وضعت قمة سرت الإصبع على الجرح، عندما أقرّت علناً وبصراحة؛ بأن العمل العربي المشترك يعيش أزمة مستحكّمة، تصويب في مكانه. هذا الاعتراف كان يقتضي استكماله بوضع اليد على عوامل هذه الأزمة، للتصدّي لها.
لكن ذلك لم يتحقق، بالرغم من دقة وحراجة الظرف الراهن؛ فضلاً عن توفر معطيات إقليمية ـ دولية مواتية، كان يفترض أن من شأنها الحفز على تحقيق الاختراق المطلوب.
الأمر الذي قد يترتب عليه هذه المرة، تداعيات أكثر كلفة من ذي قبل، ذلك أن المنطقة، باعتراف القمة، تقف على مفترق طرق.توزّعت أعمال قمة سرت على محورين: مراجعة للعمل العربي وطرح مقترحات وتصورات للمعالجة.
في الشق الأول، كان الإقرار صريحاً ومباشراً؛ بوجود «أزمة مستعصية»، ما عاد بالإمكان تجاهلها؛ على حدّ وصف أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني؛ رئيس الدورة الماضية للقمة. في الشقّ الثاني، كان الارتباك والتباين، سيّد الموقف.
الأطر والمخارج التي طرحت وجرى التداول بشأنها للخروج من هذه الحالة، بقيت من غير إجماع. فجاء التشخيص في محلّه وحظي بالتوافق؛ في حين تعذر التوافق بشأن المعالجة، التي بقيت مفقودة.
خلل ملازم للعمل العربي من زمان. حتى الظرف الراهن، بكل ما فيه من مخاطر ومن محفّزات؛ لم يشفع بالقمة، ليضعها على سكّة أخرى.غياب التنسيق كان واضحاً. الصيغ التي تمّ اقتراحها، جاءت متباعدة. العناصر المشركة بينها، بدت مفقودة.
ولم يكن ذلك سوى تحصيل حاصل، للواقع العربي القائم. من المتعذّر مواجهة المخاطر والبحث عن مشاريع وأطر، تحظى بالتوافق والتلاقي؛ قبل تفكيك عناصر الأزمة المستبدة بالعمل العربي.
إذا كان التسليم بها هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح؛ فإن العمل على الخلاص منها هو المدخل الإجباري ليستقيم التصدّي المشرك للتحديات الراهنة، خاصة وأن هذه الأخيرة غير مسبوقة.
بأبعادها وأخطارها على الأمن العربي عموماً. وبالذات على القضية الفلسطينية ومصير القدس، التي انعقدت القمة تحت شعار العمل على إنقاذها.
ومن هذه الناحية، ربما كان الأجدر أن تنصرف القمة أولاً، إلى تصحيح الأوضاع والأجواء العربية؛ باعتبارها الشرط الأساسي لتمكين وتفعيل العمل العربي.




















