نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي لوائل الزيات، المدير التنفيذي لمنظمة “إنغيج” والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، طالب فيه الحكومة الأمريكية بالتمسك بموقفها وعدم رفع العقوبات عن سوريا في أعقاب الزلزال المدمر.
وقال الزيات إن العقوبات لا علاقة لها بتقديم الخدمات التي يحصل عليها السوريون، والتي تأتي منذ بداية الحرب الأهلية عبر الأمم المتحدة. وقال إن منطق العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة يختلف عن دور حكومة النظام السوري في تقديم الخدمات، رغم اعترافه أنها أثّرت نوعا ما على الاقتصاد، وتراجع قيمة العملة السورية.
وجاءت مقالته ردا على الدعوات التي صدرت من حكومة النظام السوري لرفع العقوبات الأمريكية عليها حتى تتمكن من تقديم المساعدات للشعب السوري. وتحدثت بثينة شعبان، الناطقة باسم الحكومة مع قناة سكاي نيوز، قائلة إنه في حال رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات، فعندها “يستطيع الشعب السوري العناية ببلده”. ولم تكن شعبان وحيدة في مطالبتها برفع العقوبات، فقد صدرت دعوات من جماعات دينية وإنسانية حسنة النية.
ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية هذه الدعوات حتى الآن، إلا أنها ستواجه الضغوط مع معرفة حجم الدمار والضحايا بسبب الزلزال. ويرى الزيات أن الدواعي لتمسك الحكومة الأمريكية بموقفها من العقوبات مرتبطة بالآتي.
فقد فرضت الحكومة الأمريكية سابقا عقوبات على سوريا منذ عام 1979، نظرا لتصنيف البلد كدولة راعية للإرهاب واحتلاله لبنان. وبعد قيام الرئيس بشار الأسد بحملة قمع ضد المتظاهرين المطالبين بالتغيير عام 2011، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات لحرمان النظام من القدرة على تمويل جيشه كي يكون قادرا على قمع المدنيين واستخدام العنف ضدهم. وشمل هذا تجميد أملاك المسؤولين في النظام وحظر الشركات الأمريكية من استيراد النفط السوري.
وفي عام 2019، أقر الكونغرس الأمريكي قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا. وزاد القانون عددا من العقوبات على الحكومة السورية وصناعاتها والكيانات الأجنبية التي تقدم الدعم المالي والمادي للنظام.
ويرى الكاتب أن الدافعية وراء هذه العقوبات، خاصة تلك التي فُرضت في مرحلة ما بعد 2011، كانت واضحة: الحد من قدرة الأسد على تمويل جيشه وميليشياته ممن تورطوا في مذابح. في وقت حاول داعموه، روسيا وإيران، إبعاد الأسد عن المسؤولية في المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها سوريا وتحميل العقوبات المسؤولية.
صحيح أن العقوبات لعبت دورا في وقف الإنفاق الحكومي وانهيار قيمة الليرة السورية، لكنها لم تؤثر على طريقة إيصال المساعدات الإنسانية التي كانت توزعها الأمم المتحدة في مناطق النظام. ورغم التوثيق للفساد داخل عمليات شراء المواد التي توزعها الأمم المتحدة ومحاولة النظام السوري التأثير على مناطق توزيعها، ظلت الولايات المتحدة المانح الأكبر، وقدمت تقريبا 16 مليار دولار لسوريا والمنطقة. ووصلت معظم هذه المساعدات للمناطق الخاضة لسيطرة النظام، لأنه منع وصولها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وخلال عمل الزيات في وزارة الخارجية الأمريكية، كان النظام يحاصر 18 بلدة تحت سيطرة المعارضة، حيث منع وصول المواد الإنسانية والدواء إليها. وأمرت قواته قوافل المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي بالعودة، والتي سمح لها بدخول المناطق المحاصرة، كانت تجرد من الأدوية والمواد الضرورية لإنقاذ حياة المرضى.
ويقول الزيات إن روسيا وطوال الحرب، جعلت مجلس الأمن رهينة لموقفها، وأجبرته على القبول بمعبر واحد للمواد الإنسانية من تركيا إلى مناطق المعارضة، وهي نفسها اليوم التي بات سكانها تحت الأنقاض، وهم بحاجة ماسة للدعم الدولي. وبحسب الخوذ البيضاء أو مؤسسة الدفاع المدني، فلم تكن هناك اتصالات من الأمم المتحدة، ولم تصل المنطقة سوى قافلة واحدة منذ الزلزال.
وقالت المنظمة إن مئات العائلات عالقة تحت الأنقاض في ظروف برد قارس، وأغلقت النوافذ للنجاة.
ويقول الكاتب، إنه بدلا من الدعوات لرفع العقوبات، يجب العمل على إيصال الدعم المباشر إلى المناطق المنكوبة ووصول فرق الإنقاذ المتخصصة واستخدام كل المعابر الصالحة للاستخدام عبر تركيا.
وقدم الزيات قائمة من المنظمات المستعدة لتقديم العون إلى شمال- غرب سوريا. قائلا إن مَن يريدون مساعدة الشعب السوري يجب عليهم التعاون مع هذه المنظمات. مشيرا إلى أنه لا يمكن الاعتماد على الأسد ونظامه لمساعدة نفس الناس الذين حاول إبادتهم.. فقط الناس الطيبون في العالم هم من يستطيعون، بحسب قول الزيات.
“القدس العربي”