تشهد محافظة درعا جنوب سوريا، انتشاراً ورواجاً واسعاً للمواد المخدرة، بتسهيل من قوات النظام السوري عبر حواجزها العسكرية، في الوقت الذي هددت فيه فصائل مسلحة في المحافظة تجار هذه المواد لإجبارهم على التراجع عن عمليات الترويج لها، عبر ملصقات ورقية نشرت على جدران معظم مدن وبلدات درعا.
يجري ذلك وسط تصاعد النشاط العسكري لقوات النظام السوري شمال غربي سوريا، وتحديدًا في جبل الزاوية وتمثل بقصف صاروخي ومدفعي، حيث أرجع مراقبون تصاعد عمليات القصف على الجبل لسببين، أبرزهما ان النظام يبحث عن نصر رمزي بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن الأهمية البالغة التي يتمتع بها جبل الزاوية الواقع جنوب الطريق الدولي M4 في محافظة إدلب، حيث يطل على طريقي M4 وM5 الدوليين، بالإضافة إلى إشرافه على مدن رئيسية وهي: جسر الشغور وأريحا ومعرة النعمان.
تجدد القصف
وقالت مصادر محلية ان قوات النظام السوري جددت قصفها الصاروخي والمدفعي على أرياف إدلب وحماة واللاذقية شمال غربي سوريا، ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن قوات النظام استهدفت بأكثر من 95 قذيفة صاروخية ومدفعية منذ صباح الأحد، مستهدفاً مناطق في مشون واحسم وبلشون والفطيرة وفليفل وبينين ومحيط البارة وكنصفرة في ريف إدلب الجنوبي، والزيارة بـسهل الغـاب شـمال غـربي حماة، وكبانة في جبل الأكراد شمالي اللاذقية.
حملة اعتقالات في محافظة درعا بعد اغتيال مسؤول محلي
وخلّف القصف على بلدات مشون واحسم والزيارة خسائر بشرية ومادية، حيث قتل عنصر وجرح آخر من فصائل المعارضة في مشون واحسم، كما تسبب القصف المكثف على بلدة «الزيارة» باندلاع حرائق في محاصيل زراعية، بعدما سقط عليها أكثر من 40 قذيفة.
وكان المرصد السوري قد رصد أول أمس أيضاً، قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام البرية على قرية أرنبا في ريف إدلب الجنوبي، مما أسفر عن إصابة شخص وطفلة، وتزامن ذلك مع استهداف قُرى وبلدات سرجة ومعربليت والفطيرة في ريف إدلب الجنوبي.
المعارض السياسي درويش خليفة، لم يستبعد أن يكثف النظام محاولاته لقضم بعض قرى وبلدات إدلب، لا سيما مع حديث الروس حلفاء الأسد عن جولة جديدة تضاف لجولات أستانا العسكرية، بهدف تركيز المفاوضات على عودة الهدوء مقابل تنازلات في ملفات أخرى.
وأضاف لـ«القدس العربي» «على ما يبدو، وبعد بقاء الأسد على كرسي الحكم لفترة جديدة، وكذلك فشله في زعزعة الاستقرار في منبج (بوابة شرق الفرات) مازالت محاولات جيش الأسد مستمرة من أجل تحقيق نصر رمزي أمام مؤيديه، وما نشهده في الأيام القليلة الماضية من خلال خرق اتفاق الهدنة في إدلب بين الحين والآخر، هو خير دليل، ولا سيما القصف المتقطع على مناطق جبل الزاوية».
وفي رأي المتحدث فإنه لا يمكن فصل ما حصـل في القامـشلي قبل الانتـخابات الأخيرة بأيام وخسـارة النـظام لأحـياء طي- حليكو، لصـالح قوات «قسد» ذات الاغلبية الكردية. ويجب ألا نغفل الصفعة التي تلقاها النـظام من ثوار حـوران في يوم الانتـخـابات الرئـاسية ومنـعهم من وضـع صــناديق انتخـابية في المراكز المخصـصة.
وأضاف «ما أود توضيحه أن ضم النظام لأي منطقة ستكون عبئاً يضاف إلى اعبائه الاقتصادية والأمنية، ولكن العقلية التي يتصرف بموجبها النظام وحلفاؤه، لا توفر أي فرصة لتسجيل نقاط في مرمى المجتمع الدولي الذي طالما طالبهم بوقف شامل لإطلاق النار. والتصرف بعنترية قبل اجتماع مجلس الأمن للتصويت على التمديد لإدخال المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى الحدودي المسيطر عليه من قبل المعارضة المسلحة».
وانتقالا إلى الجنوب السوري، فقد اقتحمت عناصر تابعة لفرع الأمن العسكري منازل المدنيين في بلدة عتمان شمالي مدينة درعا فجر الأحد واعتقلت 9 أشخاص، كما أطلقت النار بشكل عشوائي وسط توتر يسود اـلبلدة.
المتحدث باسم تجمع أحرار حوران «أبو محمود الحوراني» قال لـ«القدس العربي» إن عمليات الدهم والاعتقال، جاءت غداة اغتيال رئيس المجلس البلدي لبلدة عتمان، فيصل إسماعيل عللوه، إثر استهدافه بطلق ناري مما أسفر عن مقتله على الفور، وذلك على خلفية مشاركته في الانتخابات الرئاسية لصالح بشار الأسد، والتي أجراها النظام السوري يوم الـ 26 مايو /أيار/ الفائت، حيث فرضت قوات الأمن العسكري حظر تجوال في البلدة نشرت قواتها وعددا من الحواجز على الطرق الرئيسية.
انتشار واسع للمواد المخدرة
في غضون ذلك، قال الناشط الإعلامي عامر الحوراني إن محافظة درعا تشهد انتشاراً واسعاً للمواد المخدرة، ورواجاً كبيراً ضمن فئة الشباب، وسط تنافس قوات الأمن العسكري في درعا مع عصابات المخدرات على هذه التجارة الرائجة.
وقال المتحدث لـ «القدس العربي أن النظام السوري وأفرعه يسعون إلى نسف هذه الفئة المستهدفة والقضاء عليها فكرياً ومعنوياً، وذلك عن طريق تسهيل إدخال المخدرات عبر الحواجز العسكرية وبيعها بمبالغ ضئيلة تكاد لا تذكر، وبتنفيذ مجموعات مـحلية مـسلحة تعـمل لصـالـحه.
وكانت قوات الأمن العسكري في درعا قد قتلت نهاية الأسبوع الفائت أحد المتهمين بالترويج للمخدرات وبيعها «أمين رجا الشريف» بعد مداهمة منزله قرب مخفر الشرطة في بلدة نصيب جنوب شرق درعا. وقال الحوراني، إن «مجموعة الأمن العسكري التي يتزعمها القيادي عماد أبو زريق تعمل بالتنسيق مع ابن عمه غسان على تجارة المخدرات ونقل الشحنات التي تقل المواد المخدرة والحشيش إلى الحدود الأردنية لصالح شعبة المخابرات العسكرية التي يديرها العميد لؤي العلي.
وعلى ضوء ما تقدم، أمهلت مجموعات تطلق على نفسها «ثوار الجنوب» في محافظـة درعا، تجار الـمخدرات للتراجع عن عمـليات بيعهـا وترويجـها في المـحافظة، وذلك عن طريق ملصقات ورقية تم وضعها على جدران معظم مدن وبلدات المـحافظة.
وجاء في البيان «رسالة إلى كل مفسد ونخص بالذكر تجار المخدرات الذين عاثوا في الأرض فساداً، فلتعلموا أن سكوتنا عنكم ليس ضعفاً بالعمليات الأمنية، ولا حسباناً لأي عشيرة تحتمون بها، ولا لأي قرية أو بلدة أو مدينة تحسبونها تحت ظل النظام المجرم، وإياكم التمادي في خراب الجيل، فلن نسمح لكم بتسهيل الطريق للمشروع الإيراني الذي هو السبب في نشر المخدرات في المنطقة» في إشارة منهم إلى الدور الإيراني وميليشياته العسكرية في القضاء على جيل الشباب ونشر الممنوعات في المحافظة».
وحمّل البيان المسؤولية في انتشار ظاهرة المخدرات للنظام الذي «سهّل الطريق لتجار المخدرات ومروجيه وغض النظر عنهم». وكان الجيش الأردني قد أعلن مراراً عن ضبط محاولات لتهريب المخدرات والممنوعات إلى المملكة، حيث تم ضبط الملايين من حبوب الكبتاغون المخدرة، وعدد من الذخائر والأسلحة، قادمة من الأراضي السورية.
“القدس العربي”