كندة الأحمد – إسطنبول
بشروط تعجيزية مرة أخرى يرفض رأس النظام السوري “بشار الأسد” الحوار مع الجانب التركي مُلبي الدعوة الروسية على طاولة موسكو بعد قطيعة دامت أكثر من 11 عاماً بين الطرفين.
ليعود ويصرح بشار الأسد مؤخراً رافضاً بإكمال الحوار مع تركيا إلا إذا كان الهدف هو إنهاء الاحتلال ووقف دعم التنظيمات الإرهابية على حد تعبيره ليكمل وزير خارجية النظام “فيصل المقداد” قوله: إن” أي لقاءات مع الجانب التركي يجب أن تُبنى على أسس احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها وإنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب”.
كل هذه مؤشرات تدل على عرقلة نظام الأسد عملية المفاوضات السابقة والمحتملة مع أي جانب ورفضه للحلول التي يمكن أن تفضي إلى حل للقضية السورية.
أنقرة التزمت بمطالب الشعب السوري
يقول الكاتب الصحفي التركي “بولنت شاهين إيرديغار“ في حوار مع “نداء بوست “: إن أنقرة حددت سياستها منذ العام 2011 تجاه الملف السوري داعيةً نظام الأسد لتطبيق الإصلاحات الديمقراطية تلبية لمطالب الشعب السوري، وبقيت ملتزمة بهذا المسار واستمرت في تحذير الأسد من استخدام العنف ضد المدنيين منذ اندلاع الثورة السورية، والتقى وزير الخارجية آنذاك أحمد داود أوغلو بشار الأسد للمرة الأخيرة بعدها قطعت تركيا علاقاتها بنظام دمشق.
ويضيف ” إيرديغار “، إن تركيا غيرت أولويات سياستها تجاه سورية من إسقاط نظام الأسد إلى محاربة التنظيمات الإرهابية المسلحة مثل ” بي كي كي” و“قسد“ وهذا عرقل عملية الإطاحة بنظام الأسد، ناهيك عن الدعم الذي يتلقاه النظام من روسيا والولايات المتحدة التي تدعم قسد في شرق الفرات ما يؤدي إلى تضارب المصالح المختلفة في سورية.
ويشير “إيرديغار” إلى مشاكل عديدة تعاني منها تركيا ناتجة عن موجة نزوح اللاجئين السوريين إلى أراضيها على مدار سنوات والتهديدات التي تشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي التركي من قبل تنظيمات “بي كي كي” الإرهابية، ولذلك اتجهت الحكومة التركية للبحث عن حلول عبر الحوار مع الأسد.
لم يكن نظام الأسد منفتحاً على الحوار بكافة أشكاله منذ بداية الصراع، ومقابل بقائه في الحكم اتبع سياسة تحميل دول الجوار أعباء هذه الحرب لحماية المصالح المشتركة في الجغرافية السورية التي باتت مسرحاً لابتزاز دول الغرب وتحويلها إلى منصة يتقاسم من خلالها الحلفاء حصصهم في وجود بشار الأسد مدعين بأنه الضامن الوحيد لحماية إسرائيل وحامي مصالح الغرب والولايات المتحدة بسياسة فاشلة وغياب الركائز الأساسية لإدارة شؤون البلاد بعد الحرب الطاحنة التي أدت إلى تدمير سورية بشكل شبه كامل.
رسائل تحذيرية تركية
تلت تصريحات نظام الأسد ردود فعل غاضبة من أنقرة حول شروط قبول الحوار مع تركيا هو “إنهاء الاحتلال” واصفين إياها بالتصريحات المعادية كما جاء على لسان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية “عمر جيليك” معلقاً بأن بلاده ليست قوة احتلال في سورية مضيفاً أن التهديد الأول والحقيقي للجانب السوري هو المنظمات الإرهابية.
حمل الخطاب التركي رسائل تحذيرية لنظام الأسد مشيراً إلى ضرورة انتقاء كلمات دبلوماسية غير “متطرفة” متجاوزة المساعي الدبلوماسية لإنجاح الحوار بين الطرفين متمثلة بالرغبة التي تريدها أنقرة للتعاون المشترك بالوساطة الروسية.
ويصر حزب العدالة والتنمية على استمرارية العملية وخصوصية الحوار بين الجانبين مضيفاً أن بعض الأعمال على وشك الانتهاء لدفع المفاوضات السياسية، وتنفيذ آليات مشتركة مع سورية لتطهير الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية. وعن ذلك يقول “إيرديغار“: إن مشكلة اللاجئين هي مشكلة حقيقية بالنسبة لأنقرة يعيش ما لايقل عن 5 ملايين لاجئ سوري في تركيا. وتستخدم أحزاب المعارضة هذه الورقة للضغط على الحكومة التركية، وتسببت بصراعات اجتماعية ومشاكل اقتصادية في البلاد.
ويشير “إيرديغار“ في حديثه إلى أن الأسباب التي ذكرت هي خطط الحكومة التركية لتقديم تنازلات مع الأسد وإعادة اللاجئين إلى مناطق أمنة ضمن الشروط المتفق عليها مع النظام في أنقرة لكن هذا المشروع بعيد عن الواقع نوعاً ما لا يمكن أن ترسل قسراً 5 ملايين شخص ، فهذا المشروع لن يكون ممكناً إلا بنجاح عملية سياسية حقيقية في سورية وظهرت المحاولات التي تقدمت بها تركيا في موسكو للمصالحة مع الأسد وبمعنى آخر ، ربما أراد الرئيس التركي أن يكون الخطاب لتهدئة النفوس بين الأحزاب المعارضة لكسب الوقت في العملية الانتخابية.
الفوضى السياسية بين الأحزاب التركية زادت الوضع تعقيداً وانعكست سلباً على السياسة التركية الخارجية كحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية حزب الشعب الجمهوري المعارض التركي والحزب العام للصليب الأحمر يدعون منذ سنوات للمصالحة مع نظام الأسد، وقطع الدعم للمعارضة السورية وإرسال اللاجئين.
فبينما يدعو حزب السعادة الإسلامي المقرب من إيران إلى التقارب مع نظام الأسد، يقف حزب DEVA وحزب المستقبل إلى جانب المعارضة السورية ويدافعان عن حقوق الشعب السوري، والحكومة التركية لن تقطع دعمها للمعارضة، كما ستواصل الدعوة إلى استمرار العملية السياسية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، والكلام لـ “إيرديغار“.
أما في حال التقى الرئيس التركي أردوغان مع الأسد فستكون هناك شروط صعبة التنفيذ على نظام الأسد، مثل إجراء إصلاحات ديمقراطية، والعمل بشكل مشترك ضد الميليشيات الكردية الإرهابية التي تشكل خطراً على تركيا، وبالتالي سيطلب الأسد من أردوغان انسحاب تركيا من سورية والتوقف عن دعم المعارضة المسلحة وهذا أمر ليس سهلاً وغير قابل للتنفيذ لكلا الطرفين فنظام الأسد سيعرقل كل المفاوضات وكل الحلول المطروحة أمامه.
تعود التصريحات التركية إلى الواجهة باستمرار وسط الحديث عن لقاء مرتقب في أوائل شهر فبراير بين وزراء الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الخارجية في نظام الأسد فيصل المقداد، ولا زالت تحظى بقبول ضئيل بالإضافة إلى تصريحات من حكومة النظام السوري التي لا تشير إلى أن هناك حواراً إيجابياً دار في موسكو.
شروط تعجيزية يضعها النظام في طريق محاوريه على كافة الأصعدة، ويبدو إرضاء الروس غاية لا تدرك بالنسبة للأسد وسط تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في مناطق سيطرته والشلل الكامل الذي ضرب مؤسسات الدولة، إضافة إلى أزمة المحروقات وأزمة الغذاء.
“نداء بوست”