أنطاكيا – «القدس العربي»: حدد القضاء موعد إجراءات محاكمة ثلاثة مسؤولين سوريين بينهم علي مملوك مدير مخابرات النظام السوري السابق وجميل حسن رئيس إدارة المخابرات الجوية، في شهر أيار/مايو 2024، بتهمة مقتل سوري وابنه يحملان الجنسية الفرنسية.
وأوضحت وكالة الأنباء الفرنسية أن مسؤولي النظام سيُحاكمون أمام محكمة الجنايات في باريس بتهمة التورط في قضية مقتل مازن دباغ ونجله باتريك اللذين اعتقلا عام 2013، وبتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا. وتابعت بأن هذه المحاكمة ستكون أول محاكمة في فرنسا تُقام بخصوص جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في سوريا، مرجحة أن يُحاكم فيها غيابياً كل من علي مملوك وجميل حسن ومدير فرع باب توما في المخابرات الجوية عبد السلام محمود والذين صدرت بحقهم في وقت سابق مذكرات توقيف دولية.
وتعليقاً يقول عضو «هيئة القانونيين السوريين» المحامي عبد الناصر حوشان، إن القضاء الفرنسي سيحاكم المتهمين غيابياً، وبالتالي سيتم تعميم الحكم في حال صدوره وإرسال مذكرة إلى «الإنتربول» الدولي. ويضيف حوشان لـ»القدس العربي» أن تعميم الحكم عبر الإنتربول يعني إمكانية إلقاء القبض على المتهمين في أي مكان من العالم.
وعن إمكانية تسليم المتهمين للقضاء الفرنسي عن طريق اتفاق تبادل المجرمين والمطلوبين للعدالة، يؤكد حوشان استحالة ذلك لأن القانون السوري يحظر تسليم أي مجرم سوري، علماً أنه لا يوجد بين فرنسا والنظام السوري اتفاقية تعاون على تسليم المطلوبين للعدالة.
ويرى المحلل السياسي فواز المفلح مع «القدس العربي» أنه رغم عدم إمكانية تسليم المطلوبين لفرنسا، إلا أن للمحاكمة دلالات سياسية، بحيث تمنع مثل هذه المحاكمات تعويم النظام السوري، وخاصة من قبل الحكومات الأوروبية. ولفت المفلح إلى إجراءات المحاكمات المماثلة في ألمانيا، وقال: «كل ذلك يؤكد أن النظام متورط بالجرائم المرتكبة في سوريا».
وكان أحد أقرباء الضحايا الذين وأفرج عنهم لاحقاً، أكد أن باتريك ووالده مازن نُقلا إلى سجن المزة، مؤكداً أنهما اختفيا نهائياً بعد ذلك ولم تظهر أي علامة على بقائهما على قيد الحياة، إلى حين أعلن النظام وفاتهما في آب/أغسطس 2018. وذُكر في شهادتي الوفاة، أن الابن باتريك والذي كان طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق، قضى في 21 كانون الثاني/يناير عام 2014، في حين أن والده مازن الذي كان مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية في دمشق، توفي في 25 تشرين الأول/أكتوبر عام 2017. وتم توجيه الاتهام للمتهمين الثلاثة بمذكرة أصدرها قاضي التحقيق الفرنسي في نهاية آذار/مارس الماضي، وأوضحت الوكالة الفرنسية أنه «على ما يبدو فإن باتريك ووالده قد تعرّضا مثل آلاف المعتقلين الآخرين لدى المخابرات الجوية للتعذيب الشديد الذي أسفر عن وفاتهما، بينما أكدت مصادر محلية أن النظام صادر منزل مازن دباغ وطردت زوجته وابنته في تموز/يوليو عام 2016».
ويُتهم النظام السوري بارتكاب جرائم الإخفاء القسري، حيث أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 آب/أغسطس الماضي، أنَّ ما لا يقل عن 112713 شخصاً، بينهم 3105 أطفال و6698 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري في سوريا منذ آذار/ مارس 2011.
وحسب التقرير الذي رصدته «القدس العربي» فشلت مراسيم العفو التي أصدرها رئيس النظام السوري بشار الأسد في الإفراج عن المعتقلين والمختفين قسرياً، ولم تتضمن فعالية وشفافية حقيقية، أو آليات لضمان إطلاق سراح جميع المعتقلين والمختفين قسرياً وتحقيق العدالة لهم، مؤكدة أنها «كانت خدعة سياسية استخدمت للترويج لصورة النظام السوري بأنه يتخذ إجراءات لتخفيف الضغط الدولي من جهة ومواسم لابتزاز أهالي المعتقلين والمختفين قسرياً مالياً من جهة أخرى».
وتابع بأن عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري من أبرز المخاطر التي تواجه العائدين النازحين واللاجئين إلى مناطق سيطرة قوات النظام السوري حتى أولئك الذين لم يكن لهم أي نشاط معارض، وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بحماية عشرات آلاف المعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري من التعذيب حتى الموت، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة.
“القدس العربي”