أنهى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجدل حول تقليص موسكو عدد قواتها في سوريا، خلال المرحلة الراهنة، والانسحاب التدريجي لا سيما مع متابعة روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا، حيث قال سيرغي لافروف، إن القوات الروسية باقية في سوريا لأنها موجودة هناك بطلب من «حكومتها الشرعية»، مؤكداً دعم بلاده للنظام السوري.
ويأتي تصريح لافروف متزامناً مع وصول الوفود الرسمية للمعارضة والنظام والمجتمع المدني، إلى العاصمة السويسرية جنيف، تحضيرًا لاجتماعات الجولة الثامنة من اللجنة الدستورية المقررة يوم السبت والتي تمتد إلى نحو خمسة أيام.
وستبدأ الدورة الثامنة باجتماعات تحضيرية للوفود الثلاثة، ولقاءات منفصلة للرئيسين المشاركين عن وفدي النظام والمعارضة، مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، إضافة إلى اجتماع مشترك تحضيري يجمع المبعوث الأممي مع الرئيسين المشاركين يوم الأحد، على أن تبدأ الجولة بشكل رسمي يوم الاثنين وتنتهي الجمعة المقبل.
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في حوار لبرنامج «قصارى القول» على قناة RT: «نحن هناك بناء على طلب الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية، الحكومة الشرعية لذلك البلد، نحن هناك في حالة امتثال كامل للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. ونحن نؤدي المهام التي حددها مجلس الأمن في القرار 2254. وسنلتزم بهذا الخط في المستقبل أيضاً».
وأضاف المسؤول الروسي: «سندعم القيادة السورية في جهودها لاستعادة وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية بشكل كامل، لأنه لا تزال هناك وحدات من القوات المسلحة للدول لم يدعها أحد، ولأنه حتى الآن، على سبيل المثال، الجيش الأمريكي، الذي احتل جزءاً كبيراً من الضفة الشرقية لنهر الفرات، ينشئ بشكل علني تشكيلات شبه دولة هناك، ويشجع الانفصالية بشكل مباشر، مستخدماً لهذا الغرض مزاج جزء من السكان الأكراد في العراق».
وزعم لافروف: أن «قانون قيصر سيئ السمعة» يهدف «إلى خنق الاقتصاد السوري. لكننا نرى أن الدول العربية، تتفهم أكثر فأكثر الطريق المسدود لهذا المسار وتهتم باستئناف علاقاتها مع الجمهورية العربية السورية. لذلك، أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً أعمال سفارتها بالكامل. بينما لم يسحب عدد من الدول العربية سفاراتها من دمشق». وقال: «الآن يجري التحضير للقمة المقبلة لجامعة الدول العربية، وقد ناقشناها في الجزائر مع الرئيس تبون. والغالبية العظمى، على حد علمنا من اتصالاتنا، تؤيد نوعاً من الحل الذي يسمح ببدء عملية استئناف العضوية الكاملة لسوريا في جامعة الدول العربية».
وأشار إلى وجود «نقطة أخرى وهي مشكلة اللاجئين»، مشيراً إلى أن «وسطاء الأمم المتحدة يحاولون المشاركة في هذه القضية. لكن الولايات المتحدة والأوروبيين المطيعين لهم تماماً بكل الطرق الممكنة يمنعون عودة هؤلاء الأشخاص. ولاحظ أنه عندما عقدت الجمهورية العربية السورية مؤتمراً في دمشق قبل عامين لحشد الأموال والإمكانيات، لخلق فرص لعودة اللاجئين، بذل الأمريكيون جهداً كبيراً لمنع الجميع من حضور هذا المؤتمر»، وفق قوله.
وحول التسوية السياسية في سوريا قال: «العملية التي تجري في جنيف، اللجنة الدستورية، لجنة صياغة الدستور. نحن على اتصال منتظم بالسيد بيدرسون، الذي يمثل الأمم المتحدة، كوسيط في هذه العملية؛ زارنا منذ وقت ليس ببعيد. كما نتواصل معه من خلال مكتبنا التمثيلي في جنيف. الآن هناك اتفاق على أنه في الأسابيع القليلة المقبلة. نعم، حتى نهاية أيار/مايو، يبدأ الاجتماع التالي لهيئة الصياغة».
وعبر لافروف عن ثقته بأن «قرار الأسد الأخير بالعفو عن جميع المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالتهديد الإرهابي كان خطوة مهمة وإيجابية للغاية. تم إنجاز الكثير من العمل هناك. وقد تم الإعلان عن مثل هذا العفو».
وختم بالقول: «القضية، كما نرى جميعاً، تتقدم بصعوبة. لذلك، تظل هذه المهمة على جدول الأعمال. لكن في الآونة الأخيرة، وبفضل الإجراءات المتخذة سواء من خلال قواتنا أو القوات المسلحة السورية، لم نلاحظ أي استفزازات من داخل إدلب ضد مواقع الجيش السوري وقواعدنا في سوريا».
وكانت مصادر إعلامية دولية وأخرى محلية تحدثت عن سحب موسكو قواتها تدريجياً في سوريا، وتسليم مراكز وجودها ومواقعها العسكرية ونقاطها المخصصة للرصد، ولاسيما في محافظة اللاذقية شمال غربي سوريا، لإيران وميليشيا حزب الله اللبناني، وهو ما أثار قلق القوى الإقليمية التي سارعت لسد هذا الفراغ المحتمل، بينما حذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من نتائج الانسحاب الروسي من المناطق الجنوبية المحاذية لبلاده، وترك مكانها شاغرا أمام القوات الإيرانية ووكلائها في المنطقة.
“القدس العربي”