د. فداء حوراني: الديمقراطية هي الأساس لتشكيل الهوية الوطنية الجامعة والمواطنة المتساوية.
د. المنصف المرزوقي: آلام السوريين ستصنع شعباً يفرض إرادته.
د.خطار أبو دياب : الإيديولوجيا سرقت الثورات، والتدخلات الإقليمية والخارجية حرفتها عن مسارها.
عقد الاجتماع التأسيسيّ لمؤتمر القوى الوطنية في 24 حزيران بمشاركة الأعضاء، في كل من مدينة إعزاز وغازي عنتاب وباريس، بحضور وجاهي أو عبر منصة زووم.
بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة ترحيب ألقاها الدكتور أحمد خطاب، تلاها الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء.
ثم ألقت الدكتورة فداء حوراني كلمة اللجنة التحضيرية، لخصت فيها أهداف المؤتمر، وأن الديمقراطية هي الأساس لتشكيل الهوية الوطنية الجامعة والمواطنة المتساوية. وعن العملية السياسية والتفاوضية أكّدت أن المؤتمر وضع مبادئ عامة ناظمة للمرحلة التفاوضية متمثّلة بقراءة ملتزمة نصّاً وروحاً بالقرارات الدولية ذات الصلة، من إعلان جنيف وقرارات مجلس الأمن وتنفيذها الأمين وفق التراتبية التي وردت فيها، وهذا يشكل الحد الأدنى لضمان الحقوق المشروعة للشعب السوري، بالإضافة إلى رفض التفاوض مع من تلطخت أيديهم بدماء السوريين، وعدم التنازل عن هدف الانتقال السياسي، وعدم التغاضي عن البنود فوق التفاوضية، وأن التفريط بهذه المبادئ يناقض المصلحة الوطنية، والتأكيد على حقّ السوريين في النضال بكافة الوسائل للدفاع عن حقوقهم، وأن المؤتمر يرفض كل المسارات التي تشكّلت من سوتشي وأستانا واللجنة الدستورية، والتي تعدّ خرقاً فاضحاً للقرارات الأممية، حيث خدم عامل الزمن النظام عبر تكريسه كأمر واقع، وكان هذا أحد ذرائع قطار التطبيع العربي وما تلاه من خطوات ومشاريع ما هي في المحصلة إلا رغبة دولية في استنقاع الحالة السورية. ثم تطرقت للأوضاع في الشمال الغربي حيث دعا المؤتمر إلى وحدة الصف والدفع للوصول إلى إدارات مدنية مستقلة منتخبة، وقضاء مستقلّ، واقتصار السلاح على مناطق التماس، ودعوة المؤتمر الدولة الضامنة إلى تحمّل مسؤولياتها في ذلك. أما في المناطق الخاضعة لقسد فإن المؤتمر يعتبر قسد إدارة إيديولوجية عابرة للوطنية السورية، تابعة لقنديل نقلت مشكلتها مع تركيا إلى سورية، شمولية بنهجها، وحليفة للنظام، لم ينقطع حوارها معه لضمان هيمنتها، وكل دعواتها للحوار، ما هي إلا رسائل للآخرين، وقبل القيام بأي خطوات ملموسة على الأرض. وتحمل الإدارات الأمريكية المتتالية التي تدعمها وتمدها بالسلاح المسؤولية الكاملة عن تجاهلها للناحية الشمولية في إدارتها وعلاقتها بالنظام المجرم، ويتوجه المؤتمر بالشكر للجاليات السورية في أوروبا وأمريكا بالخصوص على جهودها لدعم القضية السورية، والتأكيد على استقلالية القرار السوري، وألا يكون المؤتمر حاملاً أو مسوقاً لأي مشروع لا يخدم المصلحة الوطنية السورية.
أما كلمة الداخل فألقتها الناشطة السياسية مها عكاشة، التي تدير مراكز للتعليم وحماية للأطفال المهجرين في كافة المناطق السورية، موجهة التحية للسوريين المنتشرين في كافة بقاع الأرض. ودعت إلى تعزيز التسامح والاحترام المتبادل المنطلق من روح الانتماء والانفتاح رغم التباين للوصول إلى سورية العدالة والسلام والديمقراطية رغم التحديات، والتأكيد على حقوق الإنسان وتمكين المرأة وبناء مؤسسات ديمقراطية تضمن تمثيل الجميع ونشر ثقافة المشاركة المدنية. توحدنا اليوم على رؤية مشتركة وعلى مشروع وطني جامع ورفض أن تنحرف الثورة عن مسارها. إن بناء وطن قوي مزدهر يمر عبر التعاون والتنسيق بين جميع الأجسام والكيانات والشخصيات الثورية التي تحمل الرؤيا نفسها على الساحة السورية، ونحن لسنا إلا أحد هذه الأجسام، ويدنا ممدودة للجميع لنتابع العمل للوصول إلى سورية الحرية والكرامة.
وألقى الدكتور مروان الخطيب كلمة المؤتمرين السوريين في تركيا من غازي عنتاب، مؤكداً على التشبث بأهداف الثورة رداً على تنكّر القوى الإقليمية والدولية لتضحيات الشعب السوري، ومحاولاتها للانفتاح على النظام وإعادة تعويمه، واستغلال كارثة الزلزال لهذا الهدف. كما أكد على التمسك بالعودة الآمنة للمهجرين واللاجئين بعد إسقاط الوريث القاصر ونظامه، ورفض المسارات البديلة. وقال إن تداعي النخب السورية في مناطق الحاضنة الشعبية وفي المهجر لتشكيل أجسام سياسية، رد طبيعي على فرض حلول تؤدي إلى وأد الثورة، ووجوب أن يثمر العمل في إعادة تطوير عمل قوى الثورة ضمن برنامج عملي، يعيد ألق الثورة والتأكيد على ثوابتها، ووقف التشتت الذي أصاب الحاضنة الشعبية، من أجسام أنشئت بإرادات إقليمية ودولية، استُثمرت لحرف الثورة عن مسارها وتحقيق أهدافها، ورأى أن يكون المؤتمر نواة لتأسيس تيار وطني شامل يضم أبناء الثورة المخلصين، ويحقق أهدافها.
أما الضيوف، فكان في مقدمتهم: الدكتور منصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، الذي شارك بكلمة شكر فيها المؤتمرين على الدعوة، وترحم على أرواح شهداء الربيع العربي وأن تضحياتهم ستثمر بالحرية التي ستنعم بها الأجيال العربية المقبلة، وأعرب عن تمنياته بالتوفيق للاجئين والمشردين والباحثين عن أرض تعطيهم الحق في الحياة وإعجابه بقدرة الشعب السوري على مقاومة كل قوى الشرّ في الداخل والخارج التي تريد تدميره، وأن آلام السوريين ستصنع شعباً يفرض إرادته. وذكر أن ثورات الربيع العربي اندلعت لنفس الأسباب والأهداف، ولمواجهة القمع والفساد، ومشروعها يماثل مشروع الآباء والأجداد في التخلّص من المستعمر، هذا المشروع تكالبت على إجهاضه الدولة العميقة في الداخل وأسيادها في الخارج من حكام الإمارات وروسيا وإيران والجزائر، وتدخّلهم السافر بإعلام فاسد ومال فاسد وإرهاب دولة.
وأكد أن على السوريين مواجهة التدمير الهائل الذي حل ببلدهم، وعليهم بناء ما دمرّ من خراب، وأن فرض الديمقراطية في سورية، هو السبيل الوحيد للخروج من النفق المظلم، وأن صرخة الثوريين الديمقراطيين السلميين، ما زالت تتردد في الأذهان والقلوب، فالمعركة واحدة والمصير والمستقبل واحد والترابط الوثيق بين الثورات العربية والهادفة بناء دولة القانون والمؤسسات. والسوريون مطالبون بالنجاح، لأن نجاح المشروع الديمقراطي في سورية، سيساهم في نجاح الثورات الديمقراطية العربية، ودعا لبناء جبهة ديمقراطية لدحر النظام، وتبادل الخبرات والنصائح لمتابعة الطريق..
كما ألقى كلمة مجلس المقاومة الإيرانية، المحامي سنا برق زاهدي، وذكر أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يعبر عن عميق شكره وتضامنه، والتمنيات بنجاح المؤتمر في لم شمل قوى الثورة للشعب السوري. فمنذ انطلاق الثورة السورية كان مجلس المقاومة يعتبر أن ثورة الشعب السوري، هي ثورته، فنحن نقاتل ونناضل ضد عدو واحد، ونعمل بشراكة مع المعارضة السورية، ونعتبر أنفسنا معارضين سوريين ضد نظام الأسد الإجرامي، العدو المشترك نظام ولاية الفقيه الذي لا يعترف بحدود جغرافية، وبقاؤه في السلطة من خلال القمع في الداخل، وتصدير الحروب والإرهاب إلى مختلف دول العالم، ولا يمكن أن يبقى في السلطة إذا تراجع عن هاتين السياسيتين. إنه يستخدم ثروات الشعب الإيراني لمواصلة الحرب في سورية واليمن والعراق ولبنان، وإن تخليص شعوبنا من الآلام التي تعيشها هو القضاء على مركز الشرور في الشرق الأوسط، وهو بيت خامنئي ونظامه، فالعدو هنا.
وأخيراً وجه دعوة للمشاركة في التظاهرة الكبيرة التي ينظمها مجلس المقاومة الإيرانية في باريس السبت المقبل لإعلان التضامن والتأييد لانتفاضة الشعب الإيراني..
أما أنور مالك مراقب الجامعة العربية الذي رفض أن يكون شاهد زور أمام ألاعيب النظام، فقال: إن الأنظمة تريد أن يكون التغيير على مقاسها، وليس على مقاس شعوبها. شعوبنا ناهضت الاستبداد وناضلت ضد الفساد، وجاءت ثورات وثورات مضادة ومؤامرات داخلية وخارجية. الثورة السورية وقفت ضد استبداد النظام السوري وضد الميليشيات صناع الإرهاب والمتاجرين به من أجل مصالح وصراعات حول تعدد الأقطاب، وما زال هذا الشعب صامداً في الداخل، ويقاوم رغم كل شيء، فإذا كان الأمر يتعلق بتطلعات الشعوب، فلا يمكن أن تهزم إرادة الشعوب، مهما واجهت أو كاد لها كل العالم. والرسالة التي يوجهها المؤتمر، هي للشعب السوري، وهي أننا ما زلنا على ثورتنا وتحقيق أهدافنا في تحرير سورية من ميليشيات الملالي وغزوات بوتين ومن الأنظمة التي تآمرت على ثورات الشعوب بدءاً من الثورة التونسية. وكما حصل في التسعينات في الجزائر التي أدخلوها في متاهات حرب أهلية، ما زالت تعاني من نتائجها ومن الاستبداد. أخيراً كنت شاهد عيان على جرائم الأسد، والعالم بأسره أصبح اليوم شاهداً على جرائمه، واليوم نريد أن نكون شاهدين على انتصار ثورة مثّلت التلاحم بين السوريين وبين الشعوب العربية.
أما الصحفية والناشطة العراقية ولاء السامرائي، فوجهت الشكر والتحية للشعب السوري وللمؤتمرين الذين ما زالوا يحملو راية الدفاع عن ثورة الحرية والتغيير والكرامة الإنسانية، من العراق الجريح الملوث بالطائفية والاحتلال الأمريكي والإيراني في مخطط مرسوم لتدمير البلد. وأكدت أن ما يجري في سورية يجري في العراق، فالأعداء يعملون يداً بيد لتدمير البلاد ونهب الثروات وتهجير السكان، ولمواجهة مشاريعهم يتوجب بناء نواة تجمع خارج الانتماءات الأيديولوجية، كصوت وطني تحتاجه سورية، كما العراق، وتوحيد الصف الوطني المناهض لمعسكر الدمار.إنه مطلب وطني للخلاص، تحتاجه البلاد للإنقاذ. وذكّرت بثورة تشرين السلمية التي واجهت همجية السلطة، كما حصل في سورية وإيران، فهي طريق الخلاص وبناء المستقبل ورفض تطبيع الأنظمة العربية مع النظامين السوري والعراقي.
وقال د. خطار أبو دياب نصير الشعب السوري وثورته: شرف وفخر حضوري معكم، معركتنا واحدة وآلامنا واحدة، اذا حصل تحول إيجابي سيكون تحولاً إيجابياً للجميع، فكلنا في المركب سوية، وأنا أتكلم بصفتي الشخصية، لكنني أعبر كما أعتقد عن طيف واسع من اللبنانيين، واليوم نلاحظ السقطة الكبيرة للكثير من المثقفين والقومجيين واليساريين العرب الذين وقفوا مع الاستبداد والممانعات، وكانوا ضد أوطانهم بكل معنى الكلمة، الدرب طويلة والمحاولة التي بدأت من تونس لم تنتهِ، وتاريخ الشعوب طويل، ولا يمكن للأحوال أن تدوم على ما عليه، روسيا تدخلت وجربت أسلحتها في سورية، ثم استخدمتها في أوكرانيا.
منذ البداية كان هناك تصميم على أن هذه الحركة للشعوب العربية يجب ألا تمرّ؛ لأنها ستحدث تحولات، لقد كانت تفتقر إلى القوة الدافعة الداخلية، الإيديولوجيا سرقت الثورات، والتدخلات الإقليمية والخارجية حرفتها عن مسارها، فلو عدنا إلى الوراء، عندما بدأ النظام باستعمال القوة، كان من الأفضل ألا يسقط الجميع في لعبة النظام التي حولت سورية إلى مناطق نفوذ، وما نشهده اليوم من انهيار للدولة الوطنية ليس سببه الحراك أو الشباب، فالانهيار كان موجوداً في الأساس، والاستقرار كان خادعاً ومغلفاً.
بعد التطبيع العربي نشهد كل يوم تجمّعاً، بالنسبة لي كان هناك نموذجان يُحتذى بهما في داريا وكفرنبل، أما في باقي المناطق، فتم تدمير الحراك، وهدر دماء الشباب. لذا يجب العودة إلى البدايات والتركيز على الداخل، الذي ركزتم عليه، هو الأهمّ، فبدونه لا قيمة لأي شيء، لا يمكن الرهان على أي تحول من النظام، فهو غير قادر على أي إصلاح أو التحرر من الوصايات والتقاطعات بين إسرائيل وأمريكا وروسيا وإيران، ولولاهم لما صمد النظام، فهو ملك التعطيل، وهو من صلب الإقليم، لذا يعودون إليه دائماً، خاصة في عدم إمكانية بناء نظام إقليمي عربي ذو قدرة.
التراكمات والتضحيات التي حصلت في سورية، لن تذهب هباء، ومعركة سورية معركة أساسية في كل المشرق العربي، من يغير وجه سورية يغير وجه المشرق فكما قال كمال جنبلاط قبل استشهاده عام 1976. إن المعركة التي يخوضها اللبنانيون، هي معركة كل العرب باسم كل العرب نيابة عن كل العرب ورغم كل العرب وهذا ما يحصل اليوم في سورية.
أمّا رئيس الجالية الأوكرانية في فرنسا جان بيير باسيريان فقرن بين ما يجري في أوكرانيا وسورية، وقال: يستمر العدوان الروسي على أوكرانيا منذ 24 شباط 2022 بكل ما يحمله من جرائم القتل والاغتصاب والتهجير وخطف الأطفال والإبادة الجماعية وتدمير المدن، كما حصل في سورية، حرب الإبادة التي يشنها بوتين للقضاء على طموحات الشعب الأوكراني هي نفسها التي قام بها الأسد للقضاء على المقاومة السورية، بوتين أظهر للعالم طبيعة نظامه الهمجي، فهو لا يعتبر الأوكرانيين بشراً، فهو والأسد يستهينان بكل القيم الإنسانية. اسم روسيا اقترن بالإرهاب، يجب اعتقال بوتين والأسد ومحاكمتهما مع كل المتواطئين، دعوة كل الدول الأعضاء في محكمة الجنايات بتقديم مذكرات اعتقال كتلك التي صدرت بحق بوتين، وسيأتي دور الأسد، وكما اعترفت فرنسا بأن ميليشيات فاغنر إرهابية، عليها أن تعترف بأن النظام الروسي والسوري إرهابيان. كرئيس للجالية الأوكرانية أؤكد أن روح التضامن توحد الشعبين، والقيم المشتركة تجمعهما. وأعرب عن تضامنه مع الشعب السوري وكفاحه من أجل الحرية والكرامة ومتابعة النضال معاً والتظاهر كما كان في الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية في باريس، ما نفعله في أكرانيا هو لأجلنا جميعاً كفرنسيين وسوريين، فعندما نساعد أوكرانيا، نساعد أنفسنا، انتصار أوكرانيا سيغير وجه العالم، فيجب العمل معاً لانتصار أوكرانيا، ليتحرر الشعبان الأوكراني والسوري.
وأكد القاضي حسين حمادة ممثل الهيئة الوطنية السورية في كلمته أن الصراع في سورية ليس حرباً أهلية، بل هو صراع بين مجرمين وضحايا، مما أدى لدمار أركان الدولة: الأرض، الشعب، السلطة، والسلطة تحولت إلى عصابات. المشروع السياسي بمفرده لا يلبي الحاجة التي تطلبها سورية، فهي بحاجة إلى مشروع وطني بجانبه السياسي والاجتماعي والاقتصادي لإعادة بناء الدولة بسلطتها. شفاء سورية يمر عبر مراحل، مرحلة إنقاذ وطني، ومرحلة استقرار وطني، ومرحلة بناء وطني، وكل مرحلة لها مؤسساتها وبرامج عملها، الخلط بينها سيكون أمراً كارثياً. العمل التنظيمي في سورية يحتاج لتكاتف كل القوى الديمقراطية والشخصيات الوطنية؛ ليكون لنا كيان محترم داخلياً وخارجياً، يقدم شيئاً لسورية الشرعية، تستمد من المشروع الوطني، والمشروعية تستمد من مدى الالتزام وممارسة الشرعية، وأن تتم قراءة دقيقة لمشروع وطني علمي لإنقاذ سورية، وأن تكون سورية دولة مدنية تعددية علمية ديمقراطية، دولة دستور وقوانين ومؤسسات. بسبب أداء المعارضة الرسمية خسرنا المعركة السياسية، وأيضاً المعركة العسكرية، بقيت أمامنا المعركة القانونية فإذا تمت قيادتها بتلك الأدوات فعلى سورية السلام.