اعلن التلفزيون الايراني شبه الرسمي "برس تي في" عن مقتل 13 ممن اسماهم بـ"الارهابيين" في مواجهات السبت في طهران بين المتظاهرين الموالين للمعارضة والشرطة. وفيما اعلن ايضا امس عن التحفظ على فائزة رفسنجاني، كريمة رئيس مصلحة تشخيص النظام والرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني، طلبت السلطات الايرانية من مراسل هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) مغادرة البلاد.
ولم تورد هذه "برس تي في" مزيدا من الايضاحات بشأن ظروف مقتل هؤلاء. وكان التلفزيون الرسمي في وقت سابق أمس ان 10 قتلى واكثر من 100 جريح سقطوا في "اعمال الشغب" التي شهدتها طهران السبت في اليوم الثامن على التوالي من الاحتجاجات الشعبية على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلن فيها عن فوز الرئيس المتشدد محمود احمدي نجاد بولاية ثانية.
وحمل التلفزيون مسؤولية مقتل هؤلاء الاشخاص الى "عملاء ارهابيين" لم يسمهم، مؤكدا انهم استخدموا اسلحة نارية ومتفجرات.
وشهدت شوارع طهران السبت مواجهات عنيفة بين الشرطة وعناصر ميليشيا الباسيج من جهة والمتظاهرين المحتجين على نتائج الانتحخابات من جهة اخرى، بحسب ما روى شهود لوكالة "فرانس برس". وروى متظاهر ايراني امس للوكالة ان عناصر الشرطة والباسيج شنوا هجوما "وحشيا" على تجمع عقد بشكل سلمي لمدة ساعة في طهران: "بدأنا على الرصيف من ساحة انقلاباً حوالى الساعة الرابعة (بعد الظهر) ومشينا بهدوء لمدة ساعة وكان الناس ينضمون الينا على الطريق". اضاف ان "عدداً كبيراً من الحراس على دراجات نارية هاجمونا وضربونا بوحشية"، مقدراً عدد المشاركين في هذه المسيرة بحوالي الف شخص. وتابع "اثناء هربنا، كان الباسيج ينتظرون في الشوارع الصغيرة وهم يحملون هراوات لكن الناس اخذوا يفتحون لنا ابواب منازلهم عندما كنا نصل الى طريق مسدود".
وعندما اصبح المتظاهرون في منأى عن الشرطة، اخذوا يهتفون "الموت للديكتاتور" و"ايها الشعب لماذا ما زلت جالساً؟ ايران اصبحت فلسطين". وقال الشاهد نفسه ان "السيارات التي مرت اطلقت ابواقها من اجلنا وركاب الحافلات كانوا يلوحون لنا بايديهم".
وحول ساحة ازادي، جرت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الامن، حسبما روى شهود. وبعد هذه المواجهات، كانت الاسيجة الموضوعة على طول الجادة قد اقتلعت والحجارة تغطي ارصفة الجادات والشوارع حول ساحة ازادي.
واحرق المتظاهرون مركزا واحدا للشرطة على الاقل وثلاث حافلات في جادة ساتركان شمالا.
وامام مستشفى الرسول الاكرم القريبة من ساحة ازادي، تجمع بين خمسين وستين شخصا عندما نقل شاب جرح بطعنات سكين في الساحة.
اما التلفزيون الحكومي الذي نادرا ما يغطي التظاهرات، فقد بث لعشرات الثواني مساء اول من امس لقطات "لمثيري الشغب" ظهر فيها مدنيون على رصيف يتعرضون للضرب بالهراوات بايدي الشرطة ومتظاهر ينقل بآلية.
وقال شاهد آخر لـ"فرانس برس": كان "هناك دم كثير في الشارع. اعتقد انه يمكننا القول ان كثيرين ماتوا او سيموتون. شاهدنا جرحى ينقلون الى مستشفى الامام الخميني".
غير ان نائب قائد الشرطة الايرانية احمد رضا رضان اكد للتلفزيون الرسمي انه "تنفيذا للاوامر، لم تستخدم القوى الامنية اي سلاح لتفريق مثيري الشغب"، محملا مسؤولية الضحايا الى "السوقيين وعملاء منظمة مجاهدي خلق الذي تسللوا" الى صفوف المتظاهرين.
وذكرت وكالة أنباء إيرانية أنه تم التحفظ على ابنة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني. ونقلت وكالة "فارس" للأنباء عن مسؤول أمني قوله إن فائزة رفسنجاني وبعض أقاربها كانوا يشاركون في الاحتجاج وتم التحفظ عليهم "حفاظا على سلامتهم من الأعمال الإرهابية التي يرتكبها مثيرو الشغب".
وقالت الوكالة إنهم نقلوا إلى أقرب قاعدة عسكرية وتم التحفظ عليهم هناك إلى حين انتهاء الاضطرابات في إشارة إلى أنه تم إطلاق سراحهم.
الى ذلك، أعلنت السلطات الايرانية أمس أنها اعتقلت "شبكة تخريبية" من منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة، قالت انها خططت لتنفيذ عمليات "تخريبية" داخل البلاد.
وذكرت محطة "العالم" الايرانية الرسمية الناطقة باللغة العربية، أن السلطات الايرانية أشارت الى ان عددا من المعتقلين "ضالعون في أنشطة إرهابية، من بينها إشعال النار في حافلات وتدمير ممتلكات عامة في العاصمة طهران". أضافت أن الموقوفين اعترفوا بتلقيهم تدريبات في معسكر "أشرف" في العراق للقيام بعمليات "تخريبية" داخل ايران، وأنهم كانوا يتلقون التوجيهات من غرفة عمليات المنظمة في بريطانيا لتحريك الشارع الايراني ومهاجمة البنوك واحراق حافلات النقل العام.
ولفتت الوكالة الى أن أعضاء المجموعة الموقوفين "شجعوا أعضاء آخرين على تنفيذ أنشطة إرهابية مثل إشعال النار في حافلات ومحطات بنزين ومهاجمة مراكز الحرس الثوري وتدمير ممتلكات عامة".
وأمس تلقى مراسل هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" في طهران جون لايني امرا من السلطات الايرانية بمغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، بسبب "دعمه" خصوصا مثيري الشغب، كما ذكرت وكالة انباء "فارس".
وقد اكدت الـ"بي بي سي" امس ان ايران طلبت من مراسلها في طهران مغادرة البلاد.
وقالت الهيئة في بيان مقتضب "للاسف طلبت السلطات الايرانية من يون لين المراسل الدائم لبي بي سي في طهران بان يغادر. مكتب بي بي سي لا يزال مفتوحا".
ومنذ ايام تتهم السلطات الايرانية هيئة الاذاعة البريطانية، بالاضافة الى وسائل اعلام غربية اخرى لم تسمها، بدعم حركة الاحتجاج الشعبي اثر اعلان فوز الرئيس محمود احمدي نجاد في الانتخابات.
واعلنت قناة "العربية" أمس ان السلطات الايرانية مددت مهلة اغلاق مكتبها "حتى اشعار اخر" في طهران الذي قررته منذ 14 حزيران (يونيو) في سياق الاضطربات في ايران.
واعلن رئيس تحرير "العربية" نبيل الخطيب لـ"فرانس برس" ان مراسل القناة ضياء الناصري أبلغ بهذا القرار من وزارة الاعلام. وقد اغلق مكتب القناة في طهران مبدئيا لمهلة اسبوع تنتهي الاحد.
واعلن الخطيب ان "السلطات الايرانية تتهم العربية ببث اخبار ليست بالضرورة عادلة بوجهة نظرها كما طالبت قناتنا بعدم بث اخبار عن ايران". لكنه اوضح ان "العربية في دبي لا تلتزم بما طلب من مكتب العربية في طهران الالتزام به" وندد "بحملة حشد موقف عدائي على مدى الاسبوع ضد العربية في وسائل الاعلام الرسمية الايرانية".
واوضح الخطيب ان مكتب العربية، القناة التي تنتمي الى مجموعة ام.بي.سي، يعد عشرة اشخاص بمن فيهم ضيا الناصري اضافة الى مراسلة قناة ام.بي.سي وثمانية تقنيين.
في غضون ذلك، حذر قائد الشرطة الإيرانية اسماعيل المقدم المرشح الرئاسى المعارض مير حسين موسوي من أن قوات الشرطة ستواجه بشكل حاسم كل التظاهرات.
وذكر راديو (سوا) الأميركي أمس أن قائد الشرطة بعث برسالة إلى موسوي حذره فيها من أنه إذا استمرت الأوضاع على حالها في طهران فإن قوات الشرطة وفي سياق عملها من أجل الحفاظ على الشعب والمجتمع وفرض النظام العام ستواجه بشكل حاسم كل ما وصفه بـ "النشاطات غير المشروعة".
(ا ف ب، رويترز، ي ب ا، ا ش ا)