خرجت مظاهرات شعبية عارمة على امتداد الشمال السوري تطالب بإسقاط النظام ورفض المصالحة معه، وذلك في رسالة سياسية تثبت موقف السوريين الرافض لإعادة إنتاج النظام السوري، وتنديداً بالمسار السياسي التركي في إعادة العلاقات مع النظام في سوريا،.
وقالت مصادر محلية لـ “القدس العربي” إن المئات خرجوا الجمعة، في مظاهرات رفضاً لمسار التطبيع التركي مع النظام في سوريا، في محافظة إدلب وريف حلب، من حارم وكفرلوسين مروراً بمدينة عفرين واعزاز ودابق ومارع وصولاً لمدينة جرابلس. وجدد المتظاهرون تمسكهم بثوابت الثورة السورية، وإسقاط النظام، مطالبين الحكومة التركية بعدم الضغط على المعارضة السورية لتسريع عملية التطبيع مع النظام في سوريا.
عراب المصالحة
وعلى خلفية ترحيب رئيس “الحكومة السورية المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى، بالمسار السياسي التركي، هاجم محتجون خلال مظاهرة شعبية خرجت في مدينة إعزاز في ريف حلب، للتنديد بالتقارب التركي مع النظام السوري، رئيس الائتلاف السوري المعارض، سالم المسلط، وطردوه منها خلال محاولته تصدر المظاهرة. وقالت مصادر محلية إن المئات من أبناء إعزاز في ريف حلب الشمالي طالبوا في مظاهرة غاضبة بحجب الثقة عن رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن المصطفى، رافضين تصريحاته الأخيرة التي أعرب فيها عن عدم معارضته التقارب بين النظامين التركي والسوري.
وأظهرت مقاطع مرئية اعتداء المتظاهرين على رئيس الائتلاف بالضرب ومحاولة اعتراض طريقه وسط هتاف المتظاهرين بـ “شبيحة”. وخلال الأسبوع الفائت، دعا ناشطون سوريون للخروج في مظاهرات يوم الجمعة تحت شعار “حجب الثقة عن عبد الرحمن المصطفى” رئيس الحكومة السورية المؤقتة، وأصدر نشطاء مدينة عفرين بريف حلب بياناً دعوا فيه “أحرار الثورة السورية للمشاركة في مظاهرة مركزية” كما وصفوا المسلط بأنه عراب المصالحة، بينما أحرق ناشطو مدينة جرابلس صورة رئيس الحكومة السورية المؤقتة.
وكان رئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، قد أثار زوبعة من الانتقادات والاتهامات الموجهة لقوى المعارضة السياسية، على خلفية التصريحات التي أدلى بها لموقع “TRT HABER” التركي، حيث رحب بالاجتماع الثلاثي الذي عُقد في موسكو بين وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام السوري، واعتبره خطوة مهمة نحو الحل السياسي في سوريا.
ردود فعل
وبينما رفض معارضون سوريون طرد المسلط من المظاهرة بعد تعرضه للضرب والشتم، معتبرين ذلك خروجاً عن الموقف الثوري وتعدياً على شخصه، رأى آخرون ذلك أمراً عادياً ويحصل في أرقى الدول، مبررين ذلك بأن المعارضة السياسية والتي أصبح الائتلاف الوطني جزءاً منها، لم تقرأ الانتفاضة الشعبية ضد مسار التطبيع مع النظام السوري بشكل جيد، مما أوقعها في سوء التقدير الذي أودى بكرامة سالم المسلط رئيس الائتلاف الوطني من خلال ما جرى له الجمعة، على يد المتظاهرين في مدينة إعزاز. كما أبدى البعض تخوفه من أن تكون هذه “الحركة مدفوعة.. وهدفها إعادة تشكيل الائتلاف بما يتناسب مع المرحلة القادمة وخاصه بعد التغيير الأمني والعسكري” بمعنى أن من ورّط رئيس الائتلاف السوري المعارض كان هدفه واضحاً.
ورصدت “القدس العربي” رود الفعل وأسباب احتقان الشارع السوري التي أدت إلى طرد المسلط والاعتداء عليه في مظاهرة اعزاز، حيث ترجم المحلل السياسي والمحامي عبد الناصر حوشان ما جرى بأنه نتيجة الهوة الساحقة بين الثورة وبين المتصدّرين للقيادة. وقال” إن ما حصل مرده “إلى الفجوة بين جمهور الثورة والمعارضة السياسية التي تتصدر المشهد، التي يغلب عليها من يودون إرضاء المجتمع الدوليّ على حساب ثوابت الثورة ومطالب الأحرار، وهمّهم بناء أجسام القيادة على أساس المحسوبيّة، على حساب الولاء للثورة، فلا هم بلغوا رضى المجتمع الدوليّ واقناعه بصلاحهم بديلاً للأسد، ولا هم بلغوا رِضى الحاضنة الثوريّة”.
الكاتب والمحلل السياسي محمد سليمان دحلا اعتبر من جانبه لـ “القدس العربي” أن ما حصل “أمر عادي يحصل في ارقى الدول .. المسلط أخطأ التقدير حين اقترب من الشارع المحتقن من الائتلاف وملحقاته والتي يعتبرها أدوات المصالحة والتنازلات المجانية، لذلك أقل ما يمكن ان يفعله المسلط هو الاعتراف بالفشل الذريع والاستقالة”.
«لا تمتحنوا طيبة السوريين»
وعقب المعارض السوري محمد ياسين نجار “لا تمتحنوا طيبة السوريين.. لا تمتحنوا صبرهم وتحملهم وحلمهم، بلغ السيل الزبى وطفح الكيل من تجاوزات المسلط والمصطفى والجي فور تجاه الثورة وجمهورها”. وأضاف “عندما لا يلتقط هؤلاء رسالة السوريين الواضحة في الأسبوعين الماضيين برفض الارتهان والتطبيع والفساد، ويقومون بتحديهم ومواجهتهم ستكون النتائج بلا شك وخيمة عليهم”.
وكتب أدهم عبد الرحمن الأسيف “أخطأ سالم أنه لم يجمع حوله أمنيين يحمونه من المندسين والمأجورين والمدفوع لهم من جهات تآمر تهدف لتفتيت اللحمة الوطنية وتدمير الجهود الكبيرة للقيادة الحكيمة..، ظن أنه “عُمَر” فاكتشف – كما سيكتشف غيره الكثير- أنه “ظالم”. أما القاضي حسين حمادة فقال “التأخر في معالجة الأخطاء كان سبباً في تنامي جرأة الأقزام على الاستخفاف بدم مليون شهيد وأوصل الثورة السورية الى ما هي عليه”. بينما أبدت المعارضة السوري لمى الأتاسي ضرورة استقالة كافة أعضاء الائتلاف، حيث كتبت “عندما يرفضك الشعب الثائر بهذا الشكل عليك أن تستقيل… ما الذي يمنع من استقالة كافة اعضاء الائتلاف طالما الشعب يرفضهم… أليس هذه من أبسط حقوق الناس التي قدمت دماءها وأمنها وحياتها ثمنًا للحرية؟ أيعقل أن يكون حاميها حراميها للثورة.. عيب عليك يا سالم المسلط ألا تستقيل أرحلوا بقليل من ماء الوجه لربما نشكركم الجمعة القادمة”.
وقال يوسف حمود “بعدما تم طرد السيد سالم المسلط رئيس ائتلاف قوى المعارضة السورية من قِبل الجماهير في مدينة اعزاز.. لا ينصح أعضاء وقيادات المجلس الوطني الكردي بزيارة المناطق الكردية “المحررة” بسبب تصاعد موجودة الغضب الجماهيري تجاه ائتلاف قوى المعارضة السورية، وإسقاط شرعية الائتلاف في تمثيل الشعب السوري… المناطق “المحررة” تعلن عن تحرره من كل شيء، من النظام، والمعارضة وتركيا”.
«أمر إيجابي»
بينما أعرب علاء دادو عن رفضه لما جرى وكتب “رغم أنني ضد سياسة الائتلاف الحالية لكن ما جرى اليوم من اعتداء على شخصيات بارزة في الائتلاف أمر غير لائق.. نختلف معهم أحياناً ونتفق وننقد أحيانا أخرى لكن حقيقة نزول الشيخ سالم المسلط إلى التجمع الثوري ومشاركتهم الفعالية أمر إيجابي وسلبي في الوقت نفسه، إيجابي موقف ثوري يحسب له وسلبي كون الثوار اليوم محتقنين مما جرى من تصريحات أخيرة تتعلق بالمصالحة كان من الواجب أن يكتفي ببيان قوي يعبر عن رأي الائتلاف والحكومة المؤقتة رغم أنه أصدر بياناً مصوراً كان جيداً منه مع سلبية كلام رئيس الحكومة التابع له”.
الإعلامي السوري غسان ياسين قال “من حق الناس أن تنتقد الائتلاف وهيئة التفاوض والحكومة وكل الكيانات السياسية والثورية لكن ما جرى مع سالم المسلط غير مقبول لماذا يضرب ويشتم ويوصف بالشبيح! إذا كان الجميع يعرف أن الائتلاف لا حول ولا قوة وليس لديه ميزانية ولا سيطرة على أي شيء في سوريا.. يعني حرفياً ما بيمون على شي”.
“القدس العربي”