بجسمه النحيل وشعره الأبيض لم يحتمل قلب جمال عشقه للحرية . لا يعتني بالحديث إلا ما كان يسميه ثقافة الحياة .
يكره كثيراً كلمات المواجهة ، الممانعة ، الصمود والتصدي ، وتعابير البطولة الزائفة ، وشارات النصر بين الركام والرماد والقرى المدمرة ، يسميها جميعها شارات الموت .
هو من جاءنا يوماً فرحاً بقصاصة ورق من جريدة رسمية ، تحمل قصيدة محمود درويش : هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق ، ونرى دمنا على أيدينا كي نعرف أننا لسنا استثناء ……..
كان يضحك ويقول : لا يعرفون معناها . كان معجباً جداً بالعبارة التي كتبت على شاهدة قبر محمود درويش (يوجد على هذه الأرض ما يستحق الحياة ) . ويعتبر هذه الجملة ثقافة حياة في مواجهة ثقافة الموت .
قبل أكثر من عام ، دخل السجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب مداخلة له في المركز الثقافي بدرعا . تحدث فيها عن ثقافة الحياة في محاضرة بعنوان ثقافة المقاومة .
من يعرف حساسية ورقة جمال ، يعرف أن قلبه لا يحتمل ظلمة السجون وعبودية الحياة . توقف قلب جمال ، ترجل الصديق ، الفارس البعيد عن الضجة والادعاء .
تمنيت أيها الوطني الجميل ، والديمقراطي الصامت ، لو أن شاعرك محمود درويش يرثيك الآن .
اذهب يا صديقي ربما أنت ودرويش ترثيان لحالنا ، نحن الأحياء .