سؤال يوجّهه لي العديد من إخوتي السوريين على أساس أنني مقيم في هذا الغرب منذ عقود، والسبب الآخر لأنني مسيحي المولد. وهذا برأيهم قد يساعدني على فكّ رموز وطلاسم هذا المجتمع السهل ” الممتنع ” بالنسبة لهم.
الجواب برأيي، وبكل بساطة وشفافية هو … أنه طالما ننادي الغرب بالغرب المسيحي، فهو لن يردّ ولن يستجيب ويتفاعل.
فعندما أناديك باسم أنت لا تعتبره اسمك، أو لا تحبّ أن يناديك به الناس، فستعتبر ذلك إهانة لك، ولن تسمع ولن تجيب.
تاريخياً، الغرب مسيحيّ، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد منهم، ولكنه تاريخ يخافونه، وقد كلّفهم الكثير، وهم ليسوا فخورين به، كما يعتقد العديد منّا.
فعلى صعيد المثال، ومن تجاربي الشخصية في هذا البلد ( فرنسا )، أذكر أنه، وفي كل مرّة تصاعد الغضب الشعبي هنا ( الشارع الأوروبي )، ضد التصرفات والظلم والتجاوزات العنصرية للكيان الصهيوني الغاصب ضد أهلنا من الفلسطينيين، كان يخرج علينا الرفيق المجاهد “أحمدي نجاد”، ومن خلفه آيات الله، بخطاباته الناريّة ووعيده بحرق اليهود ورميهم بالبحر !
خطابات تتناقلها إذاعات العالم وشاشاته، لتظهر مدى عدائنا لإسرائيل ( اليهودية ) وليس لإسرائيل ( الصهيونية )، محوّلاً بذلك قضية فلسطين إلى صراع بين اليهود والمسلمين، فيعود الشارع الأوروبي إلى الهدوء قائلاً في نفسه: قد يكون هؤلاء الإسرائيليون ( اليهود ) على حقّ في الدفاع عن أنفسهم أمام هؤلاء المتطرفين المجانين (الإرهابيين ) من المسلمين؟
وبالنهاية.. نرى بسطاءنا الذين لاحول ولا قوة لهم، يصفّقون ويهتاجون ويهتفون لصديقهم ( الخلّبي ) النجادي، وبسطاء أوروبا والعالم الغربي القادرين على التأثير في سياسات حكوماتهم تُلجم أفواههم، ويهدؤون، وينأَون بأنفسهم عن التدخل، وتستمر الزعبرة، ويختلط الحابل بالنابل بين ظاهر وباطن، وتتراكم فواتير الظلم والقهر والدماء.
الغرب وأهله يخافون الدين، ويعرفون أن خلطه بالسياسة وحكم المجتمعات خلطة شيطانية متفجرة وخطيرة وهدّامة.. مستنقع أوحال ينأون بأنفسهم عن الغوص فيه، لذا، فتقديم وعرض محرقتنا للعالم الغربي على أنها مظلوميات دينية، هو من يمنع الغرب من التعاطف معنا، وسماع شكوانا وآلامنا.
إخوتي، مظلوميتنا الوحيدة هي مظلومية إنسانية.. شعب يبحث عن حقه في الحرية والكرامة الإنسانية … ولا شيء آخر.
مسا الحبايب خير ونور … وعي ، وعي وعي … بعقل قلب وضمير
كاتب سوري