قال أندرو اودنهو أستاذ الحكم في جامعة هارفارد وشيم تشيمر طالب الدكتوراه بنفس الجامعة إن فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية، وهو محتمل، يجب أن لا يجعل الغرب يستسلم وينسى الديمقراطية في تركيا.
وأضافا أن أردوغان متقدم بخمس نقاط على منافسه كمال قليجدار، وأدهش الساسة ومنظمي الاستطلاعات بالحصول على 49.5% من الأصوات أمام قليجدار الحاصل على نسبة 44.9%. وبعد حصوله على دعم المرشح الثالث تحول أردوغان من “المرشح الأفضل” إلى الفائز المحتمل في انتخابات يوم الأحد، 28 أيار/مايو.
وقالا إن دوائر المعارضة في تركيا والممارسين للسياسة الخارجية في واشنطن يسري لديهم شعور بتلاشي إمكانية التغيير الديمقراطي في تركيا. وحل محل الأمل لديهم شعور يتراوح بين اليأس من منظور تركيا السياسي والغضب على الساسة والمعلقين ومنظمي الاستطلاعات الذين تحدثوا عن نهاية أردوغان.
ويزعم المحللون الآن أن تركيا تقف على حافة الدخول في “ديكتاتورية كاملة غير حرة”. ويشعر المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي الكونغرس أيضا بالكآبة من منظور خمسة أعوام أخرى للتعامل مع أردوغان، رغم كونه شريكا مهما في استضافة اللاجئين السوريين.
ويقول الكاتبان إن التشاؤم بشأن النظام السياسي التركي يجب ألا يكون عقبة أمام دعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أثناء فترة حكم أردوغان الثالثة. ومع أن حكم القانون في تركيا مثير للقلق اليوم، فإنه قد يزيد سوءا في عدة مجالات، مما يقتضي مشاركة دولية في مجال حقوق الإنسان وليس تبني أسلوب عقابي يستخدمه أردوغان، وهو أمر ضروري للحفاظ على الحرية السياسية في البلاد.
ويرى اودنهو وتشيمر أن حكم القانون في تركيا “ميت” وأنه “اختفى”. فالمعارضون في تركيا مثل رجل الأعمال عثمان كافالا والزعيم الكردي صلاح الدين دمرتاش ظلا في السجن لسنوات رغم قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية المطالب بالإفراج عنهما.
ويتابعان أن ولاية رئاسية ثالثة تعني أن أردوغان لن يكون مقيدا بقيود، وبخاصة بعد فوز تحالف الرئيس بأغلبية في البرلمان وبنسبة 54%. وأصبح حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان شخصيا أكثر من ذي قبل نظرا لرحيل زعماء منه أو إجبارهم على الخروج. ويقولان إن “الأسوأ من هذا لو فاز أردوغان بحصة من الأصوات أكبر مما حصل عليه في انتخابات 2018، فسيشعر بأنه كان على حق وسيضاعف من أساليبه السياسية والاقتصادية”.
وتساءل الكاتبان عن الطرق التي يمكن أن يتدهور فيها حكم القانون خلال ولاية أردوغان الثالثة. واحد منها قيام هيئة القضاء العليا بمنع عمدة اسطنبول أكرم إمام أوغلو من السياسة وقبل انتخابات آذار/مارس 2024. وكانت محكمة قررت سجن أوغلو لعام لإهانته شخصيات عامة. وربما أدى منعه لردة فعل عامة، لكن الرئيس قد يحسب أن تحييده عن السياسة مهم لأن أوغلو استطاع الفوز في منطقة تعتبر قاعدة مهمة للرئيس.
وفي مجال آخر، قد تمنع المحكمة العليا الحزب الكردي، حزب الشعوب الديمقراطي والحزب الخارج عنه حزب الخضر اليساري من السياسة. ولا تزال هناك أصوات مستقلة في المحكمة مثل زهتو أرسلان، لكن ولاية ثالثة للرئيس قد تشل المعارضة وتحظر الأحزاب الكردية المعارضة.
ويضيف الكاتبان أنه بولاية ثالثة لأردوغان قد تقص من أجنحة مؤسسات مثل جامعة بوغازيتشي في اسطنبول التي لا تزال معقل المستقلين. وفي ضوء هذه الصورة الخطيرة فمن السهل على ممارسي الشؤون الخارجية الشعور بالهزيمة. ففي الشهر الماضي ضاعف أردوغان من خطابه المعادي للغرب وأثنى على العلاقة الخاصة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في وقت وصف فيه وزير في الحكومة الانتخابات بأنها محاولة انقلاب انتخابي دبره الغرب. ووسط هذا فهناك رغبة لدى الغرب بإبعاد نفسه عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني والتعامل بطريقة تعاقدية مع النظام وبخاصة ما يتعلق بأوكرانيا. و”نهج كهذا يعني تخلي المجتمع الدولي عما لديه من نفوذ”. ولا تزال محكمة حقوق الإنسان الأوروبية مؤثرة في تركيا اليوم حيث أجبرت المحكمة الدستورية التركية لتخفيف هجومها في قضايا مثل حظر ويكيبديا.
ويختم الكاتبان بأن “حرق كل الجسور يعني منح أردوغان الفرصة للزعم بأن الغرب لا يحترم إرادة الناخب التركي”. ويقولان إنه في حال فوز أردوغان، الأحد، ستدخل منظمات العمل المدني في حالة من البحث عن النفس، وبقاء المجتمع الدولي إلى جانبها والجامعات ومؤسسات الرأي العام الأخرى يعطيها فكرة أنها ليست وحيدة ويساعدها لحشد جهودها معا وتشكيل آلية للرد.
“القدس العربي”