عاودت سفارة الولايات المتحدة في دمشق، نشر رسائل موجهة إلى النظامين السوري والروسي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تهددهما وتتوعد بالمحاسبة، على خلفية المجازر والانتهاكات الكبيرة في سوريا، بالتزامن مع الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة السورية، تحت الوسم الذي أطلقت عليه السفارة وسم «#شهر_المحاسبة» منذ مطلع مارس/آذار الحالي.
ونشرت السفارة سلسة من التغريدات على معرفاتها الرسمية منذ بداية الشهر الجاري، كان آخرها الاثنين، قالت فيها «تدعم الولايات المتحدة الهيئات متعددة الأطراف التي تركز على المساءلة عن الفظائع والانتهاكات في سوريا، بما في ذلك لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وآلية الأمم المتحدة الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سوريا».
تزامناً مع الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة السورية
وتابعت «دعمت روسيا لسنوات حملة عسكرية في سوريا أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتدمير المدن وتشريد الملايين، تشير التقارير إلى أن روسيا ربما تستخدم تكتيكات مماثلة في أوكرانيا. حيثما توجد جرائم، يجب أن يكون هناك مساءلة. وكانت سفارة الولايات المتحدة في دمشق قد نشرت قبل أيام، عبر معرفاتها منشوراً نقلته عن مكتب العدالة الجنائية العالمية في وزارة الخارجية قالت فيه «منذ انتفاضة 2011 في سوريا، شملت حملة العنف التي يشنها نظام الأسد الاغتصاب وأشكالاً أخرى من العنف الجنسي والتعذيب والقتل والاختفاء القسري». مبينةً أن «بعض هذه الفظائع تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». وأضاف في منشور آخر «تدعم الولايات المتحدة المدافعين السوريين عن حقوق الإنسان وشركاءهم الدوليين في توثيقهم للانتهاكات والتجاوزات وتعزيز محاسبة المسؤولين عن الفظائع».
ولتفسير الرسائل الأمريكية الموجهة إلى النظامين السوري والروسي، والتهديد الذي يوجهه المسؤولون الأمريكيون، الذين ينشطون بالفعل منذ بداية شهر مارس /آذار ويتوعدون النظام السوري عقاباً على جرائمه، حيث يتزامن ذلك مع الذكرى الحادية عشرة للثورة السورية، ويتزامن مع التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا، والمأزق الذي وقعت به القوات الروسية نتيجة صمود الجيش الأوكراني ودعمه شعبياً وغريباً. يقول الخبير في الشؤون السورية – الروسية، البروفيسور محمود حمزة من موسكو، «قد تكون أمريكا تريد أن تتناول الملف الروسي في سوريا» معتبراً ذلك – إن حدث رغم استبعاده – «فرصة تاريخية لأمريكا وفرصة تاريخية لمساعدة الشعب السوري». وقال الخبير السياسي في حديث مع «القدس العربي»: «ما فعلته روسيا في سوريا جرائم ضخمة جداً، وهي سبب بقاء النظام المجرم في سوريا، ثم ذهبت الآن إلى أوكرانيا لتنصب هناك نظام شمولي على مقاسها كما فعلت في بلاروسيا، فأمريكا لديها فرصة».
واستدرك المتحدث بالقول «لست واثقاً من وجود إرادة أمريكية في استخدام هذه الورقة القوية وفي مثل هذا الظرف الحساس، وتعاقب نظام الأسد الذي ارتكب جرائم بما فيها جرائم ضد الإنسانية واستخدم أسلحة دمار شامل، وهذا كافٍ لمحاسبته ومعاقبته وتوجيه أشد العقوبات إليه حسب القانون الدولي».
وحول رسالة المسؤولين الأمريكيين المراد توجيهها إلى النظامين السوري والروسي، أعرب الخبير في الشؤون الروسية – السورية، عن اعتقاده بأن الحديث عن مساءلة روسيا أو النظام، قد تكون رسالة لروسيا مفادها أننا «قادرون على أن نفتح ملفات كثيرة، ونغرق روسيا في أكثر من مستنقع، من السوري إلى الأوكراني وغير ذلك». لكن تقديم خدمة أمريكية للشعب السوري، أمر مستبعد بالنسبة لمدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني الذي استند إلى محادثات جمعته مؤخراً مع مسؤولين في الخارجية الأمريكية، حيث اعتبر أن ما تنشره السفارة الأمريكية في دمشق «مجرد مجموعة من الغريدات، وجودهم أفضل من عدمهم».
وقال عبد الغني في اتصال مع «القدس العربي «لا يوجد تغير أو موقف متقدم للإدارة الأمريكية، إنما هي تغريدات حول موضوع المحاسبة ويسلط الضوء على ملفات المعتقلين والهجمات الروسية ومواضيع متنوعة متعلقة بحقوق الإنسان».
وقال بالاستناد إلى نقاش جمع الشبكة السورية لحقوق الانسان والخارجية الأمريكية حول هذه التغريدات «يبقى الموضوع في إطار التغريدات وتسليط الأضواء على جرائم النظامين السوري والروسي، وليس له أبعاد أكثر مما ذكر».
وقرأ عبد الغني هذه التغريدات الأمريكية على أنها «رسالة إيجابية وجيدة للسوريين مفادها أن الموقف الأمريكي لم يتغير ومازال يطالب بمحاسبة الأسد». مشيراً إلى أنه «لا يوجد خطوات للأمام نحو ردع روسيا بسوريا أو إنهاء حكم الأسد» وأكد في حديثه «لا يوجد شيء من هذا القبيل ولا نريد رفع التوقعات». وأعرب مدير الشبكة السوري لحقوق الإنسان عن ترحيبه بهذه الخطوة، معتبراً أنها «في الاتجاه الصحيح» وتأمل من واشنطن أن يتبعها خطوات أكثر جدية نحو تغير السياسية الأمريكية تجاه النظام السوري.
“القدس العربي”