للشهر الثالث على التوالي، لم يتسلم الائتلاف الوطني السوري مخصصاته المالية، الأمر الذي وضع المؤسسة في حالة من الشلل، إلى حد العجز عن انعقاد المؤتمر الدوري للهيئة العامة الذي كان مجدولاً منتصف كانون الأول/ديسمبر.
وأكدت مصادر مطلعة من داخل الائتلاف ل”المدن”، أن معظم موظفي المؤسسة والعاملين فيها قد توقفوا عن الدوام بسبب عدم الحصول على راتبهم الشهري منذ مطلع تشرين الأول/أوكتوبر، مرجحين أن تكون تركيا هي من أوقفت تحويل الكتلة المالية المخصصة لها.
ورغم أن المنحة الشهرية التي يحصل عليها الائتلاف، وتبلغ 250 ألف دولار شهرياً، تأتي من دولة قطر، إلا أنها تمر عبر وزارة الخارجية التركية.
وأكدت المصادر أن الدوحة لا تزال ملتزمة بإرسال المنحة، لكن الجانب التركي هو من يوقف إيصالها للحسابات البنكية التي جرت العادة أن يتم تحويل المبلغ إليها، في مؤشر واضح على تغير موقف أنقرة تجاه الائتلاف.
وبينما يربط البعض بين هذا الإجراء التركي والتحول في توجهات أنقرة حيال الملف السوري، وخصوصاً لجهة الانفتاح على النظام، تقول المصادر إن الأمر يتعلق بعدم الرضا عن أداء الائتلاف.
كما تكشف أن هناك سببين مباشرين من المرجح أن يكونا قد دفعا أنقرة لقطع الموارد المالية عن المؤسسة، الأول عدم انجاز المسؤولين عنها تحقيقاً يتعلق بشبهات هدر وفساد تم الكشف عنها قبل شهرين، والثاني فشل الائتلاف على صعيد الأداء السياسي.
وأكدت مصادر “المدن” أن تقارير رفعتها جهات عدة في الحكومة التركية بعد المظاهرات التي اجتاحت مناطق النفوذ التركي في شمال سوريا، في أيلول/سبتمبر 2022، احتجاجاً على التصريحات التي صدرت عن مسؤولين أتراك وتدعو للمصالحة بين النظام السوري والمعارضة.
التقارير، كما قالت المصادر، كشفت ضعف الفاعلية وانعدام تأثير الائتلاف على الحاضنة الشعبية في الشمال، ما استدعى تحركاً من الجانب التركي على مستويات عدة، بينها إعادة النظر بالمخصصات المالية ورواتب ومصاريف المؤسسة.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها تحويل المستحقات الشهرية للإئتلاف، إلا أن هذه هي الفترة الأطول، الأمر الذي أدى الى تعطيل انعقاد مؤتمر الهيئة العامة وتوقف معظم الموظفين عن الدوام، بالإضافة إلى تهديد مالك المبنى الذي يستأجره الائتلاف بإخلائه، قبل أن يتدخل أحد اعضائه ويدفع الإيجارات المتراكمة ورواتب بعض الموظفين الأساسين من جيبه الخاص على سبيل الدين.
وحول ما إذا كانت هناك أي اتصالات بهذا الخصوص مع الجانب التركي والوقت المتوقع لحل هذه المشكلة، قالت المصادر إن أنقرة لم تعلق على الاتصالات بهذا الخصوص، لكن سبق وأن أبلغت رئاسة الائتلاف بتقليص الرواتب بنسبة 30 في المئة، على أن يشمل ذلك الأعضاء والموظفين.
“المدن”