طلب الرئيس اللبناني جوزيف عون، أمس الخميس، من قائد الجيش رودولف هيكل «التصدي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة دفاعا عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين».
جاء هذا الإعلان اللافت في سياق مجريات الأوضاع العسكرية والسياسية بين لبنان ودولة الاحتلال بعد مقتل موظف بلدي في قرية حدودية في جنوب البلاد بنيران قوات إسرائيل، ضمن تصعيد عسكري متزايد كثّفت فيه إسرائيل غاراتها مما تسبّب بمقتل 23 شخصا خلال الأسبوع الأخير، رافعا عدد القتلى المدنيين اللبنانيين إلى 111 منذ وقف إطلاق النار مع إسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
شهد جنوب لبنان توترا نوعيا آخر حيث أسقطت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة طائرة استطلاع إسرائيلية مسيّرة قالت القوات إنها حلّقت بشكل عدواني فوق دوريتها، وتبع ذلك إطلاق طائرة مسيّرة أخرى قنبلة يدوية وإطلاق دبابة إسرائيلية النار في اتجاه قوات حفظ السلام.
على الجبهة الدبلوماسية استقبل كبار المسؤولين اللبنانيين زيارة من المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس القادمة من إسرائيل بعد مشاورات عقدتها وجولات حدودية مع مسؤولين إسرائيليين، وتحدثت بعدها عن وجوب نزع سلاح «حزب الله» قبل نهاية العام، وسبقتها زيارة من مدير عام المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، الذي جاء أيضا بعد زيارة إلى إسرائيل، بشكل أوحى بدور جديد مستوحى من الخبرة المصرية في المجال الفلسطيني، أو باعتباره محاولة مصرية رديفة للدبلوماسية الأمريكية بشكل يضيّق الفجوة المفتوحة بين رفع إسرائيل سقف شروطها، وحثّ واشنطن لبيروت على التفاوض المباشر أو غير المباشر، وإظهار القاهرة قدرة على اقتراح حلول يشترك فيها العرب.
رغم بنود وقف إطلاق النار التي نصّت على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية وتراجع «حزب الله» عن منطقة جنوب الليطاني إلا أن إسرائيل ما زالت تحتفظ بخمس نقاط استراتيجية داخل لبنان، وتحوّلت اعتداءاتها إلى حدث يومي يتضمن غارات ودوريات وتوغّلات واغتيالات.
قابلت إسرائيل إعلان عون بمتابعة الغارات العنيفة على لبنان بل واستهداف قرية عائلة الرئيس اللبناني الجنوبية، غير أن انتقال تل أبيب من الاختراقات اليومية التكتيكية المحدودة إلى عمليات حربية كبرى تقارب الحرب تقتضي أكثر من تصريح عون، أو إعلان «حزب الله» تأييده للتصريح.
يستعد الجيش الإسرائيلي، حسب تقارير صحافية، لحملة ضربات سريعة وعالية الكثافة بهدف فرض قواعد ردع جديدة، وهو ما يقابله استعداد من «حزب الله» لمعركة جديدة طويلة الأمد، وترجّح هذه المصادر عدم حصول تدخل حاسم من الجيش اللبناني، الذي يعاني من نقص التجهيز والمحاصر سياسيا.
وعليه فإن انضباط الأطراف المتواجهة على جبهة لبنان وإسرائيل لا يعني بالضرورة استبعاد احتمالات شن إسرائيل حربا جديدة بأهداف مرتفعة لا تقتصر على نزع سلاح الحزب فحسب، بل كذلك إضعاف ترسانته العسكرية وتفكيك بنيته التحتية المدنية وأنظمته اللوجستية وصولا إلى إضعاف غطائه السياسي.
أما لجوء لبنان للتفاوض، المباشر أو غير المباشر، مع إسرائيل، كما يطرح الموفدون الأمريكيون، فمهمته، كما تظهر ساحات فلسطين وسوريا، هو عكس اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل، وتثبيت المعادلات العسكرية والأمنية على الأرض، وصولا إلى ترجمة سياسية لها.
- القدس العربي

























