سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الضوء على الواقع المزري في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، وكيف تحولت إلى مدن أشباح بسبب انقطاع الكهرباء والوقود.
وبدأت الصحيفة تقريرها، بالحديث عن أسرة في مدينة حمص ثالث أكبر المدن السورية، وكيف يستغرق غسيل الملابس أسبوعاً كاملاً.
ويقول محمد وهو أحد أفراد تلك الأسرة إنه “لا يوجد وقت محدد لتوصيل الكهرباء، أحياناً تأتي لمدة ساعة، وأحياناً ساعتين، وأحياناً لمدة 10 دقائق، وفي بعض الأحيان لا تأتي على الإطلاق”.
تغسل والدة محمد معظم الملابس يدوياً، وتترك الملابس التي تحتاج إلى جهد كبير في الغسالة، والتي تعود إلى الحياة كلما عادت الكهرباء.
يعاني السوريون من أزمة وقود خانقة، كما أدى انقطاع التيار الكهربائي الطويل إلى إغراق معظم أنحاء البلاد في الظلام.
في العاصمة دمشق تحصل بعض الأحياء على 15 دقيقة من الكهرباء كل 24 ساعة، في حين أنه في المناطق المركزية القريبة من ”القصر الجمهوري”، تظل الأنوار مضاءة لفترة أطول.
ومع نقص الوقود، غالباً ما تكون الطرق الرئيسية خالية من حركة المرور، وأصبحت الحدود السورية اللبنانية سوقاً سوداء مزدهرة للوقود.
في حمص وفي جميع أنحاء البلاد وصلت الحياة إلى طريق مسدود فعلياً، قال محمد الذي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن اسمه: “إنها مدينة أشباح”.
يعتمد معظم السوريين على المولدات لتوليد الكهرباء، لكنهم يحتاجون أيضاً إلى الوقود، كما أن الناس يحرقون النعال، النايلون، الزجاجات البلاستيكية للتدفئة.
قال محمد: “يمكنك رؤية الناس في الشارع، يجمعون البلاستيك من أكياس القمامة، حتى أكياس القمامة نفسها ، ويحرقونها”.
تمتلك عائلة محمد بطارية، لكنها ليست قوية بما يكفي، فهي فقط للمصابيح الصغيرة ”ليدات”، ويقوم (محمد) بشحن هاتفه بواسطة بنك طاقة، والذي يعيد شحنه في منزل أحد أقاربه الذي ادخر لشراء لوحين من ألواح الطاقة الشمسية.
وللحفاظ على البطاريات الضخمة قيد التشغيل، يقوم أرباب الأسر بحملها إلى الطوابق السفلية وتوصيلها بالسيارة لشحنها.
قال محمد: “معظم الناس يستخدمون السيارة بهذه الطريقة”، ويضيف مازحاً أن السيارة نفسها بالكاد تحركت بسبب نقص الوقود.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ألقى وزير النفط التابع للنظام السوري بسام طعمة اللوم في الأزمة على تأخر الشحنات من “الأصدقاء”، في إشارة إلى إيران.
اعتماده على إيران للحصول على النفط، الذي تم شراؤه بالائتمان، يضع النظام السوري تحت رحمة قوى خارجة عن سيطرته، حيث أشار طعمة إلى حادثة نيسان/ إبريل الماضي، عندما احتجزت اليونان سفينة ترفع العلم الإيراني وصادرت الولايات المتحدة جزءاً من شحنتها النفطية مؤقتاً.
يتطلع السوريون إلى لبنان المجاور، حيث قد يكون الغاز باهظ الثمن ولكنه متاح بسهولة على الأقل. أصبح قطاع الأرض الذي يربط بين البلدين سوقاً غير رسمي حيث يتم شراء وبيع الزجاجات البلاستيكية المليئة بالبنزين بحرية.
ونقلت الصحيفة عن أحد السائقين السوريين الذي ينقل الأشخاص بين البلدين قوله إن وقود السوق السوداء “قدم الإغاثة للناس”.
كما أشار إلى اصطفاف أصحاب سيارات تحمل لوحات لبنانية على جانب الطريق في هذه المنطقة، يقومون بسحب البنزين من سياراتهم علانية وبيعه لأولئك القادمين لسورية.
وقال: “إذا عبرت الحدود السورية يتغير السعر ويصبح ربحك أفضل”.
وأضاف السائق: “إن ضباط الجمارك اللبنانيين، المعروفين منذ فترة طويلة بعدم قبول الرشاوى، يكسبون المال الآن من التجارة”.
تشير الصحيفة إلى أنه على فيسبوك، الموقع المفضل لدى السوريين، تزدحم المجموعات المخصصة لإيجاد محطات وقود مفتوحة، وكذلك بعروض بيع أسطوانات الغاز وغالونات الوقود.
كما تنقل المنافذ الإعلامية الموالية بشكل متزايد أخبار الأزمة: “شلل تام بسبب نقص الوقود.. لا حياة في شوارع العاصمة السورية”.
اضطر النظام السوري إلى الاعتراف بنقص الوقود وتنفيذ سلسلة من الإجراءات المؤقتة، حيث قام الاتحاد الرياضي العام بتأجيل جميع مباريات كرة القدم وكرة السلة إلى أجل غير مسمى، كما حصل الموظفون على يومين إضافيين إجازة في الأسبوع.
“نداء بوست”