بغداد ـ علي البغدادي
المستقبل –
بدأت ملامح مشروع المصالحة الوطنية في العراق تظهر الى العلن بعدما كشفت مؤسسة تابعة للحكومة العراقية عن استعداد فصائل "أهل الحق"، والتي يُعتقد أنها مسؤولة عن اختطاف الخبراء البريطانيين، لإلقاء سلاحها في خطوة عملية أولى على طريق دمج الجماعات المسلحة في الحياة السياسية على الرغم من وجود توافق بين بعض القوى السياسية وخصوصاً الشيعية على استبعاد المصالحة مع "حزب البعث" المنحل وهو ما تجسد في اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء العراقي السابق ابراهيم الجعفري والرجل الثاني في المجلس الأعلى السيد عمار الحكيم.
فقد كشفت لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية التابعة لرئاسة الوزراء أن "الحكومة العراقية تجري حوارات في إطار المصالحة الوطنية مع كل من يؤمن بالعملية السياسية وشروطها ضمن الدستور العراقي والقوانين ويتخلى عن العنف وحمل السلاح".
وقالت في بيان صحافي أمس إن "من المجاميع التي شملتها الحوارات "عصائب أهل الحق" التي أبدت استعدادها للانخراط في العملية السياسية ودعم جهود الحكومة الوطنية في فرض سيادة القانون لتتحقق السيادة الكاملة بخروج القوات الأميركية وتسلم القوات العراقية كامل مهامها في الأمن وحماية السيادة العراقية".
مصدر سياسي أكد لـ"المستقبل" أن هناك اعتقاداً بأن فصيل "عصائب أهل الحق" هو الذي يحتجز الخبراء البريطانيين الذين اختطفوا قبل عامين، وأن الحوارات معه تمت من أجل إطلاق سراح المختطفين وفق صفقة سياسية يتم على أساسها إطلاق سراح معتقلين من اتباع "التيار الصدري" وبينهم ليث الخزعلي شقيق قيس الخزعلي زعيم الفصيل الشيعي المنشق عن "التيار الصدري".
ولفت المصدر الى أن "الحوارات التي أجراها بعض المسؤولين العراقيين مع"عصائب أهل الحق" شملت أيضاً إمكانية إطلاق سراح القيادي في "حزب الله" المعتقل في العراق علي دقدوق كأحد الشروط في حال إطلاق الخبراء البريطانيين".
وفي سياق متصل، ناقش الجعفري والحكيم أول من أمس مسألة المصالحة الوطنية مع البعثيين. وقال بيان صدر أمس عن المكتب الإعلامي للجعفري أمس إن "الجانبان استعرضا مجمل العملية السياسية منذ بداية التجربة وتطوراتها إضافة الى التحديات التي واجهتها وكيفية تكثيف الجهود من أجل توجيهها لتحقيق نتائج أفضل مستفيدين مما أفرزته التجارب السابقة بعد الوقوف على نقاط القوة والضعف فيها"، مشيراً الى أنه "تمت مناقشة موضوع المصالحة الوطنية مع البعثيين".
ونقل البيان عن الجعفري قوله إن "حزب البعث مرفوض فكراً ونمطاً وأداء بعدما عانى الشعب العراقي من سياسته الإجرامية والتعسفية، وهذا ما نصت عليه المادة السابعة في الدستور والتي تحرم أي حزب من أن يعمل بصبغة عنصرية وضربت مثال "حزب البعث" على ذلك".
بدوره، أكد الحكيم أن "العراق منفتح على جميع المواطنين ولكن في الوقت نفسه يجب التمييز بين البعثيين كأشخاص وبين "البعث" كتنظيم وفكر، ومن الضروري إحالة المسيء الذي تلطخت يداه بدماء العراقيين الى العدالة ليأخذ جزاءه العادل واحتضان من أجبر على الانضمام اليه".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي دعا في وقت سابق العراقيين المعارضين للعودة إلى العراق وتفعيل المصالحة الوطنية شاملاً بدعوته الأطراف السياسية كلها، وهو ما فسر وقتها على أنها دعوة تشمل "حزب البعث" ما أثار ردود أفعال مختلفة بين مؤيد ومعارض، لكن مكتبه أصدر بياناً أعلن فيه أنه لا يمكن لحزب البعث أن يكون شريكاً في العملية السياسية.
أمنياً، قتل 7 أشخاص بينهم 4 عناصر من الشرطة أحدهم ضابط برتبة مقدم، وأصيب 18 آخرون بينهم تسعة من عناصر الشرطة، إثنان منهم ضابطان برتبة ملازم أول بهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة استهدف مقرّ الفوج الثالث للشرطة العراقية في منطقة المحطة جنوب مدينة الموصل.
وفي مدينة الفلوجة، أصيب ثلاثة من عناصر الشرطة بجروح بانفجار عبوة ناسفة لاصقة بسيارة تابعة لمديرية شرطة الفلوجة شرق المدينة.
وأعلنت الشرطة العراقية أمس الثلاثاء اعتقال أربعة من عناصر تنظيم "القاعدة" ثلاثة منهم في الفلوجة والرابع في الضلوعية (75 كلم شمال بغداد).
الى ذلك، أنهت القوات البريطانية أمس رسمياً وجودها في العراق خلال احتفال أقيم في البصرة، واضعة بذلك حداً لانتشار قواتها القتالية بعد ست سنوات من اجتياح العراق.
وبدأ الاحتفال بعيد الظهر بإنزال علم البحرية الملكية البريطانية في مطار البصرة حيث كان يتمركز نحو 4100 عسكري بحضور ضباط بريطانيين وعراقيين وأميركيين وخصوصاً قائد قوات التحالف في العراق الجنرال راي اوديرنو.
ويمثل هؤلاء الجنود ما تبقى من القوات البريطانية، الحليف الأكبر للقوات الأميركية ضمن قوات التحالف خلال اجتياح العراق عام 2003.
وحضر الاحتفال من الطرف العراقي، معاون رئيس أركان الجيش الفريق الركن نصير العبادي، بالإضافة الى قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان.
وقال العبادي "نشكر البريطانيين على جهودهم في تحويل البصرة الى مكان آمن، وندين لهم بالكثير، لأنهم قدموا شهداء وساعدونا في طرد الإرهاب".
من جهته، قال اوديرنو "أشيد بدور البريطانيين وتفانيهم في العمل خلال السنوات الماضية والإنجازات التي حققوها من خلال التضحيات". وأضاف أن عملية التسليم تؤكد قوة الروابط بين الأميركيين والبريطانيين وسوف نقف صفاً واحداً لمحاربة الأعداء.
بدوره، قال رئيس هيئة أركان الجيش البريطاني الجنرال جاك ستيروب إن "هذا الحدث يمثل بداية جديدة لعصر جديد بانتقال السلطة من البريطانيين الى الأميركيين". وأضاف "يجب علينا أن نتذكر التضحيات والجهود الكبيرة للجنود الذين جاؤوا من مكان بعيد لحماية العراق". وختم "نشكر العراقيين الذين تحلوا بالشجاعة والثقة ولولا جهودهم لما وصلنا الى هنا اليوم".