الناصرة – أسعد تلحمي
يعقد «المنتدى السباعي» الوزاري الإسرائيلي غداً اجتماعاً ثالثاً على التوالي لصوغ رد رسمي على المطالب التي طرحها الرئيس باراك أوباما على رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وسط مخاوف حقيقية من أن الرئيس الأميركي يسعى الى فرض تسوية دائمة على إسرائيل للصراع مع الفلسطينيين في غضون عامين، فيما أعرب سفراء إسرائيل في دول أوروبية كبرى عن قلقهم من تبني دول الاتحاد مواقف أكثر تشدداً إزاء إسرائيل على خلفية الأزمة الإسرائيلية – الأميركية. في هذه الأثناء، وصف 50 في المئة من الإسرائيليين مكانة إسرائيل الدولية بـ «السيئة» أو «السيئة جداً»، بينما قال 53 في المئة إنهم ليسوا مرتاحين لأداء نتانياهو.
وقال عضو «المنتدى الوزاري السباعي» الوزير بيني بيغين للإذاعة العامة أمس إن الضغط الأميركي على إسرائيل لوقف البناء في القدس «يعزز مكانة الفلسطينيين المتطرفين ويعرقل عملية السلام». وأضاف أن الولايات المتحدة غيّرت سياستها القاضية بأن حل قضية القدس يتم في إطار التفاوض، معتبراً السياسة الحالية «مقلقة»، وأن هذا التحول سيحقق عكس المراد منه لأنه سيدفع الفلسطينيين إلى تصليب مواقفهم. وشدد على أن «القدس الموحَّدة هي عاصمة إسرائيل، ولن يتم التنازل عن السيادة الإسرائيلية فيها»، كما أكد رفضه فكرة فرض تسوية أميركية على الإسرائيليين والفلسطينيين واصفاً إياها بـ «العبثية».
وجدد عضو آخر في «المنتدى السباعي» هو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في مقابلة مع «معاريف» رفضه المطلق للمطلب الأميركي بوقف أعمال البناء في الأحياء الاستيطانية في القدس المحتلة، مكرراً أنه مطلب غير معقول. وأعرب عن قناعته بأن إسرائيل ستنجح في مسعاها الى إقناع واشنطن بالعدول عن هذا المطلب «لكن في كل الأحوال، علينا الإصرار على رفضه حتى بثمن باهظ».
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أوساط سياسية رفيعة المستوى قلقها من حقيقة أن أربعة من المطالب التي طرحها أوباما على نتانياهو في لقائهما في البيت الأبيض الأسبوع الماضي تتعلق بالقدس وهي: فتح مقر الغرفة التجارية الفلسطينية في القدس الشرقية، ووقف هدم منازل فلسطينيين، وعدم تنفيذ بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة «رمات شلومو»، وتجميد البناء في مستوطنات القدس الشرقية المحتلة.
ووصفت هذه الأوساط مطالب أوباما من إسرائيل بـ «قمة جبل جليدي يكمن وراءه تحوّل دراماتيكي في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل». ورأت أن المطالبة بأن تتناول المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين القضايا الجوهرية للصراع «خطير للغاية لأنه يخلق إطاراً يمكن من خلاله فرض التسوية الدائمة على الطرفين». وتابعت أنه فضلاً عن المطالب الأميركية «التي تشكل خطراً على القدس» من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن «نمط العمل» الجديد للديبلوماسية الأميركية يبعث على القلق، «وما الاتصالات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حلفاء إسرائيل في أوروبا، وفي مقدمها ألمانيا، سوى جزء من جهد يرمي إلى تأليب أوروبا على إسرائيل وعزل الأخيرة وممارسة ضغط سياسي عليها».
وكانت أوساط في وزارة الخارجية الإسرائيلية أعربت عن قلقها من أن تشهد العلاقات بين الدولة العبرية وأوروبا أزمة خطيرة في أعقاب الأزمة مع الولايات المتحدة. وأشارت الصحف إلى أن هذا القلق تبدّى جلياً خلال المحادثة عبر الفيديو التي أجراها وكيل وزارة الخارجية يوسي غال مع سفراء إسرائيليين في سبع دول أوروبية الأسبوع الماضي. وتوقع السفراء أن تذهب الدول الأوروبية في تصعيدها أبعد من واشنطن، وأن تحاول دفع مبادرات سياسية مختلفة واتخاذ «قرارات سيئة» ضد إسرائيل. ونقلت «معاريف» عن مشاركين في المحادثة قولهم إن «ثمة وضعاً خاصاً من الضغط الدولي على إسرائيل غير مسبوق في حدته» منذ رئاسة جورج بوش الأب مطلع تسعينات القرن الماضي. وأضاف أحد المشاركين في المحادثة أن الاتحاد الأوروبي هو تقليدياً أكثر تشدداً (من واشنطن) تجاه إسرائيل، وأنه سيبدي مزيداً من التشدد في غياب «حماية أميركية».
في هذا الصدد، قال القنصل السابق في نيويورك ألون بنكاس للإذاعة العسكرية أمس إن بعض دول العالم سيستغل الأزمة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة «لممارسة ضغط على إسرائيل وزيادة عزلتها الدولية». وأضاف أن العزلة ستتزايد في حال رأت الدول أن الرئيس الأميركي «ليس صبوراً ولا متسامحاً تجاه إسرائيل».
وأبرزت الصحف الإسرائيلية ما جاء في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أول من أمس من أن الولايات المتحدة قد تتوقف عن الاستخدام الفوري لحق النقض (فيتو) في مجلس الأمن في حال تقدمت جهة ما باقتراح التنديد بإسرائيل على خلفية مواصلة الاستيطان في القدس المحتلة.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» عن أوساط سياسية تساؤلها بتهكم عما إذا كان أوباما سيغيّر، خلال مأدبة العشاء التي يقيمها فجر اليوم في البيت الأبيض لـ 20 من المستشارين والعاملين اليهود لمناسبة الفصح اليهودي (ليل التهيئة)، التهنئة التقليدية التي يتبادلها اليهود «السنة المقبلة (نحتفل) في القدس المشيدّة» الى «القدس المشطورة»، على خلفية مطالبته إسرائيل بوقف البناء في القدس.
وانعكس القلق الرسمي من تغير السياسة الأميركية في استطلاع صحيفة «معاريف»، إذ وصف 38 في المئة من الإسرائيليين مكانة إسرائيل الدولية بـ «السيئة»، واعتبرها 10 في المئة «سيئة جداً»، في مقابل 37 في المئة وصفوها بـ «المعقولة» و13 في المئة بـ «الجيدة – جيدة جداً». وأظهر الاستطلاع أن 53 في المئة من الإسرائيليين ليسوا راضين عن أداء نتانياهو (41 في المئة راضون)، لكن مع ذلك ما زال 47 في المئة يفضلونه على غيره، تليه رئيسة المعارضة زعيمة «كديما» تسيبي ليفني (29 في المئة).
وأظهر الاستطلاع أنه لو أجريت انتخابات عامة اليوم لما تغيرت الخريطة الحزبية الحالية، وأن تكتل الأحزاب اليمينية والدينية سيفوز بـ 65 نائباً (من مجموع 120) في مقابل 44 لأحزاب الوسط واليسار، و11 للأحزاب العربية الوطنية. وباستثناء انحسار آخر في شعبية حزب «العمل»، المحسوب على يسار الوسط، إلى 8 مقاعد (في مقابل 13 حالياً) لمصلحة حزب «ميرتس» اليساري، لا يحصل أي تعديل جدّي على قوة سائر الأحزاب.
وأعرب 54 في المئة من المستطلَعين عن عدم رضاهم عن زعيم «العمل» وزير الدفاع ايهود باراك (في مقابل 38 في المئة راضون). كذلك أبدى 56 في المئة عدم رضاهم من أداء زعيمة «كديما»، لكن حزبها يحصل على تمثيل مشابه للحالي (29). وبلغت نسبة غير الراضين عن أداء كل من ليبرمان ووزير الداخلية إيلي يشاي 60 في المئة. وأيدت الغالبية أن يقوم نتانياهو بضم «كديما» إلى ائتلافه بدلا من «إسرائيل بيتنا» و«شاس».
وقال 71.6 في المئة إن غالبية الإسرائيليين ترى أن «لا شريك» فلسطينياً للتسوية، ومع ذلك أيد 46 300306.jpg في المئة حل الدولتين («خطة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون») الذي يشمل العودة إلى حدود عام 1967، مع الحفاظ على الكتل الاستيطانية الكبرى وتبادل أراض ورفض عودة اللاجئين. ورفض هذا الحل 39 في المئة.
والى ذلك (أ ف ب)، اعادت الشرطة الإسرائيلية امس القيود على الدخول الى باحة الحرم القدسي مع اقتراب عيد الفصح اليهودي، كما اغلقت الضفة الغربية لـ «دواعٍ امنية». واعلن الناطق باسم الشرطة ميكي روزنفيلد ان السماح بدخول باحة الحرم القدسي سيحصر بالرجال الفلسطينيين الذين تفوق اعمارهم 50 سنة ويحملون اقامة دائمة في القدس، ما يستثني سكان الضفة. واضاف ان قرار المنع لا ينطبق على النساء المسلمات، لكنه ينطبق على جميع الزوار غير المسلمين، من دون ان يوضح الى متى سيستمر العمل بقرار المنع هذا.
"الحياة"




















