ثمة حالة من الذعر على الساحة العالمية خشية أن يتطور الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى حرب أوسع نطاقا، في خضم الدعم القوي الذي يقدمه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأمريكا بوجه خاص لكييف، في وجه الروس.
ورغم أن كثيرين يستبعدون اندلاع صراع مباشر بين روسيا والحلف العسكري الغربي، يظل شبح اتساع رقعة الصراع يلوح في الأفق، فالأمر وارد، ولو بأقل احتمال، في ظل التصعيد المتواصل من الطرفين وإصرار موسكو على مواصلة حربها في أوكرانيا. ولكن حلف الأطلسي يبدي حرصا شديدا كي لا يحدث ذلك.
وفي أعقاب مجموعة من التطورات التي وقعت مؤخرا، أجرى قادة عسكريون من الناتو اتصالات هاتفية بنظرائهم في روسيا للتأكد من عدم انجرار أمريكا وحلفائها إلى حرب بسبب سوء تفاهم وقع على الحدود الأوكرانية.
وشملت التطورات سقوط صواريخ روسية قريبا من مدينة لفيف، غربي أوكرانيا، كما ضربت روسيا الأسبوع الماضي منشأة عسكرية في المنطقة التي تبعد حوالي 22 ميلا عن حدود بولندا، عضو الحلف، وكذلك طافت طائرة استطلاع بدون طيار أجواء عدة دول بشرق أوروبا ثم سقطت في العاصمة الكرواتية زغرب.
وتقول الكاتبة الصحافية ناتاليا دروزدياك، المتخصصة في شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن المسؤولين الأوروبيين يشعرون بالقلق من احتمال أن تؤدي حادثة أخرى -مثل ضرب صاروخ روسي لأراضي الناتو- إلى تفجير تصعيد يزج بهم في صراع مع روسيا.
وترى دروزدياك أن وقوع صدام بين القوتين النوويتين هو سيناريو كابوسي حرص واضعو الخطط العسكرية طويلا على تجنبه منذ امتلك الاتحاد السوفيتي السابق أول قنبلة ذرية في بداية حقبة الحرب الباردة. وقد أعاد غزو روسيا لأوكرانيا هذا الاحتمال إلى حسابات قادة الجانبين لأول مرة، منذ عقود.
ووضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات الردع النووي لبلاده على أهبة الاستعداد نهاية شباط/فبراير الماضي، وحذر الناتو من التدخل في أوكرانيا، في حين أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مرارا أن بلاده مستعدة للتصدي لأي توغل روسي في أراضي الناتو.
ورغم ذلك، يقول مسؤولو الناتو إنهم لا يريدون أن ينجر الحلف إلى صراع لمجرد أن شخصا ما ارتكب خطأ.
وأشار الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ الأسبوع الماضي إلى “وجود خطر” وقال: “علينا أن نبذل ما بوسعنا لمنع مثل هذه الأحداث والحوادث، وأن نضمن حال حدوثها عدم خروجها عن نطاق السيطرة”.
وبحسب تحليل بلومبرغ، يقول مسؤولو الناتو إن القوات الروسية لم تسع حتى الآن إلى استفزاز قوات الحلف، أو التدخل معها، رغم أن موسكو تواصل قصف المدن الأوكرانية وتحاول أن تعيد تنظيم نفسها في أعقاب إخفاقات أولية، وتقدم عطلته القوات الأوكرانية.
ورغم ذلك، حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، عبر التلفزيون الرسمي، من أن قوافل الأسلحة التي ترسلها أمريكا وحلفاؤها في الناتو لأوكرانيا تمثل “أهدافا مشروعة” للجيش الروسي، ووصف هذه الأسلحة بأنها “تحرك خطير”.
يشار إلى أن معظم الدول المجاورة لأوكرانيا أعضاء في الحلف الذي يلزم دوله بالدفاع عن بعضها البعض حال تعرض إحداها لهجوم، ولذلك فإن أي خطأ في الحسابات من جانب روسيا من شأنه أن يجر الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو إلى صراع، وبخاصة أمريكا.
وقد عززت أمريكا والأعضاء الآخرون في الناتو وجودهم بمزيد من القوات البرية والجوية والبحرية في الجناح الشرقي للحلف، بما يشمل بولندا. كما دعم الناتو قواته تحت قيادة القائد الأعلى للحلفاء في أوروبا (قائد حلف الأطلسي) الجنرال تود وولترز، وهو طيار مقاتل سابق حارب في العراق وأفغانستان.
وفي ختام التحليل، لفتت دروزدياك إلى ما قاله المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي لدى سؤاله عن خطورة اتساع نطاق الصراع، خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ، حيث قال “ما من أحد يريد أن تتصاعد الحرب إلى أبعد من موقعها… ولذلك كانت رسالتنا واضحة للغاية: سنتأكد من أننا نستطيع أن ندافع عن أراضي الناتو”.
(د ب أ)