أحدثت مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، صدمة قوية في الساحة السياسية التركية، وتركت شرخاً عميقاً في صفوف القوميين الأتراك.
وجاء أقسى رد على دعوة بهشلي من جانب رئيس حزب «الجيد» القومي المعارض، موساوات درويش أوغلو، الذي حمل بيده حبلاً خلال إلقاء كلمته أمام المجموعة البرلمانية لحزبه بالبرلمان، موجهاً خطابه إلى بهشلي، قائلاً: «خذ هذا الحبل، وعلقه الآن على رأسك».
وكان ذلك بمثابة تذكير من درويش أوغلو لبهشلي بمطالبته إردوغان بإعدام أوجلان، إذ حمل بيده حبلاً خلال تجمع لأنصار حزب الحركة القومية قبل الانتخابات البرلمانية عام 2007، وخاطب إردوغان قائلاً: «خذ هذا الحبل واشنقه (أوجلان)».

وعد درويش أوغلو أن السر وراء خروج بهشلي من وراء الستار وإطلاق مثل هذه الدعوة هو محاولات وضع دستور جديد للبلاد وجعل إردوغان مرشحاً للرئاسة مرة أخرى.
واتهم رئيس حزب «النصر» القومي، أحزاب الحركة القومية والعدالة والتنمية والشعب الجمهوري و«الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بتشكيل جبهة غير رسمية معادية للقومية التركية.
جدل إضافي
وفجر البيان الذي أصدره حزب العمال الكردستاني في 12 مايو (أيار) لإعلان قراره حل نفسه وإلقاء أسلحته استجابة لدعوة أوجلان جدلاً جديداً، بسبب إشارته إلى «معاهدة لوزان» و«الإبادة الجماعية للأكراد».
وتضمن البيان فقرة قال فيها: «لقد برز حزبنا (حزب العمال الكردستاني) على مسرح التاريخ بعدّه حركة حرية شعبنا ضد سياسة إنكار وإبادة الأكراد، التي تستمد مصدرها من معاهدة لوزان ودستور عام 1924».
وقال درويش أوغلو إن ما نفهمه من البيان هو أنه إعلان للنصر، وأن الحزب لم يتراجع عن أهدافه ومقاصده، وأود أن أؤكد بشكل خاص أن معاهدة لوزان هي سند ملكية الجمهورية التركية.
ونظم الحزب تجمعاً في أنقرة للدفاع عن معاهدة لوزان التي رسمت حدود الدولة التركية، بينما رفضت جميع أحزاب المعارضة المساس بمعاهدة لوزان أو المواد الأربع الأولى من الدستور التي تحدد خصائص الجمهورية التركية ولغتها وعلمها.

وعلق الكاتب البارز، مراد يتكين، قائلاً إن ما جاء في بيان حزب العمال الكردستاني أثار اعتراضات ليس فقط من أحزاب المعارضة، ولكن أيضاً من داخل حزب العدالة والتنمية، ويجب أن يدرك الجميع أن المطالب القانونية والدستورية للعمال الكردستاني، التي تصل إلى تغيير المواد الأربع الأولى الرئيسية من الدستور، ستؤدي إلى ردود فعل خطيرة في المجتمع.
وقال الكاتب المخضرم، طه أكيول، إنه قلق من الآن فصاعداً، لأن الحركة السياسية الكردية ستكتسب زخماً، وسيتم تقديم عبد الله أوجلان إلى الرأي العام العالمي بعدّه الرجل الذي جعلهم يلقون السلاح بدلاً من كونه مداناً بالإرهاب، وسيصبح الخط السياسي للحركة الكردية الأكثر راديكالية.
ولفت الأكاديمي، مسعود يغين، إلى أن معاهدة لوزان ينظر إليها من جانب الأتراك على أنها سند ملكية الجمهورية التركية، لكن الأكراد يرون أنها كانت بداية لتجزئة الأراضي التي يعيشون عليها معاً وإنكار حقوقهم، لكنه رأى أن التأكيد الذي جاء في البيان لا يشكل اعتراضاً على سلامة أراضي تركيا.
ودفع هذا الجدل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التأكيد، في حديثه عن الدستور الجديد، أنه سيكون ليبرالياً ديمقراطياً يقضي تماماً على حقبة الانقلابات، وأنه لن يكون هناك مساس بالمواد الأربع الأولى من الدستور، داعياً حزب الشعب الجمهوري لدعمه، لكن رئيس الحزب أوزغور أوزيل، كرر موقفه الرافض لمناقشة الدستور الجديد مع من لا يمتثلون للدستور الحالي.
- الشرق الأوسط