سقط في القطاع خلال اليومين الماضيين ، العشرات بين قتلى وجرحى ، بالاضافة الى الدمار المادي والأخطر من كل ذلك هذا الدمار النفسي والسياسي الذي يلحق بنا وبقضيتنا نتيجة هذه الاشتباكات المؤسفة والمؤلمة لكل فلسطيني مهما تكن اتجاهاته او انتماءاته.
إن القضية الكبرى في هذه الاحداث أننا صرنا نسارع الى استخدام السلاح ونحتكم اليه ، في كل خلاف ينشأ بيننا ، كما أننا صرنا نسارع الى اتهام بعضنا بعضاً بكل الاوصاف السلبية لدى أي اختلاف ، ويسقط نتيجة ذلك القتلى والجرحى وتتعمق الخلافات وتزداد مصاعب الحياة الصعبة اصلا والضيقة للغاية نتيجة ممارسات الاحتلال واجراءاته ضد شعبنا وارضنا وحاضرنا ومستقبلنا.
ان ضرب أية فئات معارضة وقتل رموزها او افرادها لن يؤدي الى انتهاء المعارضة وانما الى تعميق حدة التناقضات وخلق قوى معارضة جديدة ، واستمرار الحلقة المفرغة والدوامة المدمرة ، ولا مستفيد من كل هذا سوى الاحتلال وأعداء شعبنا فقط.
ولا بد من التأكيد في هذا المجال على حقيقة لا يستطيع احد ان يجادل فيها. إن الظروف المأساوية من حصار ومقاطعة اقتصادية ومن بطالة ومن آفاق مغلقة للتغيير او التوجه نحو الافضل ، كالتي يعيشها قطاع غزة ، تشكل كلها تربة خصبة للتطرف وللتدخلات الخارجية ، حيث تسعى فئات بعيدة عن مصالح شعبنا وقضيته ، تغذية الانقسامات واجواء الانغلاق وانكار الآخر ، ورفض المعارضة والمعارضين.
ومما يزيد الامور أسفاً وألماً ، ان هذه الاحداث المؤلمة صارت مناسبة لتعميق الانقسام بين فتح وحماس وليس تعميق الخلافات في ا لقطاع فقط ، وذلك نتيجة اتهام حماس جماعة «جند انصار الله» بالارتباط بالاجهزة الامنية التابعة للسلطة ، في مسعى لتحميل السلطة المسؤولية عما جرى ويجري من اشتباكات ، مما يزيد حالة «البعثرة السياسية» الفلسطينية ، وكان المطلوب او المأمول ان يحدث العكس تماما.
إن هناك جلسة مقررة للحوار في القاهرة خلال الايام القليلة القادمة ، ومن المفترض تنقية الاجواء لانجاح هذه الجلسة بعد طول جلسات دون جدوى حتى الآن ، وبعد خيبات امل كبيرة ضربت ابناء شعبنا الذين يتطلعون الى اليوم الذي تعود فيه حالة الوفاق والموقف الموحد لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجهنا جميعا.
إننا نأسف كثيرا للدماء التي سالت ونتألم لذلك ، ونؤكد رفضنا المطلق للاحتكام للسلاح لحل الخلافات الداخلية مهما تكن الاسباب او المبررات ، كما نأسف في الوقت نفسه لهذا التصعيد في الانقسام وتبادل الاتهامات ، خاصة بعد ان مررنا بتجربة لم تكن مقبولة أبداً لدى انعقاد مؤتمر فتح ومنع اعضاء غزة من المشاركة فيه.
ونتوجه الى القيادات والمسؤولين قائلين : إتقوا الله في شعبكم وقضيتكم ومستقبل ومصير وطنكم.
القدس




















