في 18 تشرين الثاني، وقّع حاكم تكساس غريغ أبوت مرسوماً تاريخيّاً يصنّف “مجلس العلاقات الأميركيّة الإسلاميّة” (كير) وجماعة “الإخوان المسلمين” منظّمات إرهابيّة أجنبيّة ومنظّمات إجراميّة عابرة للحدود بموجب قوانين الولاية.
بعد ستّة أيّام فقط، في 24 تشرين الثاني، وقّع الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذيّاً فدراليّاً يبدأ تصنيف فروع محدّدة من “الإخوان” في لبنان ومصر والأردن منظّمات إرهابيّة لدعمها المزعوم لـ”حماس”.
في خطوة غير مسبوقة على مستوى الولايات، أصدر أبوت مرسوماً يحظر على “كير” و”الإخوان” شراء الأراضي في تكساس، ويسمح بمصادرة أصولهما وتشديد العقوبات الجنائيّة.
برّر أبوت القرار بالقول إنّ “الإخوان” و”كير” يسعيان إلى فرض الشريعة بالقوّة، مستنداً إلى قضيّة “مؤسّسة الأرض المقدّسة” عام 2009 التي أُدين فيها أحد مؤسّسي “كير” في تكساس بتمويل “حماس”، وإلى تصريحات منسوبة للمدير التنفيذيّ لـ”كير” نهاد عوض يمدح فيها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأوّل، وهي اتّهامات ينفيها كير بشدّة.
ردّ “كير” فوراً برفع دعوى قضائيّة فدراليّة ضدّ أبوت ووزير العدل كين باكستون، واصفاً القرار بأنّه “حيلة دعائيّة قائمة على نظريّات مؤامرة مفنّدة وكراهية للمسلمين”. اعتبر المجلس أنّ التصنيف ينتهك حقوق الملكيّة وحرّية التعبير والإجراءات القانونيّة الواجبة.
في أقلّ من أسبوع واحد، اهتزّ المشهد السياسيّ الأميركيّ بقرارين متتاليَين يضعان الجماعات الإسلاميّة تحت مجهر الأمن القوميّ
المنظّمات الإسلاميّة أكثر جرأة
في أعقاب الأمر التنفيذيّ الذي وقّعه ترامب يوم 24 تشرين الثاني 2025 لبدء تصنيف فروع محدّدة من جماعة “الإخوان” منظّمات إرهابيّة أجنبيّة، عاد الضوء إلى النشاط السياسيّ المتزايد للمنظّمات الإسلاميّة داخل الولايات المتّحدة. على الرغم من أنّ القرار يستهدف كيانات خارج البلاد، فإنّ تداعياته المحليّة واضحة: المجتمعات المسلمة أصبحت أكثر جرأة وتنظيماً، مستفيدة من نجاحات انتخابيّة لافتة ومن الحراك الشعبيّ الذي أشعلته حرب غزّة.
شهدت انتخابات 2025 الخاصّة رقماً قياسيّاً: 42 مسلماً ومسلمة انتُخبوا في مناصب عامّة في الولايات المتّحدة، متجاوزين كلّ الأرقام السابقة. أبرزها:
- فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، وهو أوّل مسلم يحقّق هذا الفوز.
- فوز غزالة هاشمي، وهي أوّل امرأة مسلمة تُنتخب على مستوى ولاية في فرجينيا.
- انتصارات واسعة في ميتشيغن التي تُعدّ معقلاً سياسيّاً للناخبين المسلمين.
احتفى “كير” بهذه النتائج، وأحصى ما لا يقلّ عن 77 مرشّحاً مسلماً. وأظهرَت استطلاعات أنّ 33% من المسلمين صوّتوا لترامب في 2024، وهو تحوّل يعكس بداية تفكّك الولاء التقليديّ للديمقراطيّين. يقول خبراء الحملات الانتخابيّة إنّ “الصوت المسلم الأميركيّ لم يعد بالإمكان تجاهله أو افتراض أنّه مضمون لأحد”.
منذ 7 أكتوبر 2023، لعبت المنظّمات الإسلاميّة الأميركيّة دوراً محوريّاً في حشد التظاهرات والتضامن مع غزّة. جمعيّات مثل “أميركيون مسلمون من أجل فلسطين” نظّمت مئات الفعّاليّات، بينما برزت جمعيّات خيريّة محسوبة فكريّاً على الإخوان في جمع التبرّعات لغزّة. نقل هذا النشاطُ الشبابَ المسلمَ الناشط من دائرة المراقب إلى دائرة الفاعل السياسيّ، وعزّز ثقته بقدرته على التأثير في الرأي العامّ وصناديق الاقتراع.
الانتخابات المقبلة ستكون لها الكلمة الفصل إذا ما تراجع الحضور السياسيّ للجاليات المسلمة أو توسّع كردّ فعل معاكس
“ماغا” غير راضية
لم تمرّ هذه الصحوة من دون مقاومة. وصفت وسائل إعلام يمينيّة فوز ممداني بأنّه “سقوط نيويورك”. معلّقون محافظون تحدّثوا عن “مشكلة إسلاميّة متنامية”، في حين بقي قادة جمهوريّون في صمت مريب.
يُقرأ الأمر التنفيذيّ ضدّ “الإخوان” داخليّاً كإنذار مبطّن: مرحلة التضييق القانونيّ على أيّ نشاط “إسلامويّاً”. قادة مسلمون عبّروا عن قلقهم من أن يكون القرار مقدّمة لاستهداف أوسع لمنظّمات خيريّة أو نشطاء سياسيّين.
الانتخابات النّصفيّة 2026: قرار يغيّر قواعد اللّعبة
مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني 2026، يأخذ القراران بُعداً انتخابيّاً استراتيجيّاً قد يؤثّر في التوازن السياسيّ الوطنيّ:
1- التدقيق الماليّ والاتّهامات بالإرهاب، even أي قبل اكتمالها قانونيّاً، يجعلان المانحين والشركات أكثر حذراً. هذا قد يقلّص قدرة المنظّمات وخلايا العمل السياسيّ على تمويل المرشّحين الداعمين لوقف إطلاق النار أو الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة.
2- البيئة القانونيّة المشحونة قد تدفع مرشّحين مسلمين وتقدّميّين لإعادة النظر في خوض السباق الانتخابيّ خوفاً من حملات تشويه أو ربطهم بالإخوان أو “حماس”، حتّى دون دليل.
3- القوى التقدّميّة تعتمد على الناخب المسلم في دوائر حاسمة على الرغم من عدم التقارب معها فكريّاً. لكنّ التضييق الحاليّ قد يدفع بعض الديمقراطيّين للاعتدال في خطابهم في شأن غزّة وإسرائيل تفادياً للاشتباك مع الجمهوريّين أو الإعلام اليمينيّ.
في المقابل، يحذّر بعض الاستراتيجيّين من أنّ قمع النشاط الإسلاميّ قد يدفع المسلمين للتصويت بكثافة ضدّ الجمهوريّين، كما حصل تاريخيّاً مع مجموعات شعرت بالاستهداف.
النتيجة المتوقّعة؟
الانتخابات المقبلة ستكون لها الكلمة الفصل إذا ما تراجع الحضور السياسيّ للجاليات المسلمة أو توسّع كردّ فعل معاكس.
- أساس ميديا



























