لجنة المهجر
لحزب الشعب الديمقراطي السوري
بيان
ما يجري في الشمال خطوة للإجهاز على سورية الواحدة
لم يعد خافياً استقرار توزّع الجغرافيا السوريّة على مناطق نفوذ، تتبع لكلّ منها فصائل مسلحة “مافيات” ورايات ومناهج ومعابر وموارد وقوانين تخدم سدنتها، وجهة دولية أو إقليمية داعمة فاعلة تصارع الآخرين من خلالها في سورية وعليها، لتحقيق إستراتيجيتها عبر سياسات تختلف أو تتقاطع أو تتوازى، إلى حين، بغضّ النظر عن مسوّغاتها، ودون النظر لمعاناة السوريين اليومية وتضحياتهم، وبعيداً عمّا يريده السوريون، أو خرجوا لأجله في ثورة الحرية والكرامة.
إن سياق المتغيّرات الدولية سرّع في حسم قوى الأمر الواقع خياراتها، مباشرة أو عبر وكلائها، والمسير صوب مصالحها، وترسيم مشهد سياسي جديد في سورية، في وقت فقدت فيه القضية السورية الاهتمام الدولي أمام الحرب الروسية على أوكرانيا وعقابيلها المهددة للسلم، وآثارها على الاقتصاد العالمي، والكباش المتأجّج حول النظام الدولي الجديد.
وليس مفاجئاً أن تهبّ هيئة تحرير الشام -“النصرة” سابقاً- المصنّفة على لوائح المنظمات الإرهابية، وبحضور الضامن التركي وخدمة له، لخلط الأوراق في الشمال الغربي، وتكون العصا الغليظة بيده، وهو الذي عمل-ويعمل- على ترويض الفصائل بمختلف تسمياتها وتوجّهاتها، ضارباً بها-بعد التلويح- صنائعه والموالين له، وسَوقهم لقبول واقع جديد تقتضيه مصالحه، وقد دلّت عليه استدارات السياسية التركية تجاه القضية السورية، وقد عملت لسنوات، بضمانها منطقة خفض التصعيد الأخيرة، على إدارة الفساد وتداعي الحالة المعيشية للسوريين، ووضعت واجهات هلامية لفصائل مسلحة، تجمّعها تارة، وتفكّكها تارة، وتزيّنها بمشاريع لم تقدّم إلا مزيداً من التردّي والاقتتال على المعابر ومكاسبها، أو نهب قوت الناس وزيادة معاناتهم، وملاحقة الناشطين الوطنيين أو اعتقالهم أو اغتيالهم، لتستقرّ أخيراً على هيكل شكليّ أسمته “الجيش الوطني”، يقف بعضه في المعارك مع “هتش” ضد الآخر، لا لمشروع وطني يُراد إرساء قواعده، بل تصفية حسابات وصراعات على المكاسب والنفوذ، وخدمة لمشاريع الدولة الراعية الداعمة.
إننا في لجنة المهجر لحزب الشعب الديمقراطي السوري، نرى أن هيئة تحرير الشام “النصرة” لم تكن -منذ قيامها فرعاً للقاعدة- مشروعاً وطنياً، بل قامت بدور وظيفي ضد الثورة ومشروعها الوطني الديمقراطي، فكانت ممهّداً للخراب ومسوّغاً له في مختلف محطّاتها -من الشرق السوري وجنوبه والآن في شماله- وما هي إلا ورقة مساومة بيد الخارج، تُستخدم لتنفيذ السياسات والضغط على الخصوم والمنافسين والصنائع، وسيكون ما يحدث في الشمال الغربي مقدمة لمعارك لن تتوقف إلا بالتهامها الجميع وجعلهم تحت رايتها، وجعل المنطقة تحت إدارة واحدة، فتتخلّق كياناً موازياً، في التطرّف والإرهاب، مهدّداً لـ( قسد ) التي هي الأخرى أداة لتنفيذ سياسات الخارج في الشمال الشرقي، وبذلك تعوّض ما فات تركيا بعمليتها العسكرية “الموعودة”، ومشروعها في إعادة اللاجئين وفتح أقنية اقتصاد المعابر مع نظام الإبادة في دمشق، وترضي حليفيها في أستانا، وتكسب من مزايا الانكفاء الروسي في المزاد الانتخابي التركي.
إن الردّ على هذه السياسات يكمن في وعي السوريين متطلّبات النضال في هذا المنعطف الهام، بتجميع قواهم السياسية وتوحيد رؤاهم، ورفع أصواتهم على الأرض وفي المحافل الدولية رفضاً لما يُحاك لوطنهم من مشاريع تقرّ بقاء قوى الأمر الواقع وتمدّد تناحرها واستمرار نظام الإبادة والكبتاغون، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وكشف مصائر المختفين قسراً ومحاسبة المجرمين والقتلة أياً كان انتماؤهم، ورفضاً لشرعنة نظام الإبادة الأسدية، والتمسّك بقرارات الشرعية الدولية وفي مقدّمتها 2254.
18 / 10 / 2022
لجنة المهجر
لحزب الشعب الديمقراطي السوري