يمكن ببساطة رصد ملامح البطء الشديد في تنفيذ برنامج “عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية”.
البروتوكولات المرتبطة بممثلية سوريا في مجلس الجامعة العربية بالقاهرة لم تتحرك بعد، والمراسلات مع حكومة النظام السوري بالخصوص بطيئة، ولا جديد حقيقي بعد خارج سياق الصورة النمطية لرؤية بشار الأسد بين الزعماء العرب في قمة الرياض.
لكل ذلك أسبابٌ على الأرجح تكشف ضمنا عن “حراك بطيء” للصفقة التي أنجزت حضور الأسد لقمة الرياض، حيث فرضت عليه وعلى المجموعة العربية الخماسية التي اهتمت بالملف أصلا “3 شروط” أمريكية خلف الستار وفقا لتقارير دبلوماسية عميقة أشارت لتلك الشروط، ثم تحدثت عن تنفيذها على أرض الواقع باعتبار أن “المهمة صعبة ومعقدة”.
في لقاء مغلق مع مجموعة إعلاميين في عمّان ومباشرة بعد لقاء جمعه بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، أكد وزير خارجية الأردن، أيمن صفدي مسألتين. الأولى أن سوريا لم تخرج من مجلس الجامعة العربية بقرار إجماع، وبالتالي لا يمكن القول بأنها ستعود لإشغال مقعدها بقرار إجماع.
الثانية أن “العودة الفعلية” ستكون طويلة الأمد ومعقدة وصعبة للغاية، والأهم أنها “تحتاج للكثير الكثير من الجهد والعمل” بحكم تعقيدات الواقع الموضوعي.
ذلك كان انطباع الوزير الصفدي. لكن ما كشفته التقارير العميقة المشار إليها والتي اطلعت “القدس العربي” على حيثياتها، تكشف بعض مؤشرات تلك التعقيدات. فقد وضعت الإدارة الأمريكية وقبل التحدث عن عودة سوريا لمقعدها في جامعة العرب ثلاثة شروط.
الشرط الأول يتمثل في التأكيد على “أمن إسرائيل”. والثاني يتضمن “إطلاق عملية سياسية مبرمجة تشارك فيها المعارضة”. والشرط الثالث أمريكي بامتياز، ويشمل “بقاء النفوذ الأمريكي” في المناطق السورية التي يوجد فيها “نفط وغاز” لأمد غير محدد.
لافت جدا أن الجانب السعودي أوفد لدمشق من يعرض هذه الشروط. ولافت أكثر، أن بشار الأسد بقي يتجاوب، وأن المرحلة التي شهدتها الاتصالات تخللها حدث إضافي مهم أحضر الرئيس الإيراني شخصيا لدمشق قبل انعقاد قمة الرياض.
وهنا برزت المفارقة، فقد شرح الأمريكيون وراء الستار أيضا، بأن عبارة “ضمان أمن إسرائيل” تعني ضمنا “مغادرة القوات الإيرانية” للأراضي السورية بعملية منهجية يدعمها بشار الأسد ونظامه حتى يتأهل بالمواصفة الأمريكية لمرحلة “التسوية والمصالحة” ويتم تجميد الحصار على سوريا.
علقت عمليا كل المعطيات وراء الشرط الذي لا يملك الأسد أصلا لا تنفيذه ولا الالتزام بتنفيذه.
لكن هذا النمط من الضغط على قيادة النظام السوري يناسبها ويواتيها، وقرارها أن تستثمر فيه، بمعنى أن الحكم السوري راغب بمغادرة الإيرانيين، لكنه لا يعلم متى وكيف وعلى نحو أو آخر تعجبه تلك المقايضة.
والأهم سياسيا في السياق، أن تعقيدات تلك الشروط الأمريكية الثلاثة هي التي تجعل الآن عملية “عودة سوريا” فعلا لمقعدها في الجامعة العربية “بطيئة ومقعدة”.. لا بل قد لا تكون فعلية.
“القدس العربي”