“ما يمكن أن يعلمه بايدن للملك” تحت هذا العنوان حاولت صحيفة “واشنطن بوست” الإجابة على سؤالها بعدما أجرت مقارنة بين ما هو مشترك وما هو متمايز بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وملك بريطانيا تشارلز الثالث.
وقال كاتب المقال جيمس هوهمان عن بايدن إنه “رجل شق طريقه إلى القمة” بينما ولد (تشارلز) في سلالة (ملكية). وهو “رجل كاثوليكي إيرلندي يحتفظ بسُبحة في جيبه، بينما فقد الآخر (بايدن) عمه المفضل في هجوم إرهابي نفذه الجيش الجمهوري الإيرلندي”.
والدة الرجل (بايدن) قالت له ألا ينحني للملكة أبدا، بينما كانت والدة الآخر (تشارلز) ملكة.
رغم ذلك يرى الكاتب أنه عندما يلتقي جو بايدن بتشارلز في لندن قبل جنازة الملكة إليزابيث الثانية، قد يجد الرجلان الكثير من القواسم المشتركة بينهما، “على الأقل في هذه اللحظة”.
ويضيف هوهمان عن بايدن وتشارلز “أن كل واحد منهما في السبعين من العمر، ويعتبران نفسيهما أنهما يشكلان حصنا ضد القوى التي تحاول الإطاحة بكل شيء يعملان من أجله، فبايدن يقوله إنه ترشح للرئاسة (الأمريكية) بسبب أعمال العنف في شارلوتسفيل، وإنه يضع الأساس في إعادة الترشح مرة أخرى في عام 2024 لإنقاذ الديمقراطية من الرئيس السابق دونالد ترامب”. وفي موازاة ذلك يرى الكاتب “أنه يتوجب على تشارلز صد الحركات الانفصالية في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية وفي دول الكومنولث في الوقت الذي تكافح حكومة بلاده لمواجهة التحديات المستمرة الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي كان طلاقا اقتصاديا غير مدروس من أوروبا”.
ويضيف الكاتب أن ما يجمع بين الرجلين أيضا هو “الانتظار”، فتشارلز كان بديلاً جاهزا، وهو أكبر شخص سناً يعتلي العرش البريطاني في تاريخ العائلة المالكة الممتد على مدى ألف عام، إذ كان الوريث الواضح منذ أن أصبحت والدته ملكة في عام 1952. كذلك فإن بايدن هو أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة وقد جاء إلى الرئاسة في محاولته الثالثة للتغلب على الصعاب والشكوك من حزبه.
ويواجه الرجلان أيضا مقارنات غير مناسبة مع سلف كل منهما. فيبدو أن تشارلز محكوم عليه ألا يحظى بشعبية مثل إليزابيث الثانية، تماما كما يغضب بايدن من هالة الرهبة التي لا تزال تحيط بالرئيس السابق باراك أوباما (على الأقل من الديمقراطيين).
انطلاقا من ذلك يرى الكاتب أن على بايدن وتشارلز إظهار انضباط ذاتي غير معهود للنجاح كرؤساء الدول.
وعلى صعيد البيت العائلي، يسجل الكاتب جيمس هوهمان “أن الرجلين يعرفان الألم الشخصي ووجع القلب، فكل منهما لديه علاقات معقدة مع ابنه الأصغر، وكان على كلا الرجلين رعاية الأطفال الصغار الذين فقدوا أمهم في حوادث السيارات المأساوية.
ويذكر بالمشاكل العائلية التي عاشها تشارلز في عام 1992، بينما كان لا يزال متزوجا من الأميرة ديانا، حينها قارن نفسه بسدادة قطنية في مكالمة هاتفية مسربة مع كاميلا باركر بولز، التي أصبحت الآن زوجة الملك.
أكبر درس يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي للملك البريطاني الآن هو “مزيد من الصبر”
ويجمع بين بايدن والملك أيضا دعمهما للمناخ والبيئة، فكان تشارلز يدق ناقوس الخطر بشأن الكوكب منذ أول خطاب رئيسي له حول التلوث في عام 1970، بينما كان بايدن في منتصف الثمانينيات من أوائل أعضاء مجلس الشيوخ الذين أدخلوا تشريعات بشأن تغير المناخ.
والتقى بايدن بتشارلز في مؤتمر تغير المناخ التابع للأمم المتحدة في غلاسكو الخريف الماضي. قال تشارلز – أمير ويلز آنذاك – إن ارتفاع درجة حرارة الكوكب يشكل “تهديدا وجوديا أكبر” من جائحة الفيروس التاجي (كورونا) ويتطلب “أرضية شبيهة بالحرب”. وأشاد بايدن بذلك الموقف للأميرحينها وقال “نحن في أمس الحاجة إليك، ولست أنا فقط من أقول ذلك”.
ويخلص الكاتب إلى القول إن أكبر درس يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي للملك البريطاني الآن هو “مزيد من الصبر”.
لقد عانى بايدن كقوة سياسية عدة مرات في حياته المهنية الطويلة، لكنه يتقدم الآن بثقة أكبر، وهو في عمر الـ79 عاما مثال على كيفية لعب اللعبة (السياسية ) بنفس طويل، وهذا شيء يمكن لشخص أصبح للتو ملكا – ويبلغ من العمر 73 عاما – أن يؤمن به.
“القدس العربي”