الكاتب: Richard Marcus
في قلب قصة هذا الفيلم نرى عائلة خان من حي جاكسون هايتس في كوينز نيويورك ونرى الأم خالة خان وهي مهاجرة من باكستان تركها زوجها مع ابنتين سام ومريم.
مع بدءِ الفيلم تنضم للفتاتين المولودتين في أمريكا قريبتهما الباكستانية أميرة، وهي جديدة تماماً على المجتمع الأميركي وعاداته وثقافته. جاءت أميرة إلى أميركا وفي رأسها هدف محدد وهو أن تجد طبيباً باكستانياً-أميركياً لتتزوجه، وبينما تشكّلُ قصة أميرة ثلث الفيلم إلا أنها أيضاً المحور الذي يدورُ حوله الفيلم.
ويساعد حلمها، بالزواج من طبيب أميركي لتأمين مستقبلها، في إبرازِ الاختلافات بينها وبين قريبتيها المولودتين في أميركا. سام شابة محترفة تسعى بجهد لتنجح ولتخلق مستقبلاً مهنياً ناجحاً ولا تهتم بالزواج أدنى اهتمام. أما الأخت الأصغر مريم فهي طالبة طب في سنتها التمهيدية، تمتلك القدر ذاته من الحماس. بيد أنها، على النقيض من سام، أكثر تقليدية وترتدي حجاباً وتحرص على تناول اللحوم الحلال. والأمر المشترك بين الشقيقتين أنه ليس لدى أي منهما أي طموح بالزواج. قد يكون لدى والدتهم مخططات لترتيب مواعيد مع رجال تعتبرهم مناسبين، كطبيب ألماني/باكستاني جميل من أجل سام، بيد أنها لا تضغط عليهما.
أكثر من مجرد فيلم رومانسي كوميدي آخر
وهكذا سخّرت خالة مهاراتها في التوفيق وتدبير المواعيد من أجل إيجاد زوج لأميرة. وهذا يتضمّن البحث في قسم الزواج في صحيفة Urdu Times المحلية- والذي يتضّحُ أنه أمر مخيب للآمال: “ينشر كل هؤلاء الرجال الذين يبلغون الخمسين من عمرهم صوراً لهم وهم في سن الثامنة عشرة حين كانوا يملكون شعراً”، كما تشتكي أميرة. بيد أنّ التعارف عن طريق منصة التعارف “Halal Speed Dating” كان أسوأ بكثير، إذ تبين أنه مبتذل كما يبدو من الاسم.
بيد أنّ فيلم أميريكانيش “American*ish” ليس مجرد فيلم رومانسي كوميدي آخر. فبينما يحتوي على العديد من الصفات التي تمتاز بها أفلام هذا النوع؛ كالعثور على الحب في أماكن غير متوقعة، أو الاختيار بين ما يريده القلب وبين ما يُعتبرُ مناسباً، أو بين المهنة والزواج؛ إلا أنه يصل أيضاً إلى منطقة سياسية اجتماعية أعمق من أفلام أخرى ذات طابع مماثل.
كبداية، لدينا حقيقة أن أحداث الفيلم تتمحور حول عائلة أميركية باكستانية مسلمة. متى رأينا فيلماً أميركياً رائجاً تدور أحداثه في هذا المجتمع؟
وثانياً، كم عدد الأفلام التي أظهرت التنوع الفكري وتعدد الآراء ليس ضمن الجالية الباكستانية-الأميركية فحسب، بل في أوساط المسلمين الأميركيين ككل؟
فلنواجه الأمر، معظم قنوات التلفزيون والأفلام الأميركية السائدة تُظهِرُ مجتمع المهاجرين المسلمين على أنهم مجموعة متجانسة ذات وعي جماعي. وسواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، فهذه هي الصورة التي يتم تغذيتنا بها يومياً، مما يؤدي إلى تشكيل الصور النمطية، وإلى عنصرية ممنهجة في نهاية المطاف.
والتمثيل الذي نشاهده على الشاشات مهم. فما نراه على التلفاز أو في السينما، سواء أحببنا ذلك أم لا، يشكّلُ تصوراتنا عن الحياة والناس من حولنا.
ووفقاً لتقرير بعنوان “Missing and Maligned (غائبون ومُفترى عليهم)”، والذي فحص 200 فيلم من أكثر الأفلام شعبية التي صدرت بين عامي 2017 و2019، فإن الأمر لا يقتصر على أن المسلمين ممثّلين بشكل قليل للغاية على الشاشة فحسب، بل أيضاً أنهم غالباً ما يُقدّمون بصورة سلبية.
ومما يزيد من حدة المشكلة، حقيقة أن أغلب الشخصيات المسلمة في هذه الأفلام هي من “الأشرار”، وليس ذلك فحسب، بل أيضاً غالبيتهم من الرجال. إذ أنّ ما يقارب من 80% من جميع أدوار الشاشة تعود لرجال بشكل صريح، يحملون سلاحاً ويصرخون غالباً. ألا توجد نساء؟
“قنطرة”