كشفت مصادر محلية في دير الزور لـ»القدس العربي» عن حالة من التأهب والاستنفار في أوساط الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الايراني في دير الزور شرقي سوريا، وذلك تحسباً لردود محتملة من جانب «التحالف الدولي» على الاستهداف الصاروخي لحقل العمر التي يتخذها التحالف الدولي بقيادة واشنطن قاعدة عسكرية.
ومساء الاثنين، تعرضت قاعدة العمر لهجوم صاروخي من دون تسجيل إصابات بشرية، وبين التحالف الدولي في بيان على تويتر أن قواته شرق دير الزور تعرضت لهجوم بواسطة صاروخين عيار 107 مم. واعتبر التحالف أن «الهجمات المماثلة تشكل تهديداً على قوات التحالف، والقوات الشريكة، والمدنيين، وتنذر بتقويض الأمن والاستقرار الذين يتم العمل بجهد لتحقيقهما في سوريا والمنطقة».
وأكد المسؤول في موقع «الشرق نيوز» المتابع للتحركات شرق سوريا، فراس علاوي لـ»القدس العربي»، أن القصف من جانب الميليشيات على قاعدة العمر وغيرها بات روتينياً. وأضاف أنه مع كل مستجدات في موضوع المفاوضات الإيرانية الغربية حول الملف النووي، نشهد هجمات على القواعد الأمريكية في سوريا، وردوداً من التحالف الدولي. والملاحظ حسب علاوي أن الميليشيات هي من تبادر دائماً، وقال: «للآن لم نشهد رداً من التحالف على الهجوم الصاروخي الأخير، الذي لم يسفر عن إصابات أو أضرار بشرية أو حتى مادية في القاعدة».
رفض أمريكي
ورجح مصدر مقرب من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أن يكون القصف الأخير في إطار زيادة الضغوط على الولايات المتحدة في سبيل سحب قواتها من سوريا، مشيراً في حديثه لـ»القدس العربي» إلى أن القصف يأتي بعد أيام من رفض مجلس النواب الأمريكي، انسحاب القوات الأمريكية من سوريا. وكان الجيش الأمريكي قد أعلن في شباط/فبراير الماضي عن قصف صاروخي مجهول المصدر استهدف قاعدة عسكرية تابعة له في شمال شرقي سوريا. وقالت القيادة المركزية للجيش الأمريكي، في بيان نشرته عبر تويتر، إنه «بتاريخ 18 شباط الساعة 08:28 مساء بالتوقيت المحلي في سوريا، سقط صاروخان بالقرب من موقع قوات التحالف في القرية الخضراء شمال شرقي سوريا».
وقبل أيام، كان رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي، قد أجرى زيارة مفاجئة لإحدى قواعد التحالف في شمال شرقي سوريا، في 4 من الشهر الجاري، لتقييم مهمة محاربة تنظيم «الدولة» ومراجعة إجراءات حماية القوات الأمريكية من أي هجوم. من جانبها، نقلت وكالة «رويترز» عن ميلي قوله للصحافيين المسافرين معه أنه يعتقد أن القوات الأمريكية وشركاءَها السوريين بقيادة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» يحرزون تقدماً في ضمان هزيمة دائمة لـ»تنظيم الدولة». وكان مشروع القرار قد حظي بتأييد 103 أعضاء، فيما قوبل برفض 321 آخرين، وصوت 56 من النواب الديمقراطيين لصالح مشروع القرار، فيما أيده 47 عضواً من الجمهوريين.
تقرير أممي
وفشلت كلّ من الحكومة السورية والأمم المتحدة في مساعدة السوريين بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد في السادس من شباط/فبراير، على ما خلصت لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا الإثنين.
وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو في بيان صدر لمناسبة نشر تقرير جديد «بينما كانت هناك أعمال بطولية كثيرة من جانب السوريين أنفسهم لمساعدة الضحايا، شهدنا أيضاً فشلاً ذريعاً للحكومة وللمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، في توجيه المساعدة الحيوية الملحّة لشمال غرب سوريا». واعتبر أن «كل هذه الأطراف يتحمّلون جزءًا من المسؤولية» مطالبًا بـ»تحقيق مستقلّ». وأضافت اللجنة «لقد فشلوا في التوصل إلى اتفاق على وقف فوري للقتال. فشلوا في تسهيل إيصال المساعدة الحيوية عبر جميع القنوات المتاحة»، مشيرة إلى الشعور بالتخلّي لدى السوريين والحاجة إلى إجراء تحقيق. وأدّى الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات وتلاه زلزال آخر بقوة 7,6 درجات، إلى مقتل نحو 46 ألف شخص وإصابة 105 آلاف آخرين في تركيا، وفقاً لحصيلة غير نهائية. وأفادت السلطات عن مقتل نحو ستة آلاف شخص في سوريا أيضاً.
كذلك، ضاعف الزلزال التحدّي الذي تواجهه المنظمات الإنسانية في مساعدة السكّان السوريين، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة في إدلب (شمال غرب)، في الوقت الذي تخضع فيه البلاد لعقوبات دولية بينما تضرّرت الطرق المؤدية إلى المعبر الحدودي الوحيد المتاح قبل الزلزال. وخفّفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين العقوبات المفروضة على سوريا، بينما وافقت دمشق على السماح للأمم المتحدة بفتح عدد أكبر من المعابر الحدودية للمساعدة في إيصال المزيد من المساعدات.
ولم تتردد اللجنة التي فوّضها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في انتقاد الأخيرة. وأكّد مفوّض اللجنة هاني مجالي أن المنظمات الإنسانية الأممية كان في إمكانها التصرّف دون انتظار تحديد المعابر الحدودية الجديدة. ورأى أن «ليس من الضروري (انتظار) قرار لمجلس الأمن عندما يكون هناك ناس في وضع ميؤوس منه. حصل زلزال (…) ويقول خبراء القانون إن في ظروف استثنائية يمكن التحرك حتى لو ذلك يعني عبور حدود أو تجاوز سيادة الدولة». واتّهمت اللجنة الحكومة والجيش السوري بـ»منع المساعدات عبر الحدود للمجتمعات المتضرّرة»، فيما اتّهمت هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) في شمال غرب سوريا بـ»رفض المساعدات عبر الحدود الآتية من دمشق». وقال بينيرو «نحقّق حالياً في عدّة اتهامات بأنّ أطراف النزاع تعمّدوا عرقلة المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضرّرة».
“القدس العربي”