ترجمة: عبد الحميد فحام
على الرغم من التطورات السياسية الأخيرة – بدءاً من تصاعد الاحتكاك بين إسرائيل ولبنان حول الخلافات الخاصة باتفاق الحدود البحرية، متبوعاً باختراق مفاجئ في المفاوضات – حافظ حزب الله على نبرة مُقيّدة نسبياً، دون تهديدات متكررة ضد إسرائيل. ومن المثير للاهتمام أيضًا هو صمت إيران، التي، على الرغم من دعمها لحزب الله وتدخلها المكثف في الشؤون اللبنانية، تجنبت عموماً ذكر المحادثات الحدودية.
قد يكون هذا الصمت مرتبطاً أيضاً بأزمة إيران الداخلية فقد دخلت الاحتجاجات المحلّية المناهضة للنظام والتي بدأت بقتل محساء أميني البالغة من العمر 22 عاماً على يد “شرطة الأخلاق” في البلاد أسبوعها الرابع. ومن المفترض أن عدد المتظاهرين ليس كبيراً جداً، لكن الاحتجاج يضرب على وتر حساس في النظام – وهو فرض قواعد دينية صارمة على الإيرانيين، والتي يعارضها الكثير منهم.
الاضطرابات – الأكثر دموية منذ احتجاجات 2019-2020 التي أشعلتها الزيادات الحادة في أسعار الوقود – أجبرت النظام على تخصيص قوات لفرض النظام واستخدام العنف المتزايد، لا سيما في المناطق البعيدة عن طهران، حيث تعيش أعداد كبيرة من الأقليات والعرقيات.
وتقول الحكومة إن أكثر من 100 شخص قتلوا في الاحتجاجات حتى الآن، لكن من المرجح أن العدد الحقيقي للقتلى على أيدي قوات الأمن هو أعلى من ذلك بكثير.
ويتابع مسؤولو الدفاع الإسرائيليون هذه التطورات عن كثب، لكنهم قلقون من التنبؤات بشأن فرص الإطاحة بالنظام، الذي تغلّب على احتجاجات الوقود والحركة الخضراء لعام 2009، وهي احتجاجات واسعة النطاق أعقبت مزاعم تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية حينها.
وقد قام قراصنة مجهولون بمقاطعة نشرة إخبارية على التلفزيون الإيراني الرسمي لعرض صورة الزعيم الديني الأعلى آية الله علي خامنئي، إلى جانب صور النساء اللواتي قُتلن خلال المظاهرات وشعارات الحركة الاحتجاجية.
وقد لاحظ مسؤولو الدفاع الإسرائيليون نجاحهم النسبي في تقليص النفوذ الإيراني في سورية. ففي عام 2010، قاد الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الذي اغتيل في عملية أمريكية في العراق في كانون الثاني /يناير 2020، الجهود الإيرانية لإنشاء قواعد ونشر أنظمة أسلحة متطورة، ونشر مليشيات شيعية مدعومة من النظام في سورية والعراق.
ولكن الآن يدّعي مسؤولو الجيش الإسرائيلي أن “رؤية سليماني توقفت” وتراجع تهريب الأسلحة إلى لبنان عبر سورية، وهرب معظم أفراد الميليشيات، وتعطّلت جهود حزب الله لفتح جبهة إضافية ضد إسرائيل على طول الحدود في مرتفعات الجولان.
كما يبدو أن حماس رئيس النظام السوري بشار الأسد للامتثال للمطالب الإيرانية قد تضاءل. كما ورد في صحيفة هآرتس مؤخرًا، فقد منع الأسد الحرس الثوري من إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الأراضي السورية، وهو لا يوافق على إنشاء قواعد للميليشيات الموالية لإيران في سورية.
ومن جانب آخر، يمكن ملاحظة تقارب العلاقات بين إيران وروسيا. فقد ادّعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الروس استخدموا صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة إيرانية الصنع في الهجمات العنيفة صباح الاثنين على مدن في جميع أنحاء أوكرانيا.
ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من احتمال أن تقوم موسكو بمكافئة طهران على الطائرات بدون طيار من خلال تزويد إيران بأنظمة دفاع جوي متطورة روسية الصنع.
وقد أعادت إلى الأذهان جريمة الحرب الروسية الأخيرة، التي أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين، السلوك الوحشي لروسيا خلال الحرب السورية. وربما هذا لم يأت عن طريق الصدفة فالقائد الجديد لجميع القوات الروسية في أوكرانيا هو الجنرال سيرجي سوروفيكين، الذي قاد سابقاً قوات موسكو في سورية.
“نداء بوست”