السوريون في المهجر يمثّلون جزءًا لا يتجزّأ من النسيج الوطني، وحضورهم العالمي يمنحهم قدرة فريدة على المساهمة في عملية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
فيما يلي نبيّن كيف يمكن أن يكون دور السوريين في المهجر حاسمًا في تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة في سوريا
1- نقل المعرفة والخبرات الدولية
السوريون في المهجر اكتسبوا خبرات ومعارف من خلال تفاعلهم مع مجتمعات وثقافات مختلفة، وقد شاهدوا نماذج ناجحة للعدالة الانتقالية في دول أخرى، ومن خلال هذه التجارب، يمكنهم أن يساهموا بمعرفتهم تلك في دعم جهود السوريين في الداخل لتحقيق المصالحة في المجتمع
مشاركة التجارب العالمية: نقل أفضل الممارسات والدروس المستفادة من تجارب دولية مثل جنوب أفريقيا، ورواندا، وكولومبيا
تقديم الاستشارات القانونية: الاستفادة من خبراتهم في المجالات القانونية وحقوق الإنسان لدعم بناء نظام قانوني عادل وشفاف.
تعزيز القدرات المحلية: تنظيم ورش عمل وتدريبات للكوادر المحلية في مجالات العدالة الانتقالية والمصالحة.
2- المناصرة والتأثير الدولي
بفضل تواجدهم في مختلف دول العالم، يمكن للسوريين في المهجر:
تسليط الضوء على القضية السورية: الاستفادة من منصاتهم للوصول إلى صناع القرار والمنظمات الدولية، وحثهم على دعم العدالة الانتقالية في سوريا
الضغط الدبلوماسي: التأثير على السياسات الدولية لدعم مبادرات المصالحة والعدالة في سوريا
جمع الدعم الدولي: تأمين التمويل والمساعدات التقنية من خلال شبكاتهم وعلاقاتهم مع الجهات المانحة
3- تعزيز الحوار وبناء الجسور
يمكنهم تسهيل التواصل بين المجتمعات المحلية في سوريا والعالم الخارجي،والعمل كجسر بين الداخل والخارج مما يعزز فهمًا أفضل للتحديات والاحتياجات
تنظيم منتديات حوارية: إنشاء منصات تجمع السوريين من الداخل والخارج لمناقشة سبل تحقيق المصالحة
تعزيز التفاهم الثقافي: نشر ثقافة التعايش والتسامح من خلال الأنشطة الثقافية والفنية المشتركة
4- الدعم المالي والتقني
تمويل المبادرات المحلية: تقديم الدعم المالي للمشاريع التي تساهم في العدالة الانتقالية والمصالحة
توفير الموارد والتقنيات الحديثة: نقل التكنولوجيا والمعرفة التقنية لدعم المؤسسات المحلية
5- المشاركة في إعادة الإعمار والتنمية
الاستثمار في مشروعات تنموية: تأسيس شركات ومشاريع تساهم في إعادة بناء البنية التحتية وخلق فرص عمل.
نقل المهارات المهنية: الاستفادة من خبراتهم المهنية لتطوير قطاعات مثل التعليم، الصحة، والاقتصاد.
أهمية دورهم في تعزيز الثقة والمصداقية: وجود السوريين في المهجر في عملية العدالة الانتقالية يعزّز من
الشفافية والمصداقية: حيث يُنظر إليهم كطرف محايد نسبيًا، مما يزيد من ثقة المجتمع في العملية
توحيد الجهود الوطنية: إشراك جميع أفراد الشعب، سواء في الداخل أو الخارج، لضمان شمولية العملية
تحدّيات محتملة تواجه مشاركة السوريين في المهجر
اختلاف الرؤى والتوجهات: قد تختلف آراء السوريين في المهجر عن تلك الموجودة في الداخل بسبب الاختلافات في التجارب والمعايش.
الحاجة إلى التنسيق الفعّال: لضمان توحيد الجهود وتوجيهها نحو أهداف مشتركة.
كيفية تجاوز التحدّيات
تعزيز الحوار المفتوح: إنشاء منصات تفاعلية تتيح للجميع التعبير عن آرائهم والعمل على تقريب وجهات النظر.
التركيز على القواسم المشتركة: مثل الرغبة في السلام، العدالة، ومستقبل أفضل لسوريا
في الختام، السوريون في المهجر يمثلون كنزًا ثمينًا، يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في سوريا.
من خلال الجمع بين خبراتهم الدولية وانتمائهم الوطني، يمكنهم أن يكونوا جسرًا حيويًا يربط بين سوريا والعالم، ويساهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.
تنظيم جهود السوريين في المهجر بشكل أكثر فعالية لتحقيق تأثير أكبر في العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في سوريا
السوريون في المهجر هم كنز دفين من الخبرات والمعارف والموارد، ويمكنهم أن يكونوا الشعلة التي تضيء طريق العدالة والمصالحة في الوطن. لتحقيق تأثير أكبر، يحتاجون إلى تنظيم جهودهم بطريقة منهجية ومدروسة.
1- إنشاء شبكة عالمية موحّدة للسوريين في المهجر
أ) توحيد الجهود المشتركة للسوريين في المهجر تحت مظلة واحدة:
تأسيس اتحاد أو تجمع عالمي: يكون منصة شاملة تضم مختلف المنظمات والمبادرات السورية في المهجر
تحديد رؤية مشتركة: توافق على أهداف ورسالة موحدة، تُعبّر عن تطلعات السوريين في الداخل والخارج
ب) الاستفادة من التنوّع:
توحيد التخصصات والخبرات: تجميع المهنيين من مختلف المجالات (قانون، حقوق إنسان، إعلام، اقتصاد) للعمل سويًا.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: إنشاء فروع محلية في الدول المستضيفة لتنسيق الجهود على مستوى كل منطقة.
2- بناء قنوات تواصل فعّالة وشفافة
أ) استخدام التكنولوجيا والمنصات الرقمية
إنشاء منصة إلكترونية مركزية: توفر معلومات محدثة حول المبادرات والمشاريع والأنشطة الجارية
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: للتواصل الفوري وتبادل الأخبار والأفكار
ب) تعزيز التواصل الداخلي:
اجتماعات دورية: عبر الإنترنت أو بشكل شخصي، لمناقشة الخطط وتحديث الأعضاء
نشرات إخبارية إلكترونية: للحفاظ على اطلاع الجميع على المستجدات
3- تحديد أهداف واستراتيجيات واضحة
أ) وضع خطة عمل استراتيجية
تحديد الأولويات: مثل دعم العدالة الانتقالية، تعزيز المصالحة، إعادة الإعمار، وتمكين المجتمع المدني
تعيين أهداف قابلة للقياس: تحديد ما يجب تحقيقه وكيفية قياس التقدم.
ب) تقسيم المهام والمسؤوليات:
تشكيل فرق عمل متخصصة: مثل فريق قانوني، وفريق إعلامي، وفريق مالي، وفريق تنمية قدرات.
تعيين قادة فرق: لتنسيق الجهود وضمان تنفيذ المهام بكفاءة.
4- تعبئة الموارد وجمع التمويل
أ) تطوير إستراتيجية تمويل مستدامة:
حملات تمويل جماعي: استخدام المنصات الإلكترونية لجمع التبرعات من السوريين والداعمين حول العالم.
التعاون مع الجهات المانحة: تقديم مقترحات مشاريع للمنظمات الدولية والمؤسسات الخيرية
ب) الشفافية المالية:
نشر تقارير مالية دورية: لتعزيز الثقة بين الأعضاء والداعمين
إنشاء نظام محاسبي محكم: لضمان استخدام الموارد بشكل فعّال
..5- تعزيز الشراكات والتحالفات الدولية
أ) بناء علاقات مع المنظمات الدولية
التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية: لتبادل الخبرات والحصول على الدعم التقني
المشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية: لإيصال صوت السوريين وتحشيد الدعم
ب) التواصل مع الحكومات والمؤسّسات:
الضغط والمناصرة: للتأثير على سياسات الدول المستضيفة ودفعها لدعم العدالة والمصالحة في سوريا
توقيع مذكّرات تفاهم: مع المؤسسات التعليمية والبحثية لتنفيذ برامج مشتركة
6- تمكين المجتمع السوري في الداخل
أ) نقل المعرفة وبناء القدرات:
برامج تدريبية عبر الإنترنت: لتطوير مهارات الكوادر المحلية في مجالات مثل العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان.
توفير الموارد التعليمية والمهنية: مثل الكتب الإلكترونية والأدلّة العملية.
ب) دعم المشاريع المحلّية:
تقديم منح صغيرة للمبادرات الوطنية: التي تعمل على تعزيز المصالحة وبناء السلام.
إنشاء حاضنات أعمال: لدعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة
7- التوعية والإعلام
أ) حملات إعلامية عالمية
إنتاج مواد إعلامية متعدّدة اللغات: لنشر قصص النجاح وتسليط الضوء على التحدّيات.
استخدام الوسائط المتعدّدة: مثل الفيديوهات، الرسوم البيانية، والقصص التفاعلية لجذب انتباه الجمهور العالمي.
ب) التأثير على الرأي العام :
كتابة المقالات والمشاركة في النقاشات العامة: لتوضيح قضايا العدالة والمصالحة.
التعاون مع الإعلام الدولي: لتسليط الضوء على الجهود والمبادرات السورية.
8- ضمان الشفافية والمساءلة
أ) وضع معايير واضحة للحوكمة
مدوّنة سلوك وأخلاقيات: تحدّد المبادئ والقيم التي توجه العمل.
آليّات للمساءلة: تسمح بمراجعة الأداء واتّخاذ الإجراءات التصحيحية عند الحاجة.
ب) إشراك الأعضاء في صنع القرار:
نهج ديمقراطي تشاركي: يضمن أن صوت الجميع مسموع، وأن القرارات تُتّخذ بالتوافق.
تحسين الأداء استطلاعات واستبيانات دورية: لجمع التغذية الراجعة ( feedback )
9- الاستفادة من قصص النجاح الدولية
أ) دراسة تجارب الجاليات الأخرى
الأرمن بعد الإبادة الجماعية
دور الشتات الأرمني في الحفاظ على الهوية والدفع نحو الاعتراف الدولي.
ب) تكييف الدروس المستفادة
تطبيق ما يتناسب مع السياق السوري: مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية.
تجنّب الأخطاء السابقة: من خلال التعلم من تحدّيات وتجارب الآخرين.
10- تعزيز الوحدة والتضامن بين السوريين
أ) تجاوز الانقسامات والخلافات
التركيز على الهدف المشترك: مستقبل سوريا ورفاهية جميع أبنائها.
الحوار المفتوح: لمعالجة الخلافات وتعزيز التفاهم المتبادل.
ب) الاحتفاء بالتنوّع
الاعتزاز بالهوية السورية الجامعة: التي تحتضن جميع المكونات دون تمييز.
الفعاليات الثقافية والفنية: التي تعزّز الروابط وتعمّق الشعور بالانتماء.
- الختام:
بتنظيم جهود السوريين في المهجر بهذه الطريقة المنهجية، يمكن تحويل الطاقة المبعثرة إلى قوة دافعة، تقود عملية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية نحو النجاح. كما أن توحيد الصفوف والعمل المشترك، سيُظهر للعالم عزيمة السوريين وإصرارهم على بناء وطن ينعم بالسلام والعدالة والازدهار.
- كاتب وباحث سوري