في 26 شباط/فبراير 2012، صِيْغَ هذا الدستور صيغةً تتيح له الترشُّحَ للمنصب الأسمى، عند نهاية ولايته الثانية البالغة 7 سنوات، لفترتين سبعيتين ثالثة ورابعة (في منتصف 2014 ومنتصف 2021)، وحُظِرَ بموجبه الترشُّحُ لهذا المنصب على كل سوري لم يُقِم في سوريا إقامةً مستمرة طيلة السنوات العشر الأخيرة.
وجرت في 3 تموز/يونيو 2014 النسخة الأولى من المسخرة الانتخابية “التعددية” الـمُضفى عليها الطابع المؤسسي على هذا النحو. لقد بلغ عدد المترشِّحين آنذاك 24، قبلت “المحكمة الدستورية العليا” ترشُّح ثلاثة منهم (بشار واثنين من الإمّعات زُكِّيا بمثابة دميتين له فأيَّدهما برلمانُه الخانع). فانتُخب جلاّد دمشق بأكثر من 92٪ من الأصوات “الصحيحة ” (303 192 11).
إن الديمقراطيات الغربية والأطراف الفاعلة العربية والإقليمية القائلة بصداقتها للشعب السوري وصفت تلك الانتخابات بأنها مسرحية هزلية محسومة النتائج مسبقاً. لكنهم تركوا للأسد الحبل على الغارب، على الرغم من سجلّه الإجرامي الحافل منذ ذلك الحين. فظل ممثِّلوه يتبخترون في الهيئات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة ووكالاتها.
وبين عام 2014 وعام 2021 تسنّى لنظام الأسد، بفعل تدخل روسيا بوتين المباشر، توسيع المنطقة التي تسيطر عليها القوات والميليشيات الرديفة التي يستعين بها إلى زهاء 60٪ من أراضي البلاد. وبالدعم السياسي الذي قدمه له حلفاؤه، إذ شجَّعهم على ذلك صمتُ وتغاضي الأطراف المعنية الأخرى، تمكَّن من تعطيل سيرورة الحل السياسي المتفاوَض عليه وفق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بسوريا.
وستتكرر المهزلة في 26 أيار/مايو 2021: بعدد من المترشِّحين بلغ 51، قُبل ترشُّح 3 منهم (بشار واثنين من الإمّعات زُكِّيا بمثابة دميتين له فأيَّدهما برلمانُه الخانع). وستعلن أجهزة النظام عن “إعادة انتخاب” بشار بنسبة من الأصوات “الصحيحة” (التي يتعذر التنبؤ بعددها الذي ستحدده هذه الأجهزة) قد يُتعمد جعلها “مريحة باعتدال” وذلك للإيهام بنزاهة العملية.
كان على الدول التي تقول بصداقتها للشعب السوري في نضاله من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية، وكذلك الأمم المتحدة، أن تذهب إلى أكثر من شجب عدم شرعية “الانتخابات” المعنية فتتخذ مواقف وتدابير من شأنها أن تردع المروِّجين لهذه المهزلة عن تنظيمها مستهينين بالقانون الدولي. وعلى أية حال تقضي المصداقيةُ – إن وُجدت – بأن تتصرف هذه الدول والأمم المتحدة تصرفاً يحول دون تمكُّن نظام الأسد من أن يرسي سلطة له بحكم الأمر الواقع تجرّ المزيد من الخراب والويلات.
فبدلاً من القول بإمكان إصلاح هذا النظام لإطالة عمره، يمكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بقيادة فرنسا وألمانيا، الاضطلاعُ بدور كبير لفرض التطبيق السليم للقانون الدولي فيما يتعلق بسوريا (مقتضيات بيان جنيف 1 لعام 2012 وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها قرارا مجلس الأمن 2118 و2254). ذلكم هو الشرط اللازم لإسهام هذه الأطراف في مساءلة الأسد وزمرته أمام العدالة عما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي إتاحة بناء سوريا وطناً ديمقراطياً مزدهراً ذا سيادة لشعب كريم حر موحَّد.
حقاً إن ما فعلته الأطراف العربية والإقليمية والدولية وما امتنعت أو تقاعست عن فعله وما أعلنته أو أضمرته في الشأن السوري حتى الآن ضمن إطار لعبة المصالح لا يبشِّر بتوجهها إلى تحقيق هذا الشرط، لكن يمكن لقوى الثورة السورية المجيدة وجماهيرها المصرّة على نيل الحرية وإجراء التغيير الديمقراطي – على الرغم من المصاعب والعقبات – أن تلملم جراحها وترص صفوفها على كلمة سواء تُسْمِعُها لهذه الأطراف فتجعلها أكثر مراعاةً لقضية الشعب السوري بمعايير المبادئ وبمقاييس المصالح.
- رئيس تنسيقية باريس للثورة السورية
الرئيس الأسبق للقسم العربي في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
الانتخابات التي يزمع النظام السوري إجراءها خلال هذا الشهر، كما صرح، لا قيمة لها ولا وزن سياسياً في أي حساب أو تصور. لا سورياً داخلياً ولا خارجياً دولياً. إن لهذه الانتخابات من معنى يمكن تفسيره أو تأويله، فهي أنها رسالة من الرسائل الروسية للعالم، وللمجتمع الدولي، بأن الملف السوري المطوي والمؤجل، بل وربما الممنوع من التقدم، ضمن أي حساب، كان كذلك خلال السنوات الفائتة، وسيبقى ـ ربما ـ لفترة طويلة، يصعب تقدير مدياتها، ضمن الحسابات والمعطيات التي يزودها الواقع: سياسياً وعسكرياً وإنسانياً.
يمكن استيعاب جميع الأطراف المراقبة والمهتمة بالملف السوري، بأن النظام (بل وحتى بقية هيكل الدولة السورية)، لم يعد موجوداً إلا كوجود شبحي رمزي، يتحدث باسمه اليوم من يتحدث، ويندد بوجوده من يندد. مع العلم أنه فقد كل قدرة، مهما تضاءل مقدارها، على التغيير في أي اتجاه محتمل. بل لعله فقد القدرة على التحكم والاحتكام حتى بأدواته الوظيفية التي كانت تسمى في وقت سابق، مؤسسات الدولة أو موظفوها أو ما شابه. فتوازن القوى على الأرض بات من الواضح بحيث لا يعطي أي إمكانية لخطأ في مؤشر أو تأويل أو تظنن، أن الأسد وكل الدائرة المحيطة به، قد صاروا، ربما منذ وقت طويل، خارج التأثير. فهم اليوم جزء من حسابات أوزان القوى اللاعبة على الأرض: الروس. الإيرانيين. أمريكا… وليسوا كياناً وازناً مستقلاً بذاته.
هذا ما يجعلنا نتشبث بالنتيجة التي استهللت بها؛ وهي أن ما كان يدعى النظام سابقاً، ما هو اليوم بأبعد من تمثال خزفي يختبئ خلفه كل من شاء أن يتحدث باسم بلد مستقل ذي سيادة نفذ فيها حكم الإعدام. وبهذا المعنى فإننا إذ نتحدث عن انتخابات، إنما نتحدث واقعياً وحرفياً، عن موضعة تمثال الخزف الرث والمتهاوي؛ هل يبقى في موضعه كالمومياء المجمدة، أم يتم تغير الموقع بحسب درجة تغير مواضعة كامل الأطراف والقوى المتدخلة والفاعلة على الأرض.
ومن السهولة القول اليوم إنه حتى غير المختصين في الشأن السياسي، باتوا على خبرة وصواب ووثوقية مطلقة بصحة الاستنباط الذي يجيب عن التساؤل: هذه الانتخابات لماذا، وكيف، وما المغزى منها؟ وبأن الآليات الممكنة والمتاحة للسوريين قبل ما سمي بالانتخابات، هي نفسها سوف تظل متاحة بعد هذه الانتخابات، بالحذافير، ودون نقص أو زيادة.
- كاتب سوري
دمشق: إعادة تأهيل رئيس غير مؤهَّل
النظام السوري الفاقد لسلطة اتخاذ القرار، سيلتزم مجبراً بشرط بقائه مظهراً لسلطة بلا سيادة، حتى تتوافق مصلحة الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط على إنهاء دوره، وهذه حقيقة إستراتيجية يعرفها بشار الأسد العائد على مركبة انتخابات رئاسية لا يجرأ على تخطي حدودها الحمراء.
انتخابات بلا نزاهة، لم تمتلك الشرط القانوني لتنظيمها في بلد تمزقه الصراعات، ويعيش الملايين من شعبه في مخيمات الشتات، لا يتجاوز إجراؤها حدود القصر الرئاسي المعزول في دمشق، فهي لن تكون أكثر من إجراء إداري سيصادق مجلس الشعب بالتنسيق مع المحكمة الدستورية على نتائجها لإلباسها غطاء الشرعية.
المجتمع الدولي رفض مسبقاً الاعتراف بنتائج انتخابات بلا شرعية، فقدت شروط نزاهتها في بيئة غير آمنة، وحرمت فئات الشعب الموزعة في المنافي والمخيمات من المشاركة بها.
عزلة يفرضها النظام السياسي المهزوز حين يعيد بإرادة القوى المهيمنة على سوريا تأهيل نفسه لمرحلة جديدة، عزلة داخلية يفرضها شعب لم يقبل ببقاء عهد قديم، وعزلة دولية عبر عنها مجتمع دولي صادَق على قرار رفض إعادة تأهيل بشار الأسد واجهة حاكمة لروسيا وإيران.
انتخابات لا تستند على دستور جديد، يرتقي بطموح الشعب السوري، يضمن استعادة سيادته وأمنه، وفق ما أقره مجلس الأمن الدولي في قراره المرقم 2254 عام 2015، ستعزل سوريا عن محيطها الإقليمي والعالمي.
روسيا التي رسمت برنامج الانتخابات وآليات إجرائها في نهاية أيار/مايو الجاري، وضمنت نتائجها من قبل، ترى مع إيران أن هذا الموعد هو المخرج الآمن لسوريا، معتبرة موقف الدول الغربية الرافضة لانتخابات بلا مصداقية “تدخلاً غير مسموح في الشؤون الداخلية لسوريا”
ما يجري على أرض الواقع غيّر المعادلة، فالدول اللاعبة في المشهد الراهن تضع مصالحها فوق أي اعتبار، انتزعت مفاتيح القرار السيادي، دون اعتبار لمستقبل وجود الشعب السوري، وستمضي قدماً في إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها، وإعلان فوز بشار الأسد رئيساً لمدة سبع سنوات أخرى، لإضفاء شرعية متجدّدة للتواجد العسكري الروسي والإيراني على الأراضي السورية.
إسرائيل نفسها لم تحسم بعد قرارها برحيل بشار الأسد، فمسألة تغيير النظام السوري لا تقع ضمن أولوياتها، في ظل توافق رؤاها مع الجانب الروسي لإعادة تأهيله في مرحلة مقبلة.
معطيات راهنة أفرزها الواقع السوري، منذ اندلاع ثورة الرفض الشعبي لنظام وراثي، تجرّد الانتخابات المزمع إجراؤها في الأيام المقبلة من أي شرعية تعيد تأهيل سلطة متهاوية خاضعة لإرادة قوى خارجية وجدت فيه غطاء لضمان بقاءها.
بشار الأسد، فقد شرعية بقائه رئيساً في مجتمع ممزق، وهو المطارد بحزمة من عقوبات دولية، ستجره إلى دوائر القضاء الجنائي بما ارتكبه من جرائمه بحق الشعب السوري، وقد فقد ضمن إعادة ترشحه في انتخابات رئاسية، اتخذت قرارها القوى المهيمنة على سوريا.
انتخابات صورية في احتفالية زيف ديمقراطي، لن يشارك بها الشعب السوري الموزع في مدن النزاع ومخيمات اللجوء هنا وهناك في ظل أسوأ وضع إنساني وأمني على الإطلاق.
بيئة غير آمنة، تتقاسمها القوى الدولية والإقليمية والتنظيمات المسلحة، وشعب يعيش تحت طائلة الخوف والقلق والفقر، فئات منه تعاني التشرد في رحلة البحث عن مكان عيش آمن، لن تكون فيها انتخابات إعادة تأهيل نظام بلا شرعية سوى استهتار روسي إيراني بمصير الشعب السوري وتحدٍّ لإرادته في بناء وطن مستقلّ يمتلك مفاتيح سيادته.
- ناشطة سياسية و باحثة في مجال التنمية
اليوم التالي لانتخابات الأسدية..
- عمر الشيخ ابراهيم
دعونا نتّفق بداية أن ما يسميه نظام الأسد وحلفاؤه عملية انتخابية، لا يمت بأي صلة لهذه العملية في أي دولة ديمقراطية يسودها القانون و تؤمن بمبدأ تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، كما أنها لا تستوفي أياً من المعايير المطلوبة والمتعارف عليها دولياً، لذلك علينا ألّا نتوقع أي نتيجة أخرى سوى فوز بشار الأسد بها، بعد مسرحية شكلية يمثل فيها المرشحان الآخران دور الكومبارس، بإخراج سيّئ ومكرر للمخابرات الأسدية.
إن للمجتمع الدولي تأثير كبير ورئيس فيما آلت إليه الأمور في سوريا، كما أن الصراعات الإقليمية والدولية وتعارض المصالح، ساهمت بشكل رئيس في تمكين بشار الأسد من السلطة إلى الآن، وأعتقد أنها ستحدد مصيره مستقبلاً، ولكن هذا لن يحدث قبل أن تحقق الدول الفاعلة مصالحها في سوريا و خارجها، كون الساحة السورية أصبحت إحدى ساحات الصراع التي تتبادل فيها الدول رسائل الدم لتحقيق مصالحها في مناطق أخرى وملفات مغايرة، وأظن أن استشراف اتجاه الموقف الدولي من النظام و القضية السورية يتوقّف بشكل كبير على الإجابة عن سؤال مركزي: كيف يمكن تحييد القوى الدولية من التدخل سلباً في سوريا وحماية النظام؟ أعتقد أن السوريين في هذه المرحلة لا يملكون آليات ناجعة وبنّاءة لتحييد الدعم الدولي للنظام و تغيير الموقف السلبي غير الفعال إزاء الثورة والمعارضة، كما أن الخيارات محدودة بالنسبة لحاضنة الثورة في ظل تشرذم وتعدد المعارضات و ارتهان معظمها للقرار الخارجي، و سيطرة قوى أمر واقع على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وجميع هذه السلطات رأسها خارج حدود الوطن، وجسدها داخله.
كل ما سبق، وكل تفصيلات ومآلات الانعطافات الكبيرة التي مرّت بها الثورة السورية، يدعونا للتفكير والعمل من أجل اليوم التالي لانتخابات الأسدية..
فلاريب أننا نحتاج إلى عمل تراكمي منظم ومخطط له، يعمل على ترسيخ فكرة وطنية مقبولة من غالبية السوريين، يتبنونها ويلتفون حولها لتشكيل قوى جديدة مستقلة بقرارها، و لديها أهداف نابعة من حاجة المجتمع، وتعبّر عن طموحاته، وتحفظ له حقوقه، فربما تكون هذه القوى المجتمعية مصدر جذب لشرائح واسعة كانت مهمّشة و محيّدة طوال الفترة الماضية، لتقول كلمتها، وتنتج أدواتها المناسبة لإحداث التغيير المنشود نحو دولة ديمقراطية يسودها العدل والمساواة.
- صحافي