حمل انتخاب باراك أوباما كأول مرشح ديموقراطي أسود يصل الى الرئاسة الأولى في الولايات المتحدة رسالة مهمة الى المجتمع الإسرائيلي الذي يشبه الى حد بعيد في تركيبته المجتمع الأميركي كمجتمع مهاجرين يتكون من أعراق ومن قوميات مختلفة، مفادها أن "الحلم" بالمساواة والعدالة بين أبناء المجتمع الواحد وبصورة خاصة لأبناء العرق الأسود أمر ممكن التحقيق. ففوز أوباما أثار تساؤلات قديمة تعصف بالمجتمع الإسرائيلي حول تساوي الفرص بين أبناء المجتمع الواحد رغم اختلاف لونهم وقوميتهم. فالمجتمع الإسرائيلي رغم تبجحه بديموقراطيته مجتمع يقوم على التفرقة والتمييز العنصريين بين اليهود والعرب من سكان اسرائيل وبين اليهود أنفسهم من الأشكيناز البيض مهاجري أوروبا و مؤسسي الدولة و"روادها الأوائل" واليهود الشرقيين من الدول العربية ومن القارة الأفريقية من السود الذين ظلوا أسرى تمييز عرقي وطبقي حوّلهم الى عمال وأصحاب مهن وضيعة من "الياقات الزرق" الذين مهما فعلوا لن يستطيعوا اختراق سقف التمييز العنصري في اسرائيل.
تحقق حلم أوباما في أميركا دفع الكثيرين في اسرائيل الى التساؤل عن احتمال تحقق هذا الحلم أيضاً في بلادهم. في صحيفة "هآرتس" كتب المؤرخ توم سيغيف: "في التاريخ الأميركي هناك فصول مظلمة. لكن الأميركيين أثبتوا هذا الأسبوع أن بالامكان تغيير الأمور وأنا أقدر هذه القدرة لديهم أكثر من أي امر آخر. وما أحبه بشكل خاص قدرتهم على العودة مجدداً الى حلمهم الذي بث الروح من جديد في العالم بأسره كما في اسرائيل… نحن نتماهى بأميركا ليس لأنها تموّلنا و لوجود أكبر جالية يهودية هناك؛ وانما لأننا نشبه الأميركيين فقد جئنا من مئة دولة واحتللنا أرض اسرائيل بإسم حلم مشترك، ومثل الأميركيين نؤمن بالفرد وبالتعددية الثقافية. لكنهم يتقدمون علينا في كل شيء وربما في يوم من الأيام سيكون لينا رئيس يمثل "المختلفين" في اسرائيل".
برأي يوسي نافيه الأستاذ في جامعة بن غوريون والمحاضر في معهد فان لير الانتخابات الأميركية شكلت تحدياً لكل المجتمعات التي لا تزال تعاني من النظرة العنصرية والتفرقة على أساس اللون بين مواطنيها بما فيها اسرائيل. وعلى الرغم من ان فوز أوباما لا يعني نهاية التمييز العنصري في أميركا لكن هذا الفوز "فتح نافذة خاصة قد لا تتكرر في السياسة الأميركية". ويعترف الكاتب أنه رغم تطور النموذج الاسرائيلي فهو لا يزال بعيداً عن تحقيق الحلم بالمساواة الذي حققه أوباما، ويضيف: "لكن هناك ما هو أسوأ من ذلك هو ميل المجتمع الاسرائيلي الى انكار التمييز العنصري وتشبثه بأن لا قيمة للجنس او للون وانما المهم الأفعال. ولكنه من جهة أخرى يواصل التمييز بين أبنائه."
في صحيفة "معاريف" اعتبر كوبي أرييل فوز أوباما رسالة أمل الى كل ابناء الأقليات في اسرائيل من الشرقيين و الحريديم (المتدينين المتشددين) والمهاجرين والعرب الاسرائيليين، وأعاد الاعتبار من جديد الى العرق الأسود. أما عوفر شاليح فاعتبر ان اوباما غيّر العالم ليس لكونه الرئيس الأسود الأول لأميركا وانما لأنه نشأ خارجها ولأن تراثه هو مزيج من المتناقضات – الأبيض والأسود الأميركي والأجنبي وخصوصية فردية مميزة. وأضاف: "لقد تغير العالم أمس ليس لأنه ثبت امكان الانتصار على التفرقة العنصرية وعلى الحقد و الخوف وانما تغير لأن الرجل الأقوى والأكثر نفوذاً رمزياً و عملياً هو شخصية أميركية جداً وغير أميركية".
"النهار"