قال تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” أن الوساطة الصينية بين إيران والسعودية تتجاوز تعزيز أمن واستقرار المنطقة إلى بناء نظام عالمي جديد ضد الولايات المتحدة وهو هدف مشترك لكل من الصين وإيران وروسيا.
وبحسب الصحيفة، فإن الأمر يهدف إلى “نشأة نظام عالمي جديد مناهض للغرب تستبعد فيه الولايات المتحدة من أي ترتيب إقليمي جديد”، وهو ما سيخدم مصالح الصين وروسيا وحتى إيران.
وكانت طهران والرياض أعلنتا في 10 آذار/مارس عن اتفاق بعد قطيعة استمرت سبع سنوات إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر.
واعتبر بعض الخبراء أن دور الصين في ترتيب الاتفاق يشير إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة مع السعودية وسط توترات بين واشنطن والرياض بشأن عدد من القضايا، بينها حقوق الإنسان وخفض إنتاج النفط السعودي.
في الوقت نفسه، تتلاقى المصالح بين المرشد الأيراني علي خامنئي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيسي الصيني شي جين بينغ، إذ يعتبرون أنفسهم جميعاً في حالة حرب مع الحضارة الغربية.
وأعاد التحليل التذكير في رؤية خامنئي التي أعلن عنها في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 بأن “النظام العالمي الجديد قائم على عزل الولايات المتحدة ونقل السلطة إلى آسيا وتوسيع الجبهات المناهضة للغرب”.
من جهته، قال القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني يحيى رحيم صفوي إن “حقبة جديدة بدأت في المنطقة حيث كانت الصفقة أكبر ضربة صينية للولايات المتحدة”.
وبحسب المجلة، في الوقت الذي تجري فيه هذه التجاذبات فهذا لا يعني أنها تجري بمعزل عن “إدراك الرياض” لهذا الأمر تماماً، ولكن صفقة التقارب تمنحهم ببساطة “القدرة على متابعة أهدافهم الأساسية في بناء القوة الاقتصادية للسعودية” والإصلاحات الأخرى التي يرغب بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتهدف الاستراتيجية السعودية إلى تهيئة الظروف التي تمكن المملكة من التركيز على خطة التحول الاقتصادي الواسعة المعروفة باسم رؤية 2030 التي يضخ فيها مئات المليارات من الدولارات، أملاً في أن تفتح أبواب المملكة المحافظة أمام الأنشطة التجارية والسياحة وسط منافسة إقليمية متزايدة.
وقد يشكل الاتفاق خطوة نحو عودة الاستقرار للمنطقة بعدما قضت إيران والسعودية عقوداً في دعم ميليشيات تحارب بالوكالة في دول مختلفة، ولطالما وجهت السعودية اتهامات لإيران بتمويل ميليشيات الحوثي في اليمن، والتي قامت بإطلاق صواريخ على مؤسسات سعودية، بينها مواقع تابعة لشركة “أرامكو” النفطية عام 2019، الأمر الذي قلص منتوج النفط اليومي للمملكة نحو النصف لفترة مؤقتة، وفق تقرير نشرته صحيفة “الاندبندنت”.
ويضيف التقرير أن الاتفاق يعد إنجازاً ضخماً للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي ترى فيه الدول العربية انسحاب الولايات المتحدة ببطء من المنطقة، وتنقل عن وزير الخارجية الصيني كين غانغ، قوله: “بكين تحاول دعم دول الشرق الأوسط للسيطرة على مصائرها في مواجهة أي تأثيرات خارجية، والحفاظ على مستقبل المنطقة بـأسرها”.
“المدن”