المصدر: فوربس
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: أرييل كوهين
تتسبب الحرب في أوكرانيا في اقتراب روسيا من الدول المنبوذة: بيلاروسيا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا، على سبيل المثال لا الحصر. ربما لا يكون هذا هو العالم متعدد الأقطاب الذي توقّعه فلاديمير بوتين، ومن قبله يفغيني بريماكوف صاحب الوزن الجيوسياسي الروسي الثقيل، وإنما هذا كان عبارة عن مادة للاستهلاك.
التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع تمّ التبشير به كثيراً في طهران في 19 تموز/ يوليو لمناقشة سياسة الطاقة والأمن البحري وسورية. ظهر الكثير من الأصوات الحريصة على تصوير الاجتماع على أنه تقارُب للقادة المبدئيين المناهضين للغرب الذين سيتحدّون النظام الدولي. على أقل تقدير، بدا من المحتمل أن تتعاون روسيا وإيران نظراً لحقيقة أن المرشد الأعلى الإيراني أشاد ببوتين لبدء الحرب في أوكرانيا.
إن توقيت اجتماعهم للردّ على تهديدات أردوغان بشنّ هجوم جديد في شمال سورية ضد المسلحين الأكراد، ورحلة الرئيس جو بايدن الباهتة إلى المملكة العربية السعودية، يوحي بمهارة وليس إستراتيجية كبرى. صحيح أن روسيا أعلنت عن شراء 1000 طائرة عسكرية إيرانية بدون طيار – ولكنها كانت خطوة مُذلّة للدولة التي كانت ذات يوم رائدة في الطيران المأهول.
كانت هناك خصومات أيضاً. فخلال الاجتماع، انتقدت إيران تركيا بسبب سياستها في سورية، وأظهر آية الله بشكل كامل دعمه لروسيا – وهو أمر لم تُقدّره تركيا أو تدعمه. إن تحرّك آية الله دفع أوكرانيا إلى قطع العلاقات مع إيران. فهو إذن كان عبارة عن لقاء رفقاء غُرَباء، وليس قمة حلفاء.
ومع ذلك، فإن إيران وروسيا تقيمان تعاوُناً أعمق وتحاولان التنسيق، وإنْ كان ذلك بصعوبات. فقد أعلن بوتين ورئيس الوزراء خلال الزيارة عن صفقة بين شركة غازبروم وشركة النفط الوطنية الإيرانية. وبمساعدة الاستثمارات الروسية، تمتلك إيران القدرة على أن تصبح منتجاً رئيسياً للغاز في الشرق الأوسط والعالم. وتتضمن الخطة شراء إيران للغاز الروسي وبيع غازها لدول المنطقة، مما يساعد على تقويض العقوبات.
بينما تتجه روسيا وإيران نحو التعاون في مجال الطاقة، لا يزال لديهما العديد من المصالح المتباينة فهناك دائماً إغراء تقويض الخصم للبيع بالنفط، خاصة أثناء الحرب. لقد بدأ التعاون في الانهيار بالفعل، حيث تتدافع روسيا وإيران لتقويض بعضهما البعض من أجل الهيمنة على السوق الصينية الحيوية.
ويُضرّ بحث روسيا عن مشترين بديلين بأحد أقرب حلفائها. ومن المفارقات، مع زيادة اعتماد روسيا على الأسواق في آسيا والشرق الأوسط، أنه قد تحتاج إيران إلى التوجه إلى الغرب للحفاظ على صادراتها.
التعاون الروسي الإيراني مُقيَّد بفعل التوازُن الروسي بين سورية والسعودية وإيران ورغبتها في استخدام إيران كعصا لإلحاق الضرر بالمصالح الغربية. والتعاون الروسي السعودي داخل “أوبك +”، شبه كارتل النفط، مفيد لكِلا الطرفين وسيظل أحد المحددات الرئيسية لإمدادات النفط العالمية، حتى عندما يضرّ بإيران.
خلال الحرب، زادت الصادرات الروسية من زيت الوقود لإنتاج الكهرباء إلى المملكة العربية السعودية وحررت المزيد من الخام السعودي للتصدير (كما طلبت الولايات المتحدة). ومع تحوُّل ميزان القوى في الشرق الأوسط، وتذبذب التحالف الأمريكي السعودي، ووصول التنافس السعودي الإيراني إلى مستوى تاريخي، تشكل العلاقات الروسية مع الرياض تهديداً لطهران.
ويُحفّز المناخ الجيوسياسي الحالي والتعاون السياسي والأمني الروسي الإيراني كِلا الجانبين على الحفاظ على العلاقات حتى مع استمرارهما في المنافسة في سوق السلع الأساسية. في حين أنه قد تكون هناك خلافات في سياسة الطاقة، فإن مشاركة روسيا في تطوير مفاعلين نوويين جديدين في محطة بوشهر للطاقة النووية أواخر العام الماضي، إلى جانب المساعدة الفنية المقدمة للمهندسين والعلماء النوويين الإيرانيين، تشير إلى أن موسكو تسعى لمواصلة تعاوُنها مع طهران في قطاع الطاقة النووية الإستراتيجي. كما تمّ تأمين المساعدة التي تشتدّ الحاجة إليها لتطوير البِنْية التحتية الإيرانية “المتدهورة”، بما في ذلك خط أنابيب محتمل إلى باكستان، من خلال شركة غازبروم الروسية.
تدفع الحرب المستمرة في أوكرانيا والإجراءات الغربية ضد روسيا موسكو وطهران إلى مزيد من التعاون العسكري والنووي والوقود الأحفوري في مجال الطاقة.
إن موسكو وطهران حليفتان بالفعل بأهداف جيوسياسية متزامنة. فروسيا هي المصدر الوحيد للتكنولوجيا النووية لإيران. كما أن روسيا هي المورد الرئيسي لإيران بالأسلحة التقليدية المتقدمة، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ الباليستية وبرامج الحرب الكيماوية والبيولوجية. علاوة على ذلك، تُظهر الخطط الروسية لشراء طائرات عسكرية إيرانية بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا أن الطرفين يسعيان إلى توسيع تعاوُنهما الأمني.
وأخيراً إنه من الواضح أن تحالُف الأمر الواقع بين روسيا وإيران موجود بالفعل، لكنه لم يتم تعزيزه بالكامل.
سيتم تعزيز هذا التحالف فقط عندما يمكن لروسيا وإيران التعاوُن في سوق للطاقة حيث يتنافسان حالياً. إذن يجب على الغرب أن يفعل كل ما في وسعه لمنع توافُق مصالح الطاقة بين موسكو وطهران.
“نداء بوست”