شدّ الجانب الفلسطيني، بأي طريقة، إلى طاولة التفاوض مع حكومة نتنياهو؛ بات محور التحركات والمقترحات الأوروبية والأميركية الجارية. وكأن رام الله هي المعرقل لإطلاق «عملية السلام» من جديد.
أو كأن السلام، في الانتظار؛ والفلسطينيون يقفون في طريق الوصول إليه. خطاب هذا الحراك، يترك مثل هذا الانطباع. بالأحرى، يبدو وكأنه يتعمّد خلق هكذا انطباع. الإصرار على وضع الكرة في الملعب الفلسطيني، بينما هي كانت ويجب أن تكون وتبقى في الملعب الإسرائيلي؛ تفوح منه رائحة التفخيخ.
المبعوث الخاص ميتشل، الذي التقى مع الرباعية وممثلي الاتحاد الأوروبي في بروكسيل؛ نسب إليه قوله إن الإسرائيليين «اجتازوا نصف المسافة»؛ ويتعين على الفلسطينيين اجتياز الباقي. وتسأل عما إذا كانوا قادرين على «القيام بخطوة ما»، لإخراج الوضع من حالة المراوحة. فحوى الكلام، أن إسرائيل قامت بواجبها والمسؤولية تقع على عاتق الجانب الفلسطيني.
ويطرح الوزير الفرنسي، كوشنير، فكرتين. أن يصار إلى النظر في إمكانية توجيه رسالة خطية للرئيس الفلسطيني، تتضمن اعترافاً بقيام الدولة الفلسطينية ابتداء من تاريخ محدّد، لتشجيعه على العودة إلى مفاوضات السلام. الثانية، إمكانية استئناف «اللقاءات»، بدلاً من المفاوضات، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وذكر الوزير أن ميتشل جاء بدون خطة، للتشاور مع الأوروبيين حول التحرك المطلوب. إذاً يبدو أن الإدارة تراجعت حتى عن مشرع السنتين، الذي كان قد تردد أنها تعتزم طرحه قريباً. بل إنها أيضاً نهت الأوروبيين، حسب ما ألمح كوشنير؛ عن فكرة المؤتمر الدولي؛ الذي كانت باريس تنوي الدعوة إليه.
الواضح من كل هذه الجلبة، أن المقصود حشر الطرف الفلسطيني لزيادة الضغوط عليه ووضعه أمام خيارين: إما رفض التفاوض بشروط نتنياهو؛ وبالتالي توجيه الملامة إليه. وإما القبول وبالتالي إدخاله في طاحونة المماحكات الإسرائيلية لشراء سنتين؛ تحتاجهما الإدارة الأميركية أشدّ الحاجة.
وبعدها لكل حادث حديث. وفي الحالتين مثل هذه المقاربة للمفاوضات مفخخة. الغاية، في أحسن الحالات، إدارة للأزمة تحت يافطة المفاوضات. وفيما يجري تصوير الفلسطيني وكأنه هو المخرب على التسوية، يحظى المخربّ الأصلي بالثناء. تزوير فاقع.