تجدد التوتر بين أنقرة وتل ابيب بعدما كشفت وزارة الخارجية الاسرائيلية عملية "اذلال" للسفير التركي في اسرائيل اوغوز جليكول الذي استدعته الوزارة كي تحتج لديه على المسلسل التلفزيوني "وادي الذئاب" الذي تبثه إحدى شبكات التلفزيون التركية والذي يصور ديبلوماسيين اسرائيليين على انهم عقول مدبرة لعصابة لخطف الأطفال. وقد ردت أنقرة باستدعاء السفير الاسرائيلي في تركيا وطالبت الحكومة الاسرائيلية بتقديم اعتذار عن المعاملة الفجة التي لقيها السفير التركي. وسجلت آخر حلقات التوتر التركي-الاسرائيلي قبل الزيارة المقرر ان يقوم بها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك للعاصمة التركية للبحث في احتمال معاودة الوساطة التركية بين سوريا واسرائيل، الامر الذي يرفضه بشدة وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان.
وحرص نائب مساعد وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون على وضع ترتيبات استدعاء السفير التركي بحيث تقلل شأن السفير. وتحدثت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن "تأنيب مذل" للديبلوماسي التركي، ناشرة صوراً يظهر فيها جالساً على كنبة منخفضة في مواجهة ايالون الذي ظهر بين ثلاثة موظفين اسرائيليين تبدو عليهم الصرامة.
ورفض ايالون مصافحة السفير واضطره الى الانتظار طويلا في رواق قبل ان يستقبله. كما تعمد عدم وضع أي علم تركي على الطاولة خلال اللقاء، مكتفياً بالعلم الاسرائيلي. واعطى تعليمات بعدم تقديم أي شراب الى السفير وطلب من الصحافيين ان يذكروا ان السفير كان "جالساً بمستوى أدنى" من المسؤولين الاسرائيليين.
ولاحقاً، رفض في مقابلة مع اذاعة الجيش الإسرائيلي الاعتذار قائلاً: "في ما يتعلق بالأساليب الديبلوماسية المتاحة هذا اقل ما يمكن نظراً الى الاستفزازات المتكررة من اللاعبين السياسيين ولاعبين آخرين في تركيا"، موضحا انه يعتزم الرد على بث "المسلسل التلفزيوني المعادي لاسرائيل والمعادي للسامية".
وفي اسرائيل نفسها، انتقدت وسائل الاعلام ووزير التجارة والصناعة بنيامين بن اليعازر النائب عن حزب العمل الذي يتزعمه باراك، بشدة سلوك ايالون. وقال بن اليعازر في تصريح للاذاعة العامة ان تصرفه "بلا معنى وخطير ومهين"، متخوفاً من ان "يسيء الى العلاقات الحساسة بين البلدين". وكان بن اليعازر زار تركيا في نهاية تشرين الثاني 2009 سعياً الى اعادة اجواء من الثقة بين البلدين.
واوضح مسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية طلب عدم اسمه ان هدف الوزير افيغدور ليبرمان الذي يدعو الى ديبلوماسية شديدة اللهجة كان "زيادة الضغط قبل زيارة باراك" لانقرة من اجل نسفها.
بيد ان مسؤولاً في مكتب باراك قال ان وزير الدفاع الاسرائيلي لن يلغي زيارته لتركيا بسبب التوتر في العلاقات. ومن المقرر ان يلتقي خلال هذه الزيارة التي تستمر يوما واحدا الاحد الزعماء الاتراك الكبار وفي طليعتهم نظيره وجدي غونول والرئيس عبد الله غول ووزير الخارجية احمد داود اوغلو ورئيس هيئة الاركان وعدد من ضباط الجيش الكبار.
أنقرة تطالب باعتذار
وفي انقرة، طالبت وزارة الخارجية التركية في بيان بـ"اعتذار" عن الطريقة التي عومل بها السفير جيليكول والتي "لا تتفق والتقاليد والاعراف الديبلوماسية". وقالت ان "تركيا تنتظر اجراءات ترضية عن الاسلوب الذي عومل به سفيرنا". ورفضت بشدة اتهامها بمعاداة السامية، مذكرة بأن اليهود السفرديم الذين فروا من محاكم التفتيش الاسبانية في القرن الخامس عشر لجأوا الى الامبراطورية العثمانية.
وصرّح وزير الخارجية التركي عقب محادثات مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند في لندن، بان الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة قبل سنة هي سبب تدهور العلاقات بين بلاده والدولة العبرية. وقال ان الفتور في العلاقات مع اسرائيل "ليس بالتأكيد مؤشرا لاسلمة سياسة تركيا الخارجية". واضاف: "لقد عملنا بكل جدية مع الحكومة الاسرائيلية … لتحقيق السلام بين سوريا واسرائيل… وعندما اقتربنا جداً من السلام، وقبل ذلك بيوم واحد، هاجموا غزة… وبعد ذلك كانت نقطة التحول في علاقاتنا".
أردوغان
وأعلن أردوغان أنه لن يلتقي باراك لدى زيارته لتركيا . وقال خلال مغادرته أنقرة متوجها الى موسكو فى زيارة رسمية، إنه لا يريد التطرق كثيراً الى ما تقوله إسرائيل، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية التركية قامت بما يلزم القيام به و"كما هو معلوم هناك حكومة ائتلافية في اسرائيل، ولكن مع ذلك يجب أن يكون هناك التزام للمبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول مهما اختلفت الحكومات، وأود أن أقول ان علاقتنا مع اليهود اتسمت على مر التاريخ بالتسامح، وإن التاريخ يشهد لتركيا بذلك، ولكن إذا كان اسرائيل ستردد مزاعم كاذبة عن معاداة السامية في تركيا فإننا سنرد عليها الرد المناسب". واضاف أنه لن يعلق على بيان الخارجية الاسرائيلية الصادر أمس تعليقا على تصريحاته التي انتقد فيها استمرار الممارسات الاسرائيلية فى غزة، قائلا إن تركيا ستقرر الرد المناسب على كل موقف اسرائيلي.
وتجدر الاشارة الى ان اردوغان قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في انقرة الاثنين إن عدد "القرارات (الدولية) التي التزمتها اسرائيل ولم تطبقها تجاوز المئة". واتهم الدولة العبرية بامتلاك واستخدام "قدرات (عسكرية) غير متكافئة".
و ص ف، رويترز، أ س أ ، ي ب أ