قبل أيام أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن ما يجري في القدس الشرقية "ليس استيطانا فاليهود يبنون فيها منذ القدم وهي عاصمة إسرائيل"، قال نتنياهو هذا الكلام في واشنطن أمام مؤتمر إيباك، وجدد عزم حكومته على عدم التوقف عن الاستيطان سواء في القدس أو غيرها.
كلام نتنياهو كان واضحا جدا ولا يحتاج شرحا، لكن الإدارة الأمريكية، ولأسباب واضحة أيضا ولا تحتاج شرحا، تطلب من إسرائيل توقيف الاستيطان 4 أشهر مقابل مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين.
فإسرائيل لا تبني مساكن جديدة بل تبني واقعا جديدا، إذ حتى لو نجحت المفاوضات المباشرة في تحريك عجلة السلام، فسيفرض التراجع عن هذا الواقع الجديد مفاوضات أخرى ومبادرات ومؤتمرات جديدة، لتبقى المنطقة رهينة التفاوض، فلا تنتهي من مفاوضات حتى تدخل أخرى.
ولأن أمريكا لم تضع صورة نهائية لما تريد تحقيقه على الأرض، فقد وضعت زمام المبادرة بيد إسرائيل وتركتها تفرض شروطها، وأصبح همّ الإدارة الأمريكية هو الضغط على السلطة الفلسطينية كي تقبل مقترحاتها الجديدة، مع أنه من الواضح جيدا أن السلطة الفلسطينية لا تملك سوى القبول بعد أن أكدت اختيارها التفاوض سبيلا وحيدا.
في هذه الظروف يجد نتنياهو نفسه في وضع مريح جدا، فواشنطن تُعبّدُ له طريق التفاوض وبمدد قصيرة، لأن 4 أشهر لا تعني شيئا بمعايير المأساة الفلسطينية، فيدخل المفاوضات وفي جعبته ما لا يحصى من العراقيل، لتنتهي كسابقاتها وتعود آلة الاستيطان إلى نشاطها.
لم تقدم الإدارة الأمريكية شيئا ملموسا للفلسطينيين سوى السعي لوقف الاستيطان مدة 4 أشهر، وهو عرض هزيل يثبت أن الإدارة الرئيس باراك أوباما أضحت أضعف مما يمكنها من الضغط كقوة عظمى لفرض سلام عادل طالما تغنت به الإدارات الأمريكية السابقة.
أما من جهة السلطة الفلسطينية فسيكون قبول التفاوض وفق التصور الأمريكي مجرد محطة تفاوض كسابقاتها، لم يجن منها الفلسطينيون شيئا، بل إن المطالبة بالحقوق تُعتبر في القاموس الإسرائيلي ذريعة لوقف التفاوض. وبدلا من ذلك يجب على السلطة الفلسطينية السعي للم شمل البيت الفلسطيني ووقف الانقسام والتخندق الحزبي الذي أضعف الطرف الفلسطيني وجعل إسرائيل تتمادى في ممارساتها، انقسام أفقد الفلسطينيين أبسط وسائل الضغط، لدرجة أن واشنطن صارت تمنُّ عليهم بوقف "مؤقت" للاستيطان ولمدة 4 أشهر… فقط.
الشرق القطرية




















