المتابع للمشهد العام في المنطقة يجد ان لا امل في انفراج قريب ، في ظل اصرار سلطات الاحتلال الاسرائيلية على الاستيطان ، ورفضها للرؤية الدولية ، المتمثلة في حل الدولتين ، وفقا للمرجعيات المعتمدة.
وفي هذا السياق يبدو ان الامور تزداد تعقيدا ، في ظل الموقف الامريكي ، الذي تبنى اطروحات نتنياهو ، واسقط وقف الاستيطان ، كشرط لاطلاق مفاوضات جديدة ، علما ان خريطة الطريق تنص على وقف الاستيطان وعلى حل الدولتين لوضع نهاية للاحتلال الاسرائيلي البغيض.
لقد بذل الاردن ، ولا يزال يبذل جهودا حثيثة ، بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني ، للخروج من المأزق الذي وصلت اليه المسيرة السلمية ، وذلك بحث المجتمع الدولي على ضرورة التقاط اللحظة التاريخية المناسبة ، والعمل على اطلاق مفاوضات جديدة فاعلة ، وفق اسس محددة ، بسقف زمني ، متفق عليه ، تنتهي بحل الدولتين ، كسبيل وحيد لتحقيق السلام الشامل ، وتحرير المنطقة من الارتهان للاهداف والمخططات الاسرائيلية العدوانية ، وكانت جهود قائد الوطن الاخيرة ، اكبر مثال على دعم الاردن للقضية الفلسطينية ، .
ان ما تقوم به عصابات الاحتلال الاسرائيلية ، من استيطان ، وتطهير عرقي ، وبالذات في القدس العربية المحتلة ، واستغلال المناسبات التوراتية ، لحشد رعاع المستوطنين ، والمتدينين الحاقدين للاعتداء على المسجد الاقصى ، وحفر اكثر من 300 نفق تحت المسجد والبلدة القديمة ، ما يعرضها للانهيار في اية لحظة ، نتيجة للعوامل الطبيعية ، كل ذلك يؤشر على مخططات هذه العصابات ، واهدافها الخبيثة ، القائمة على تهويد المدينة المقدسة ، بعد طرد سكانها العرب منها باساليب عنصرية بغيضة ، تذكر المجتمع الدولي «بالابرتهايد» في جنوب افريقيا ، الذي وقف العالم كله ضده باعتباره انتهاكا صارحا لحقوق الانسان.
ان المناخ العام في اسرائيل يتجه نحو التعبئة والتجييش ، سواء من خلال تكثيف تدريبات القوات المسلحة ، واجهزة الدفاع المدني ، وتوزيع الاقنعة على الاسرائيليين ، اضافة الى التهديدات المتلاحقة والغارات المستمرة على قطاع غزة المحتلة ، وتشديد الحصار الظالم ، وقد تحول الى معسكر اعتقال رهيب.
هذه الشواهد ، والاجراءات ، ورفض الامتثال لقرارات الشرعية الدولية ، واغلاق الباب امام اي جهد دولي ، وعربي ، للخروج من المأزق ، يؤشر الى ان حكومة المتطرفين الصهاينة ، تدفع بالمنطقة كلها الى حافة الانفجار ، لاسباب كثيرة ، اهمها الافلات من الضغوط الدولية ، التي تلح عليها بضرورة وقف الاستيطان ، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية ، لاحلال السلام الاقليمي ، القائم على الانسحاب من كافة الاراضي العربية المحتلة لعام 1967 .
مجمل القول: لقد حذر جلالة الملك عبدالله الثاني اسرائيل اكثر من مرة مشيرا وبكل وضوح ، وبدون لبس ، او غموض ، بان القوة لن تستطيع ان تحقق الامن والاستقرار ، وانها لن تستطيع ان تحتفظ بالارض والسلام معا ، واذا ارادت السلام الحقيقي ، فعليها الخروج من عقلية القلعة التي تسيطر عليها ، وباتت قياداتها مرتهنة لهذه العقلية ، فقامت بادلجة القوة ، ويسيطر عليها هاجس الحروب والاعتداءات ، وترفض الاعتراف بالاخر.
وهذا هو السبب الرئيسي لافشالها المسيرة السلمية ، ووصول المنطقة الى حافة الانفجار ، ما يفرض ، على المجتمع الدولي النهوض بمسؤولياته ، واطلاق مفاوضات فاعلة كسبيل وحيد ، لتجنيب المنطقة خطر الانزلاق الى الحرب.
الدستور