يُعقد مجلس الوزراء اليوم لمناقشة البيان الوزاري وإقراره بحيث تنطلق مناقشات الثقة في المجلس النيابي بعد ذلك. وفي هذه الأثناء استحوذت الوثيقة السياسية الجديدة لـ"حزب الله" على هامش واسع من المواقف السياسية.
وإذ تبدو المعطيات على حالها بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء لجهة المواقف، لا سيّما المتصلة بالفقرة حول "المقاومة"، أوضح وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون أن "اجتماع الوزراء المسيحيين في الأكثرية (أول من أمس)، كان مناسبة للنقاش حول تفاصيل المناقشات التي حصلت في لجنة البيان الوزاري وتقييماً لمواقف البعض". وشدّد على أن "اللقاء كان تضامنياً، والتباينات حصلت في التعبير وفي الشكل، إنما الآراء هي متطابقة، ونحن حريصون على الحد الأدنى من التضامن الوزاري أولاً ومن ثم الوفاق ثانياً(..)".
على أن اللافت كان أن البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير أعطى دعمه لتحفظ الوزراء المسيحيين في 14 آذار، إذ رفض اعتبار التحفظ "عددياً"، في إشارة إلى أنه لا يقيسه بعدد الوزراء المعترضين، وقال إن "تحفظ 4 وزراء على بند المقاومة، ليس مسألة عددية"، وإذ رفض التعليق "على البيان الوزاري لأنه لم يطلع عليه بكامله بعد"، تمنى لرئيس الحكومة سعد الحريري "كل النجاح والتوفيق في مهمته الصعبة في الحكومة الجديدة(..)".
وكان عضو تكتل "لبنان أولاً" النائب أحمد فتفت لفت إلى "إمكانية إدخال تعديلات على البيان الوزاري من الناحية المؤسساتية الدستورية ولكن ليس من الناحية السياسية، خصوصاً في موضوع حصرية الدولة في الأمور الأمنية"، وقال إن "البيان الوزاري في المضمون الأساسي سيُقر كما خرج من لجنة الصياغة مع تحفظات بعض الوزراء(..)".
وثيقة "حزب الله"
أما بالنسبة لوثيقة حزب الله، فقد اكتفى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش بالقول في اتصال مع "المستقبل" إن "حزب الله أطلق وثيقته وليس من واجبنا أن نقيّمها، بل نترك للأطراف الأخرى أن تعطي رأيها بها".
وقال عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق مصطفى علوش لـ"المستقبل" إن "الوثيقة لا تقدم أي جديد في سياسة حزب الله سوى بعض المحسنات اللفظية، وهي بمثابة إعادة تلخيص لمواقف الحزب في السنوات الأخيرة، ولا سيما في ما خص وجود سلاح خارج سلطة الدولة، واعترافه بالمدى الأممي للحزب عبر تعميم مبدأ المقاومة والارتباط العضوي بإيران(..)".
من ناحيته، استغرب نائب رئيس "حزب الكتائب" جوزف أبو خليل "المفارقة في وثيقة حزب الله، حيث يتحدثون عن الانتماء إلى الوطن، وفي الوقت نفسه يؤكدون الارتباط بإيران وإيمانهم بولاية الفقيه"، وتساءل في حديث إلى "المستقبل" عن "كيف سنبني دولة وهم مستقلون عن كل ما له علاقة بالدولة؟"، وشدد على أن "الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية أصبح فقط لتشريع وجود السلاح(..)".
وفي الإطار نفسه، رأى عضو تكتل "لبنان أولاً" النائب عمّار حوري أنّ كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله عن "المزاوجة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني لمواجهة التهديد الإسرائيلي الدائم للبنان، استباق لما ستقرره طاولة الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية".
ولفت حوري إلى أنّ "الوثيقة الراهنة سجلت تطوراً ملحوظاً باتجاه لبننة المسار السياسي لحزب الله مقارنة مع الرسالة المفتوحة في العام 1985، لكنها في الوقت عينه جددت التمسّك بقناعاته العقائدية والإيديولوجية". وأعرب عن اعتقاده أنّ هذه الوثيقة "قد تؤسس للتفاوض الإيجابي مع حزب الله خصوصاً أنّ التفاوض ينطلق من وجهات نظر مختلفة". ورأى أنّ "الديموقراطية التوافقية تمّ اختراعها بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وتناقض مبدأ الديموقراطية والنظام البرلماني(..)".
من جهته، رأى فتفت أن "المزاوجة بين سلاح المقاومة والجيش وجعلها حالة دائمة يخلق ازدواجية"، مشيراً إلى أن "ليس هناك من شيء جذري متجدد في طروحات السيد حسن نصرالله، بل إن مواقفه هي تأكيد على كل المواقف السابقة حيث إنه لم يأتِ بجديد(..)".
أما عضو التكتل نفسه النائب نبيل دو فريج، فرأى أن كلام نصرالله "ترك باب أمل صغير للوصول إلى اتفاق بشأن الاستراتيجية الدفاعية"، وأشار إلى أن "العناوين الكبرى للاستراتيجية لا تزال نفسها وهي الازدواجية في القرار بين الجيش والمقاومة". وتساءل "كيف يمكن لحزب طائفي ومذهبي أن يلغي الطائفية السياسية في البلد؟ وكيف سيكون دوره إذا ألغيت الطائفية السياسية(..)".
في هذا الوقت، اعتبر عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب أنطوان زهرا أن "ما ورد في الوثيقة السياسية الثانية لحزب الله عن نظرية المزاوجة بين الجيش والمقاومة يتضمن ما يشبه المساكنة أو الزواج غير الشرعي". واقترح على نصرالله "زواجاً شرعياً برضى وقبول الطرفين، شرط أن يتمّ الزواج بكل شروطه أي أن تأتي المقاومة إلى بيت طاعة الجيش اللبناني". وقال إن "المقاومة الشعبية في العادة ينظّمها الجيش الشرعي ويشرف عليها". وأضاف أنّ "الجيش اللبناني يتحصّن بالقرارات الدولية وهو موجود على أرض الجنوب مع عديدِ موازٍ لعديده من القوات الدولية، ولم يدّع أحد في الدول العربية أنّه حقق التوازن مع إسرائيل، وليس مسموحاً استخدام هذه الحجة لاستمرار السلاح غير الشرعي(..)".
من ناحيته، اعتبر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد أن "حزب الله يحاول أن يضع نفسه وريثاً للاتحاد السوفياتي في مواجهة أحادية القطب الأميركي، ووريث المستضعفين في العالم في مواجهة النظام العالمي الجديد، مؤكداً تحالفاته في أميركا اللاتينية وإيران في هذا الصدد، وكأن هناك جبهة ممانعة ترتكز على محمود أحمدي نجاد في إيران وهوغو شافيز في فنزويلا وحسن نصرالله في بيروت، ويحاول حزب الله أن يضع نفسه في مواجهة النظام العالمي الجديد، وهو ما يدل بالتأكيد أنه مصاب بداء الانتفاخ السياسي".
وأشار إلى "أن نصرالله لم يلفظ ولو مرة واحدة نهائية الكيان اللبناني، حتى لو قال إن لبنان أرض الأحفاد والأجداد، إنما كلمة نهائية الكيان اللبناني التي تتضمن معاني كثيرة لتثبيت هوية لبنان لدى جميع اللبنانيين لم تأتِ على لسانه، كما أن اتفاق الطائف الذي هو دستور لبنان لم يرد في الوثيقة". واعتبر أن الوثيقة نسفت طاولة الحوار وجهود اللبنانيين من أجل بناء استراتيجية دفاعية موحدة، حين حاول فرض وجهة نظره، بمفهوم تزاوج المقاومة مع الجيش(..)".
"المستقبل"