حديث الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الأخير حول تعديل مدة الرئاسة في روسيا من أربع إلى ست سنوات أثار زوبعة كبيرة من ردود الفعل والشائعات حول احتمال عودة الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين للحكم في الكريملين قريبا.
ووصل الأمر ببعض الصحف الروسية أن تصدر صفحاتها الأولى بعنوان رئيسي يقول «ثورة نوفمبر.. انتظار عودة بوتين لقمة السلطة قريباً»، ورأى بعض المحللين إمكانية أن يكون فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء حاليا، هو الذي سيستفيد من الزيادة المرتقبة لمدة ولاية رئيس روسيا.
ويتوقع البعض أن يعود بوتين إلى قمة السلطة في وقت قريب ليجلس عليها حتى عام 2024 بينما ينتقل ديمتري مدفيديف إلى كرسي رئيس الوزراء.
ونفى ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم رئيس الوزراء بوتين، تخمينات من هذا القبيل، بقوله إنه لا يرى مبررا لعودة بوتين إلى منصب رئيس الدولة في العام المقبل «لأن مدة ولاية الرئيس الحالي مدفيديف سوف تستمر مع أي تعديل حتى نهايتها»، حيث انه هو الذي سيستفيد من تطبيق الاقتراحات بتعديل الدستور. أما بوتين فلا مكان للحديث عنه في الوقت الراهن حول هذا الشأن، فقد أتم مدة رئاسته الثانية كاملة، ولا سبيل لعودته إلا بانتخابات جديدة.
ورأى البعض أن زيادة مدة ولاية رئيس روسيا لن تكون إلا أول خطوة في اتجاه اعتماد الجمهورية البرلمانية بدل الجمهورية الرئاسية، حيث تكون السلطات في يد البرلمان والأغلبية الحاكمة فيه، وهي حزب روسيا الموحدة الذي يترأسه بوتين، خاصة وأن الرئيس مدفيديف نفسه كان قد أعلن عن اعتماد هذا النظام (الجمهورية البرلمانية) الذي يزيد صلاحيات البرلمان ومجلس الوزراء على حساب صلاحيات رئيس الدولة (الجمهورية).
كل هذه الآراء والتكهنات لا تعدو كونها آراء شخصية ربما لا تقترب كثيرا من واقع الأمر في القيادة الروسية، هذا الواقع الذي يقول ان كل من رئيس الوزراء بوتين ورئيس الدولة مدفيديف الآن هما وجهان لعملة واحدة وسلطة واحدة متفاهمة لأقصى درجة في إدارة أمور البلاد، ولا يعتقد أحد أن يتخذ مدفيديف قرارا محوريا يتصل بشكل السلطة وإدارة الحكم في البلاد بدون استشارة بوتين.
وربما الالتزام بأوامره، وهذا باعتبار أن الرئيس مدفيديف الذي لم يمض عليه في الرئاسة أكثر من ستة أشهر لم تكتمل لديه حتى الآن الخبرة والمقدرة الكاملة لإدارة الأمور لدرجة اتخاذ قرارات محورية مهمة، والواضح للجميع أن الستة أشهر الماضية كانت تدار فيها الأمور بتدخل كبير من رئيس الوزراء بوتين.
بوتين ليس في حاجة الآن ولا في العام المقبل للعودة للرئاسة في الكريملين، ولكن الرأي الأرجح أن الحديث حول عودة بوتين إنما يتعلق بأمر آخر.
وهو الدولة الاتحادية الجديدة المزمع الإعلان عنها قريبا في العام المقبل والتي ستضم كلا من روسيا وبيلاروسيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، حيث جرى الحديث حول تولي بوتين رئاسة هذه الدولة الاتحادية الجديدة مع بقاء رؤساء هذه الجمهوريات الأربع في مناصبهم، وهذا الأمر يتخذ الآن شكله النهائي.
الحديث الأكثر أهمية سيكون بلا شك حول مدى سلطات رئيس الدولة الاتحادية القادمة، ومدى تعارض هذه السلطات مع سلطات رؤساء هذه الدول الأربع، إذ انه ليس من المتصور أن يترك بوتين منصب رئاسة الحكومة الروسية ليتولى منصبا شرفيا بدون سلطات مهمة.
والمتوقع في رأي المحللين أن تكون كافة شؤون السياسة الخارجية والاستراتيجية الأمنية العامة للدولة الاتحادية الجديدة في يد رئيس الدولة الاتحادية، بينما تترك الشؤون الداخلية لرؤساء الجمهوريات. وإن كان هذا أيضا احتمالا وأمرا مشكوكا فيه إلى حد ما، إذ ان السياسة الداخلية لدولة كبيرة مثل روسيا لا تنفصل عن السياسة الخارجية، وبالتالي ربما سيكون لرئيس الدولة الاتحادية، إذا كان هو بوتين، دور كبير في تسيير شؤون روسيا الداخلية مع الرئيس مدفيديف.
* نقلا عن صحيفة "البيان" الإماراتية