(1) ضَعِ الكُرةَ ركْلاً بقدمِكَ في مرمى إلهٍ،
وقوِّضْ مرماكَ إن أرجَعَ الكُرةَ إليكَ ركْلاً بأقدامِ قدِّيسيْهِ.
(2) محترفو إعلاناتٍ للأقمشةِ؛ للأحذيةِ؛ للسراويلِ؛ للعطورِ؛ للأَشْرِبةِ بسُكَّرٍ أو من دونهِ؛ للأسرارِ متبرِّجةً بالأصباغِ البَهْرَجِ؛ للزمنِ حليقاً كعانةٍ، وللرمادِ الميزانِ في إنقاصِ الوزن بلا حركةٍ، وللبشرِ بأجسادٍ أرصفةٍ، سُعداءَ كمشي المتريِّضِ الهانئ.
محترفو إعلاناتٍ للمقابر تتلامسُ فيها الشواهدُ منتشيةً بلوغاً في النكاحِ، قبلَ بلوغِ الموتى بوَّابةَ الفردوس.
(3) الحقيقةُ لا تتأخر.
غيرَ أنها لم تجدْ بعدُ ما يناسبها من الثيابِ لتظهرَ فاتنةً،
بكمالٍ من الأناقةِ يليقُ بها.
هي لا تتأخرُ:
يؤخِّرُها اختيارُ ثيابها.
(4) الدموعُ براءةُ اختراعٍ.
(5) أعْطِني جُرعةً من مخدِّركَ الفضةِ،
وخُذْ مني هذيانَ الذهب.
(6) الإنسانُ ساعةُ يدٍ في معصمِ الزمن.
(7) أتعرفون أين يجدُ الغريبُ فندقاً للنومِ،
ومطعماً للمأكلِ،
ومَحطةَ قطارٍ للسفرِ،
وعَرْشاً يمكنُ الجلوسُ عليهِ في آخرِ رحلته المتعِبة؟
(8) تتبَّعتُ كلَّ وضوحٍ حتى فقدتُ أثري في الوضوح.
لستُ نادماً على ما فقدتُ ـ أنا المطمئنُّ إلى نجاحيَ لُغزاً بآثارٍ في الألغاز.
(9) مَرْهَقٌ.
أغمضتُ أجفاني على بُعْدِ شبرٍ من إنقاذِ العالَمِ سهراً بعْدَ سهرٍ على إنقاذهِ.
أفقْتُ:
لم أجدِ العالَمَ،
بلِ الغبارَ لم يُغمضْ أجفانَهُ في السهرِ عليَّ.
(10) أغروبُ أُمَّةٍ هذا؟
متى كان شروقُها؟
(11) قتلَ الخيولَ كلَّها في الإسطبلِ،
كي لا يلحق به أحدٌ.
اطْمأنَّ إلى خطَّته، ثم انتحرَ راضياً.
(12) تنفَّسْ بقوةٍ،
حين لا تتنفَّسُ الحياةُ من حولك، لتُنقِذَها.
(13) أقْسِرِ الشيطانَ على الخروجِ منكَ.
اغْوِهِ بتفاحةٍ.
(14) أراهنُكَ أن تلك المرأةَ لن تخلعَ بنطالها في السريرِ،
قبل أن يتعرَّى السريرُ من ماضي صريرِهِ.
(15) الخيالُ ليس ضرورياًّ،
ما دمنا نملكُ واقعاً يتخيَّلُ عنَّا في مَلَلٍ من التكرار.
(16) ساحاتُ المدنِ متشابهةٌ:
بَشرٌ ينتظرون افتتاحَ التسوُّقِ في لهفةٍ،
ليبتاعوا النفائسَ من أصنافِ الأكفان.
(17) الصلاةُ شِفاءُ الحائطِ منهاراً من كُفْرِ اللِّبناتِ بالبناء.
أوْ: الصلاةُ شكُّ المؤمنِ في مُعجمٍ مُسْتَنْسخٍ بتصحيفٍ عند مِلَّةٍ، وبعدْلٍ عند أخرى.
(18) الثعلبُ شكلٌ روحانيٌّ للقفصِ الذي سيقيم فيه الغراب.
(19) إنهُ نقْلُ سُلطةٍ في النظام من الحاضرِ إلى الماضي،
ومِنَ السيدِ الوضيعِ إلى وضيعٍ سيدٍ،
ومنَ الإسفلتِ إلى الإسمنتِ،
ومنَ الغبارِ إلى الأجسادِ،
ومنَ الهواءِ إلى الريحِ،
ومِن الحظوظِ إلى المصادفاتِ،
ومنَ الماءِ إلى الحريقِ،
ومنَ الشِّعرِ إلى النثر.
إنه نقْلُ سُلطةٍ وهميةٍ لإدارةِ دولةِ الخيرِ،
والشعبِ المختارِ لإرادتهِ الوهمية.
(20) أنت حُرٌّ،
بالكمالِ الذي لا يُمَسُّ من حقِّكَ الحرِّ أفعالاً في الصراعِ للفوزِ بالعبودية.
(21) مَنْ على حقيقتهِ مِنَّا؟
مَنْ على حقيقةِ الشَّفرةِ مُستحْضَرةً لذبحِ اليقينِ مِنْ حَنْجَرَته؟
(22) مَنْ هناك؟
نسمعُ ضجيجاً لا يفعلُهُ لصٌّ محترفٌ،
مرتدياً حذاءً ثخيناً من الأشعارِ في السطوِ على ودائعِ الأوزان.
(23) أعْدَموا أولادَهم،
ليوقِفوهم عن إرثٍ تحيَّروا كيف يقسِّمونَه بين الأولاد.
(24) الأسلحةُ تُستخدمُ، بجدارةِ الإبداعِ الصَّانعِ،
في تلوينِ دفاتر الرسمِ للأولاد.
(25) آخرُ مَنْ غادرَ محطةَ القطار، تلك الليلة،
سحابةٌ في السماءِ فوقَها،
ملتحقةً بقطارِ السُّحُب.
(26) كلُّهم يلحظونَ وشماً سخيفاً على يدِ القاتلِ اليمنى،
لكنهم لا يلحظونَ وجهَهُ أبداً.
(27) لقِّنْهُ دَرْساً.
لَقِّنْ مَن تعرفُ، ومَن لا تعرفُ، درساً.
لَقِّنِ الجميعَ الدرسَ الذي لقَّنتْكَ الحياةُ.
(28) نحيا كما نشتهي،
في سباقٍ مع الضروراتِ بقفْزٍ كَمَاليٍّ.
(29) المناعةُ شرطٌ فاشلٌ
في المفاوضاتِ مع حلفاءِ الجنون.
(30) عَصِيٌّ على الوصفِ:
إنهُ البقاءُ مقصِّراً في إثباتِ حُصُوله.
(31) نعْتٌ خطأٌ أن يوصفَ المجهولُ كاستئثارٍ بتَرَفِ القاعدة.
(32) إجرامٌ أن لا يتحلَّى الوقتُ بصبرِ جراثيمه.
(33) للربيعِ، في إقليمٍ من أديانِ الفصولِ، أخلاقُ جفافِ الصيف.
(34) شكِّكْ قدْرَ ما تستطيع بفوائد الإعدامِ:
لقد سوَّغْتَ الإعدامَ بوجودك.
(35) تقولُ في الصباحِ شيئاً ألفاظُهُ من تورياتِ الليلِ،
وتقولُ في الليلِ شيئاً بألفاظٍ من مجازاتِ الفجر.
ما لُغتُكَ
أيها
الغبارُ؟
(36) أطْلِقوا سراحَ القلوب؛
اعْفُوها من الضرائبِ لا تقوى على دفعها عن أجسادٍ لا تستأْهلُها.
(37) طقسٌ معتدلٌ:
كلُّ خطيئةٍ مغفورةٌ، إن وجدَ المُتنزِّهون على الشواطئِ أصدافاً منطبقةً بعْدُ على لآلئِ الغُفران.
(38) ما خَطْبُ هذا المجدِ؟
متبلبلٌ، حائرٌ، مفتوحُ الفمِ عن دهشةٍ أخرستْهُ:
لم يجدْ مَن يتسلَّمُهُ مِنِ المُرْسَلِ إليهم.
(39) أنْقِصْ وزنَكَ:
بَلَغَ جسدُك حداًّ لا متَّسعَ للبكاءِ فيه.
(40) جاذبيةُ الفضيحةِ لا تُمْهِلُ السكوتَ عن الرغبةِ في تكرارها.
(41) طبيعيونَ. عاديونَ. سعداءُ حتى لو لم يكونوا سعداءَ.
متأنِّقونَ في ارتداءِ هواتفهم قبل ارتداءِ السراويل.
(42) أَجَلْ:
ماسمِعتَه منِّي هو ما قُلتُه.
لكنْ فاتَكَ صمتي الذي قتلتُك به.
اصْغِ إليَّ:
ستسمعني أوْضحَ من صمتكَ ميتاً.
(43) كلُّ مَعِدةٍ تتشنَّجُ من سماعِ خبرٍ قاسٍ إلاَّ معدةُ النهار:
رياضتُها هَضْمُها الأخبارَ قاسيةً.
(44) مَنْ تدفُنُ الأخرى أوَّلاً:
السماءُ أمِ الأرضُ؟
(45) السماءُ معبَّأةٌ في حبوبٍ كبسولاتٍ،
سهلةِ البلْع لِمَنْ تنقصهم مناعةُ المشي على الأرض.
(46) هذا مَنْ دلَّكَ على الطريقِ إذْ سألتَه عن الطريق:
أعْطِهِ خطواتِكَ إذاً ليمشي عليه.
(47) إسفلتٌ حائرٌ:
كيف لم ينتعشْ قلبُه بعدُ من حوادثِ الاصطداماتِ كما ينتعشُ قلبُ الإنسانِ صَدْماً بصواعق الكهرباء؟
إسْفلتٌ حائرٌ،
يتشقَّقُ من حيرتهِ أحياناً.
(48) المِلفُّ مُنْجَزٌ:
صورةُ مشتبهٍ به،
ومعلوماتٌ عن حاله النفسانية،
وميلادُه، وميلادُ أسلافهِ،
والحروبُ التي شذَّبتْ بمقصِّها شَعرَهُ لطيفاً يوائمُ استدارةَ وجههِ،
ونوعُ تبغهِ، وألوانُه المفضلةُ، وخصومُه المحتَمَلونَ،
ونبذةٌ عن ضحايا وجدوا أنفاسَهم عالقةً بشفتيه.
(49) أرْشِدوا المصارفَ إلى أرقامٍ، في الأرقامِ، بلا سكاكين.
(50) ستنفجرُ هذه الدولةُ بكثرةِ سكانها،
ثم سينفجرُ سكانُها.
(51) هي امرأةٌ صباحٌ،
لا تعرفُ الرغبةُ فيها أيَّ ثوبٍ ترتديه من أجلها،
وأياًّ تخلَعُه.
(52) الاستعانةُ بالحكمةِ في المآزقِ خيارٌ يائسٌ.
(53) أيها النبيُّ الجديدُ،
الجاهلُ بما يريد شعبُهُ،
أعْطِهِ جهْلاً آخر.
(54) أجْرَوا تعديلاً على الملهاةِ:
لم تعُدْ لها أسنانٌ،
وجرَّدوها من حصانةِ نشأتِها بمخالبَ كشقيقتها المأساة.
(55) إخوةٌ لا تَمَاثُلَ في جلودهم،
لكنَّ دمَهم هو ذاته في العروقِ:
ذلك خطأٌ عائليٌّ.
(56) هو أسْمَرُ سُمْرَةَ قلبهِ عرَّضَهُ للشمسِ بصدرٍ ممزقِ الأضلاع.
(57) انْصَرِفوا إلى أشغالِكم الآن:
تبقَّتْ ساعةٌ أخيرةٌ قبل إغلاقِ الشاعرِ كلماتِهِ عليكم،
وعلى الوقتِ الذي أخليتموهُ للكلمات.
(58) أكْرِموا الرعبَ؛
أَجِلُّوهُ على امتلاكهِ الكونَ كإلهٍ.
(59) بِمَ يتنبأ المستقبلُ إن لم يكنْ بماضٍ لم يكُنْ؟
(60) ليس في هذا النبيذِ عمقُ الكرومِ،
بلْ عمقُ الشارب.
(61) هذا هو المطلوبُ:
تذكيرُ الشاربِ بضآلته في شُربِ النبيذِ،
أو بِرِفْعَته.
(62) رفوفٌ رطبةٌ،
بلَّلها عَرَقُ الكتبِ رَهَقاً من قرعِ التاريخِ على طبولِ سطورها.
(63) أنا فخورٌ بكم، أيها المُخْبرون:
لقد أشبعتُم فضولي بقسوةِ التقاريرِ عن الإنسان.
(64) ارْفَعْ قدميك.
أرِني ما سرقتَه من إسفلت الطريقِ تحتهما.
(65) القادمٌ مخيفٌ:
سنتهيأ لهُ بمَلكَاتِ الخوفِ المذهلةِ فينا.
(66) لا أعرفُ أينَ وصلتُ في السباقِ،
حاملاً حاضري على كتفي في صُرَّةٍ من أسمالِ الماضي.
(67) الموسيقى دائريةٌ:
لم تخرجْ اسطوانةٌ كبيرةٌ، أو صغيرةٌ، على قاعدةِ الصوتِ الدائريِّ.
(68) عراةٌ بريئون من عُرْيهم:
ليْتَهم ولِدوا بريشٍ على الأجسادِ لا يُنتزَعُ إلاَّ إِعداداً للطهوِ كالطيور.
(69) من أينَ حصلتَ على السكاكرِ، أيها المجرمُ السجينُ؟
أمِنَ السجناءِ،
أمْ مِنَ الحَرَسِ على السجنِ،
أمْ مِنَ العصافيرِ على السياجِ الشائك محيطاً بأسوارِ السجنِ؟
أمْ ربما جلبتَها معكَ مخبَّأةً في الرغبةِ بجرائمَ أُخرياتٍ؟
(70) مُرْتَقَبٌ؛ متوقَّعٌ، بل عاديٌّ أن نَنهارَ تحت التعذيب.
لكنْ غيرُ عاديٍّ،
بلْ مُسْتَنْكَرٌ، أن تنهارَ السماءُ معنا علينا.
“القدس العربي”