بغصّة تستعدّ أم عصمت لاستقبال شهر رمضان المبارك الذي يبدأ اليوم الخميس، ويحلّ ثقيلاً هذا العام بعدما ألحق الزلزال أضراراً جسيمة بمنزلها، وجعلها بين ليلة وضحاها تقيم مع عائلتها في خيمة في شمال سوريا.
وتقول المرأة لوكالة فرانس برس “يختلف شهر رمضان هذا العام عن رمضان السابق والعام الذي قبله”، بعد أن تنهي مع ابنتها التسوّق من دكان مجاور في بلدة الشيخ حديد في منطقة عفرين، في ريف حلب الشمالي الغربي.
داخل خيمة باتت منزلها منذ الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة في السادس من شباط/فبراير، ترتّب أم عصمت ما اشترته من أكياس أرز وبرغل وزيت وتمور وحلاوة. وتحضر من منزلها المجاور أواني منزلية نجت من تداعيات الزلزال. وتضيف بحرقة بينما تجلس داخل الخيمة الخالية الا من فرش ومدفأة “رمضان هذا العام صعب علينا لأن معنوياتنا كُسرت وبتنا نعيش في خيمة”.
ويحل شهر رمضان في سوريا وسط غلاء “فاحش” في أسعار السلع والمواد الغذائية، مما سيضطر غالبية الأسر إلى تغيير أنماط الاستهلاك المعتادة. وفاقم انخفاض قيمة الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار (7500 ليرة سورية للدولار الواحد) مشكلة التضخم، حيث تتجاوز كلفة تحضير طبق “الفتوش” (خضار وخبز محمص بالزيت) وهو أحد أكثر العناصر حضوراً على موائد السوريين في رمضان، 15 ألف ليرة لعائلة مكونة من خمسة أفراد، علماً أن متوسط الرواتب لا يتجاوز 120 ألف ليرة سورية. وحسب مواقع موالية فإن ارتفاع كلفة طبق الفتوش يعود إلى ارتفاع أسعار مكوناته إلى مستويات غير مسبوقة، مما سيؤدي إلى غيابه من على موائد إفطار الفقراء في رمضان.
أما تكلفة وجبة الإفطار لعائلة واحدة فتتجاوز نصف راتب موظف حكومي، حيث أكد المحلل الاقتصادي سنان علي ديب أن أقل إفطار لعائلة في رمضان بحاجة إلى أكثر من 70 ألف ليرة في اليوم، معتبراً أنه “من النادر أن تكون العائلة حالياً قادرة على إعداد تحضيرات الفطور والسحور كما اعتادت خلال هذا الشهر الكريم، المتمثلة في طبخة أساسية وشوربات ومقبلات، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف وضعف القدرة الشرائية”. وفي حديث مع صحيفة “تشرين” الرسمية، أكد أن الأسرة المكونة من 5 أشخاص كانت في حاجة إلى 30 ألف ليرة شهرياً قبل عام 2011، أما اليوم فهي بحاجة لأكثر من مليون ونصف مليون ليرة شهرياً للعيش ضمن المعقول، وقال إن “التضخم تجاوز الحدود وحالياً الغذاء يستهلك أكثر من 60 في المئة من المعيشة، إضافة لتضاعف أجور النقل وأسعار الألبسة”. من جانبه، حذر رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد العزيز المعاقلي، من الارتفاعات المتزايدة التي من المتوقع أن تتجاوز الـ 40 في المئة خلال شهر رمضان، مطالباً بتدخل واضح من حكومة النظام في الأسواق، والعمل على ضبط احتكار السلع والمواد واتخاذ القرارات التي تسهم في خفض الأسعار. ووفق مصادر “القدس العربي” ارتفعت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية خلال أقل من شهر إلى ما بين 10 و20 في المئة، متوقعة أن يصل سعر الكيلوغرام من لحم الخروف لحوالى 110 آلاف ليرة.
“القدس العربي”