اتهمت “منظمة منسقو استجابة سوريا” وكالات الأمم المتحدة بالسير بخطوات ثابتة في اتجاه التطبيع مع النظام السوري، وذلك بعد تنظيم زيارة رسمية إلى دمشق، التقت فيها المديرة الإقليمية للأمم المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر، مع مسؤولي النظام السوري، تمهيداً لتحويل المساعدات الإنسانية للعبور إلى سوريا عبر مناطق سيطرة نظام الأسد. وفي الجنوب، نظم مواطنون في مدينة السويداء جنوب سوريا، الاثنين، وقفة احتجاجية طالبوا خلالها بتنفيذ القرار الأممي 2254 وبانتقال سياسي للسلطة في سوريا، منددين بتعاظم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد.
وقال المتحدث باسم شبكة “السويداء 24″ ريان معروف لـ”القدس العربي” إن المحتجين حملوا لافتات ذات شعارات سياسية واقتصادية، وطالبوا بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على انتقال سياسي، كما حملوا يافطات طالبوا فيها بحقهم بالعيش الكريم. ونشرت شبكة “السويداء 24” مقطعاً مصوراً للوقفة الاحتجاجية، ظهر فيها بعض اليافطات التي حملها المحتجون في ساحة السير وسط مدينة السويداء، تحت عنوان “نعم لسوريا حرّة موحدة مستقلة” و “نطالب بتنفيذ القرار 2254″ و”إذا جاعت الشعوب تحاسب حكامها”. من جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن نحو 300 شخص من المتظاهرين شاركوا في الاحتجاج السلمي الاثنين.
تطبيع مع النظام؟
في غضون ذلك، قالت وكالة النظام الرسمية “سانا” إن وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد بحث الاثنين، مع المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر، عدداً من القضايا المتعلقة بأنشطة المنظمة في سوريا والمنطقة. وعبّر المقداد عن “تقديره للجهود المبذولة من قبل المنظمة بالتعاون مع الجهات الوطنية السورية والوزارات المعنية لدعم الأطفال في سوريا، مؤكداً أهمية زيادة العمل على مشاريع التعافي المبكر، وخصوصاً إعادة تأهيل وترميم المدارس والمؤسسات الصحية التي دمرتها المجموعات الإرهابية في مختلف المناطق السورية، ومشدداً على الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة السورية للأطفال”. بدورها أشادت المديرة الإقليمية للمنظمة، خلال الاجتماع “بالمستوى العالي من التنسيق والتعاون الذي وصلت إليه العلاقة بين الجانبين، بالتسهيلات التي تحظى بها المنظمة لتنفيذ مشاريعها وبرامجها الإنسانية”. وعرضت خضر بحسب وكالة سانا “خطط ومشاريع المنظمة التي تعمل على تنفيذها في مختلف المجالات المندرجة في نطاق عمل اليونيسيف، إضافة إلى بعض القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائي بين المنظمة ووزارة الخارجية والمغتربين”.
وحضر اللقاء قصي الضحاك مدير إدارة المنظمات والمؤتمرات الدولية في وزارة الخارجية والمغتربين، ووائل خليل مسؤول الملف في إدارة المنظمات، ويزن الحكيم من مكتب الوزير، كما حضرت اللقاء غادة كجه جي ممثلة اليونيسيف في سوريا وبشار الأطرش مسؤول العلاقات العامة في المنظمة.
من جهتها، وصفت منظمة منسقو استجابة سوريا، زيارة المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF إلى مناطق النظام واجتماعها مع مسؤولين تابعين له، بأنها خطوة ضمن مسار التطبيع مع النظام السوري من قبل وكالات الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن مناطق الشمال السوري لم تشهد مثل هذا النوع من الزيارات لمسؤولين من وكالات الأمم المتحدة على مدى الأزمة الإنسانية السورية المستمرة منذ أحد عشر عاماً وحتى الآن.
واعتبر مدير منظمة “منسقو استجابة سوريا” د. محمد حلاج في تصريح لـ “القدس العربي”، أن هذه الزيارة تدلل على تجاهل المجتمع الدولي وتغاضيه عن العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري، وقال إن هذه الزيارة “خطوات تمهيدية لتمويل الآلة العسكرية للنظام السوري، كما تمهد بطريقة غير مباشرة لإيقاف الآلية الدولية لدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود” لافتاً إلى أن المناطق الخراجة عن سيطرة النظام السوري تعاني أصلاً من حالة من العجز في تأمين احتياجات المدنيين. ونشر فريق “منسقو استجابة سوريا”، بياناً قال فيه إن “تلك الزيارات تجاهلت واقع الأطفال في مخيمات النازحين في شمال غربي والذي يتجاوز عددهم 1,017,871 طفلاً أي ما يعادل 56% من قاطني المخيمات، وقالت المنظمة في بيانها، إن “المسؤولة الأممية تجاهلت معاناة الأطفال في شمال غرب سوريا بشكل عام والمخيمات بشكل خاص”.
انتحار أطفال ومقتل 29
وسجلت المنظمة، منذ مطلع العام الحالي وفاة طفلتين من البرد نتيجة انخفاض درجات الحرارة، و16 حالة انتحار لأطفال في المنطقة وحالتين حاولا الانتحار أيضاً. ووفق البيان “تسببت الحرائق في مخيمات النازحين بوفاة أربع أطفال وإصابة 21 آخرين نتيجة الأوضاع الإنسانية السيئة داخل المخيمات. كما تجاوز عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية (14 – 17 عاماً) نسبة 35 % من إجمالي الأطفال الموجودين في مخيمات النازحين، وخاصةً مع ارتفاع كلف المعيشة اليومية ولجوء النازحين إلى تشغيل الأطفال لتغطية الاحتياجات اليومية”. وسجل البيان مقتل 29 طفلاً وإصابة 39 آخرين نتيجة الهجمات المستمرة من قبل قوات النظام السوري وروسيا وقوات سوريا الديمقراطية في شمال غربي سوريا، كما تسببت بمقتل 14 طفلاً وإصابة 35 آخرين نتيجة مخلفات الحرب والألغام في المنطقة.
واعتبرت المنظمة أن المجتمع الدولي تناسى الأزمات الإنسانية في شمال غربي سوريا، متجاهلين الوضع الإنساني لملايين المدنيين بينهم 1.8 مليون نازح في مخيمات ومواقع إقامة عشوائية وخاصةً مع تزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المدنيون في المنطقة، معتبرين أن هؤلاء المدنيين بحاجة لمشاريع إغاثية. وقال البيان، إن هذه الزيارات ستنعكس سلباً في الفترات القادمة على كل الجهات التي تحاول إضفاء الشرعية الكاملة على النظام السوري، ونؤكد أن جميع تلك المحاولات إن كانت سراً أو علناً محكومٌ عليها بالفشل.
“القدس العربي”