دمشق: كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، الأحد، أن الاحتجاجات التي شهدتها عدة محافظات، نتيجة دعوات انفصالية.
وشهدت محافظات اللاذقية وطرطوس (غرب) وحماة وحمص (وسط)، الأحد، مظاهرات تطالب بـ”الفيدرالية وحق تقرير المصير”، وذلك استجابةً لدعوة غزال غزال، رئيس المجلس العلوي الأعلى في سوريا والخارج، ومقره محافظة اللاذقية.
وخلال المظاهرات التي اتخذت فيها قوات الأمن إجراءات أمنية مشددة، أُطلقت هتافات تطالب بالفيدرالية، وشعارات ضد حكومة دمشق.
وقال البابا، لقناة “الإخبارية” السورية الرسمية إن “قوى الأمن الداخلي تتعامل بقدر عالٍ من الانضباط والأخلاق الكريمة، إلا أن استخدام السلاح الناري يكون ضد فلول النظام البائد التي تستهدف قوى الأمن والمدنيين”.
وشدد على أن هذه الاحتجاجات نتيجة “دعوات انفصالية”.
وأكد البابا، أن مشهد هجوم فلول النظام البائد بوحشية على المتظاهرين السلميين يعد “انتصارا للثورة السورية”.
وأشار إلى أن “النظام البائد حرم الساحل من الخدمات”.
وأوضح متحدث الداخلية، أن “تحريك الغوغاء للابتزاز السياسي للدولة، ومحاولة تحصيل مكاسب سياسية في التفاوض، لن يُجدي نفعا”.
وفي وقت سابق الأحد، أعلنت وزارة الدفاع دخول وحدات من الجيش مراكز مدينتي اللاذقية وطرطوس، “بعد تصاعد عمليات الاستهداف من قبل مجموعات خارجة عن القانون باتجاه الأهالي وقوى الأمن”.
وفي وقت سابق اليوم، قتل ثلاثة أشخاص على الأقل الأحد جراء إطلاق نار أثناء تظاهرات احتجاجية في غرب سوريا، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية، اثنان منهم برصاص قوات الأمن بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وشارك الآلاف من سكان محافظة اللاذقية ذات الغالبية العلوية في تظاهرات دعت إليها مرجعية دينية علوية، احتجاجا على انفجار استهدف مسجد في حي للطائفة بمدينة حمص، في اعتداء فاقم مجددا مخاوف الأقليات في البلاد، بعد عام من وصول السلطات الانتقالية إلى الحكم.
ومنذ ظهر الأحد، تجمع مئات المتظاهرين في مدينة اللاذقية.
وسرعان ما تخلل العنف التجمّع إذ خرج مؤيدون للسلطة في تظاهرة مضادة، وأطلقت قوات الجيش والأمن التي انتشرت بكثافة الرصاص لتفريق المحتجين.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة واسعة من المصادر في سوريا، بأن قوات الأمن قتلت شخصين أثناء تفريقها تظاهرة في مدينة اللاذقية الساحلية (غرب).
كما أفاد مصدر طبي بأن مستشفى في المنطقة استقبل جثتين.
من جانبها، لم تؤكد السلطات أنها أطلقت النار على المتظاهرين، لكنها أعلنت “احتواء الموقف” واتهمت أنصارا للرئيس المخلوع بشار الأسد بـ”إطلاق النار في الهواء” ومهاجمة قوات الأمن “ما أدى إلى إصابة بعض عناصرنا، وتكسير سيارات”، وفق بيان لقائد الأمن الداخلي في اللاذقية.
وفي وقت لاحق، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية، نقلا عن مديرية الصحة في اللاذقية “وفاة 3 أشخاص وإصابة 60 آخرين باعتداءات فلول النظام البائد على قوات الأمن والمدنيين خلال الاحتجاجات في المدينة”.
وأكّد مصدر أمن، أن أحد القتلى هو عنصر يتبع للأمن العام ضمن جهاز الشرطة.
وأفاد قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية العميد عبد العزيز الأحمد، عن تعرّض “قواتنا الأمنية والمحتجين.. لإطلاق نار مباشر من جهة مجهولة”، ما أسفر عن إصابات في صفوف المدنيين وعناصر الأمن.
والهجوم على المسجد الذي تبنته جماعة تحمل اسم “سرايا أهل السنة”، هو الأحدث ضد الأقلية العلوية التي تعرضت لحوادث عنف عدة منذ سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، المنتمي لهذه الطائفة، في كانون الأول/ديسمبر 2024.
قبل الصدامات في اللاذقية، قال المتظاهر نمير رمضان، وهو تاجر يبلغ 48 عاما، “لماذا القتل؟ لماذا السبي؟ لماذا الخطف؟ لماذا هذه التصرفات العشوائية بلا رادع ولا حسيب ولا رقيب؟”.
وأضاف “رحل الأسد، ولسنا مع الأسد، ذهب الأسد ولن يعود، لماذا هذا القتل؟”.
وفي بداية الاحتجاجات في اللاذقية، أفاد مراسل وكالة فرانس برس بأن سائق سيارة أجرة حاول دهس متظاهرين، ما تسبب في حالة ذعر.
“حقوق مشروعة”
ونُظّمت تظاهرات الأحد بعد دعوات من الشيخ البارز غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، الذي دعا السبت إلى أن “نري للعالم أن المكوّن العلوي لا يمكن أن يهان أو يهمّش”.
وأضاف غزال في فيديو نشره على فيسبوك “لا نريدها حربا أهلية، نريدها فيدرالية سياسية، لا نريد إرهابكم، نريد حقنا بتقرير مصيرنا”.
وفي وقت لاحق الأحد، نشر المجلس بيانا اتهم فيه السلطات بمهاجمة “مدنيين عُزّل خرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة”، ودعا المتظاهرين إلى “الحفاظ على سلامتهم والعودة إلى بيوتهم”.
وحمل متظاهرون صورا للشيخ غزال إلى جانب لافتات تعبر عن دعمهم له، بينما كانوا يهتفون مطالبين بنظام سياسي لامركزي.
كما كتبت على لافتات شعارات ضد “الخطاب الطائفي”.
وقالت هديل صالحة، وهي ربة منزل تبلغ 40 عاما، إن “مطالبنا أول شيء الفدرالية لحقن الدم لأن الدم العلوي ليس رخيصا، الدم السوري بشكل عام ليس رخيصا، نحن نُقتل لأننا علويون”.
وتقطن غالبية سنية مدينة حمص، حيث وقع تفجير الجمعة، لكنها تضم أيضا عدة مناطق ذات غالبية علوية. ويتواجد معظم العلويين في محافظتي اللاذقية وطرطوس في منطقة الساحل.
ومنذ سقوط الأسد، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وسكان محافظة حمص بوقوع عمليات خطف وقتل استهدفت الأقلية العلوية.
موجات عنف طائفي
شهدت سوريا عدة موجات دموية من العنف الطائفي، أبرزها في منطقة الساحل بحق مدنيين علويين في آذار/مارس، بعدما اتهمت السلطات الجديدة في دمشق أنصارا مسلحين للأسد بإشعال العنف من خلال مهاجمة قوات الأمن.
وقالت لجنة تحقيق وطنية إن ما لا يقل عن 1426 علويا قتلوا في أعمال العنف، بينما قدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد القتلى بأكثر من 1700.
وفي أواخر الشهر الماضي، تظاهر آلاف الأشخاص في الساحل احتجاجا على هجمات جديدة استهدفت علويين في حمص ومناطق أخرى.
قبل وبعد أعمال العنف الدامية في آذار/مارس، نفّذت السلطات حملة اعتقالات واسعة النطاق في مناطق ذات غالبية علوية، كانت أيضا معاقل سابقة لنظام الأسد.
وطالب المتظاهرون الأحد بالإفراج عن المعتقلين.
والجمعة، أفاد التلفزيون السوري الرسمي بإطلاق سراح 70 موقوفا في اللاذقية “بعد ثبوت عدم تورطهم في جرائم حرب”، قائلا إن المزيد من عمليات الإفراج ستتم تباعا.
رغم تأكيدات دمشق بأنها تحمي جميع السوريين، إلا أن الأقليات في البلاد لا تزال متخوفة في ظل السلطات الإسلامية الجديدة التي ترفض حتى الآن الدعوات إلى الفيدرالية.
(وكالات)
- القدس العربي


























