نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قال فيه إن إيران وروسيا وجدتا أرضا مشتركة في الحروب الجارية في سوريا وأوكرانيا.
فعندما وصلت طائرة روسية إلى طهران محملة بـ140 مليون يورو، وشحنة من الأسلحة الغربية التي غنمها الجيش الروسي في أوكرانيا، مقابل تقديم شحنات من المسيرات القتالية الإيرانية، فقد كان هذا علامة على مرحلة جديدة في التحالف الذي مضى عليه سبعة أعوام بين حليفين غير عاديين.
وتم تقديم السلاح والمال في آب/ أغسطس على ما يُعتقد، بعدما حصل الروس على أول شحنة من المسيرات لدعم حربهم في أوكرانيا. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تسهم فيها إيران بالجهود الحربية الروسية في أوروبا. إلا أن العلاقة بين البلدين توثقت في مكان آخر دمرته الحرب وهو الشرق الأوسط.
ففي ذروة محاولات رئيس النظام السوري بشار الأسد، لمواجهة المعارضة التي أضعفت جيشه إلى درجة الهزيمة، سافر الجنرال الإيراني، قاسم سليماني إلى موسكو والتقى مع الرئيس فلاديمير بوتين. وهناك نشر خريطة أمام الزعيم الروسي وشرح له المتاعب التي يواجهها الأسد. وعبّدت تلك الزيارة الطريق للتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 وأثمرت ميثاقا بين البلدين اللذين لا صلات مشتركة بينهما سوى الرغبة في تمزيق النظام القائم وتقويض سلطة الغرب.
وفي الوقت الذي كانت سوريا الميدان الذي بدأ فيه التعاون بينهما، إلا أن أوكرانيا تحولت وبشكل متزايد إلى الساحة التي توثقت فيها العلاقة. ووجد قادة إيران الإسلاميون المتشددون، وأيديولوجية بوتين العلمانية عن الوطن والدم، أرضيةً مشتركة رغم الخلافات في الأساليب وطرق الحكم والأهداف. إلا أن الرغبة المشتركة جعلت منهم حلفاء طبيعيين.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، قوله: “تشكلت هذه العلاقة أولا في سوريا وتطورت أكثر في أوكرانيا”. وأضاف: “في الوقت الذي خاضت فيه إيران معارك طويلة في سوريا لكي تأتي روسيا لإنقاذها، حدث العكس في أوكرانيا، حيث دخلت إيران الحرب قبل فترة لكي تنقذ الحملة العسكرية الروسية التي تواجه متاعب في أسلحة إستراتيجية”.
وقالت شبكة سكاي نيوز التي نشرت الخبر عن الشحنة الروسية من المال والسلاح الغربي، إن طهران سترسل المزيد من المسيّرات. وسيعرض هذا التعاون بين الدولتين المدنيين لدمار قبل الشتاء. وتم استخدام المسيرات التي تسلمتها روسيا لضرب المدن الأوكرانية، ومعظمها مسيرات انتحارية أو “كاميكاز”، حيث كانت تنفجر عند إصابة الهدف.
وتم تحميل طائرات أخرى بصواريخ دمرت المستشفيات ومحطات توليد الكهرباء. وكان تدمير الأهداف المدنية علامة التدخل العسكري الروسي في سوريا، وضربت المقاتلات الروسية على مدى السنوات السبع الماضية المستشفيات والعيادات والمدارس والمخابز وطوابير الخبز في سوريا، مما أدى لمقتل آلالاف المدنيين.
وفي الأسبوع الماضي، ساعدت طائرة مسيّرة روسية، في توجيه صواريخَ سورية تحتوي على قنابل عنقودية لاستهداف مخيم للنازحين السوريين في شمال- غرب البلاد، وأدى لمقتل 9 أشخاص وجرح 75 آخرين. وقال عناصر الدفاع المدني أو “الخوذ البيضاء”: “أكبر همّ للشعب السوري هو إنهاء الهجمات الإرهابية التي تقوم بقتل الأطفال وملاحقة النازحين في كل أنحاء البلاد”. وقالوا: “من الصعب التفاوض وفرض مطالب من آلة عسكرية لا تعرف شيئا سوى القتل. ومن الصعب طلب المساعدة من المجتمع الدولي الذي تحكمه التوازنات والمصالح الإقليمية بعيدا عن مسارات حقوق الإنسان”.
وركزت الحملة العسكرية الروسية على شمال سوريا، ولكنها حددت مع إيران مناطق تأثير في البلاد وتشاركوا في أجهزة أمنية. ولدى كل منهما رؤية مختلفة عن مستقبل البلاد سوى اشتراكهما بالخروج من الدمار، وفي الوقت الحالي لا ينشغلان كثيرا بنهاية اللعبة. وعلق ليستر قائلا: “بوجود الجنرالين دوفرينكوف وسوروفكين، فإن حرب روسيا في أوكرانيا يديرها الآن محاربون سابقون في سوريا”. ويضيف: “يساعد الحلفاء بعضهم البعض في الرخاء والشدة، وكشف حرب أوكرانيا عن قيمة علاقة إيران مع بوتين. والصين تبدو ذكية بالقدر الكافي لتبعد نفسها، وليس مستغربا أن نرى إيران وكوريا الشمالية، الطرف الآخر في التحالف السوري تعمل بقدر ما تستطيع لتقوية العدوان الروسي”.
“القدس العربي”