كم يبدو مستفزاً أن تتقاطع مصالح الطوائف اللبنانية عبر تمرير جريمة انفجار المرفأ في مقابل تمرير عملية السطو على الودائع، وأن يُضرب صمت على غرق مركب الموت مقابل التضامن مع المفتي في حربه على الزواج المدني. يجري ذلك وسط انهيار كل شيء، ووسط تغوّل الطبقة السياسية، ووسط نجاة المرتكبين.
استيقظ القادة “الروحيون” للمذاهب اللبنانية جمعاء على المثلية راقدة على أبواب منازلهم. وتصدى مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان وحيداً ومن دونهم لمثليي الجمهورية المترنحة بانهيار هو الأكبر في تاريخها.
انهمرت بيانات تأييد ودعم وزير الداخلية بسام المولوي التي حذر فيها من أن أي نشاط لجماعة مثلية في لبنان سيقابل بالحزم. هذا الوزير العاجز عن تنفيذ مذكرة جلب بحق متهم بتفجير المرفأ، سيتعامل بحزم مع أي نشاط لجماعة مثلية، أما الرؤساء الروحيون الذين لبوا استغاثة المفتي، واستفاضوا في الهجوم على المثليين والتهويل عليهم، فهم بدورهم يعرفون أن الفساد والسلاح والارتهان للخارج لا تهدد مواقعهم وما ينعمون به، لا بل إنها من عناصر نفوذهم، أما أن يطالب مجتمع الميم بوقف تجريمه، فالويل الويل لمن يستجيب.
والحال أن لبنان شهد في السنوات الأخيرة كوارث متتالية تولى فيها القادة “الروحيون” التصدي لكل من سوّلت له نفسه أن يحاسب الطبقة الحاكمة. رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أحمد قبلان هدّد القاضي طارق البيطار بعد استدعاء الأخير وزراء شيعة للتحقيق معهم في انفجار المرفأ، وبطريرك الموارنة بشارة الراعي قال إن رياض سلامة خط أحمر، والمفتي عبد اللطيف دريان كان ضرب طوقاً من الحماية حول رؤساء الحكومات من سعد الحريري وصولاً إلى حسان دياب.