تقرير حالة سكان العالم الرابع والثلاثون للعام المنصرم 2009 الذي أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان تحت عنوان (في مواجهة عالم متغير: المرأة والسكان والمناخ) أطلق يوم أمس في قصر النبلاء بدمشق بحضور رئيس هيئة تخطيط الدولة الدكتور عامر حسني لطفي ورئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة الدكتورة إنصاف حمد والمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سورية إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
المنسق المقيم تحدث في كلمته الابتدائية عن أن سرعة النمو السكاني والتصنيع أدت إلى زيادة سريعة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لدرجة أن البشرية قد وصلت فيها إلى نقطة تقترب من حافة الكارثة مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفقراء هم أكثر المتضررين من تغير المناخ وسيواجهون أسوا الآثار الناجمة عنه.
تباين التأثير
مبيناً أن التأثير الذي تتعرض له النساء وخاصة في البلدان النامية يتباين عن ذلك الذي يتعرض له الرجال فالنساء هن من بين الفئات الأشد تأثراً بتغير المناخ ويعزى ذلك في جزء منه إلى أنهن في بلدان كثيرة يشكلن الجزء الأكبر من القوة العاملة الزراعية وفي جزء آخر إلى أنهن أقل حظاً في الحصول على الفرص التي يحصل عليها الرجال في مجال كسب الدخل، فالنساء يقمن على تدبير أمور الأسر المعيشية ورعاية أفراد هذه الأسر ما يحد في أحيان كثيرة من قدرتهن على التنقل ويضاعف من تعرضهن للكوارث الطبيعية المتصلة بالأحوال الجوية كما تضطر النساء إلى العمل الشاق لتأمين الغذاء والماء والطاقة لبيوتهن كما تنقطع الفتيات في هذا المجال عن الدراسة لمساعدة أمهاتهن، مبيناً أن هذه الحلقة المفرغة من الحرمان والفقر وعدم المساواة من شأنها أن تقوض رأس المال الاجتماعي اللازم للتصدي لتغير المناخ على نحو فعال.
ولد الشيخ أحمد أشار إلى أن تغير المناخ ينطوي على مخاطر حصول انتكاسات من شأنها عكس مسار المكاسب التنموية التي جرى تحقيقها في الكثير من الدول على مدى العقود الماضية في سبيل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مؤكداً في الوقت نفسه أن تغير المناخ قضية لا تحتمل الانتظار وينبغي التصدي لها عاجلاً وليس آجلاً ولا بد من اتخاذ تدابير محددة للتصدي للمشكلة القائمة على واقع الأمور وليس على الانفعال مع الانتباه إلى وجود ثغرات كبيرة في البحوث والدراسات المتعلقة بالكثير من آثار تغير المناخ والحلول اللازمة لها ولا بد من سد هذه الثغرات قبل فوات الأوان.
علائم بداية التقدم
رئيس هيئة تخطيط الدولة الدكتور عامر حسني لطفي تحدث في كلمته عن أهمية التقرير لجهة كون تغير المناخ قضية تتعلق بالبشر وكيف يعيشون وسلوكهم الاستهلاكي وحقوقهم وفرصهم كما أنه تذكير بوعود الدول المتقدمة في إعلان الألفية المتضمن تخصيص ما نسبته 7% من النواتج المحلية لبلادهم لتحقيق أهداف الألفية وخاصة هدف الاستدامات البيئية، متطرقاً في الوقت نفسه إلى التحولات الديموغرافية التي شهدها المجتمع السوري والتي نتج عنها زيادات كبيرة في أعداد السكان وتبدلات في خصائصهم وبنيتهم الهيكلية التي سينتج عنها كذلك تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية مستقبلية وتدل المؤشرات الديموغرافية على أن سورية تمر بما يعرف بمرحلة التحول الديموغرافي وهي المرحلة التي مرت بها معظم البلدان المتقدمة في بداية مراحل النمو والتي تتميز بحدوث انخفاض في معدل نمو السكان بعد أن يكون ذلك المعدل قد وصل إلى أعلى مستوى له.
اهتمام بالغ
لطفي تحدث كذلك عن الاهتمام البالغ الذي أولته حكومة سورية لقضايا السكان وتمكين المرأة والبيئة حيث تحقق الكثير من التقدم في هذا المجال مبيناً أن النمو السكاني المرتفع هو أحد أهم التحديات التي يجب العمل عليها وخاصة إذا ما علمنا أن هذا المعدل هو الأعلى في المحافظات التي تتعرض للتغيرات المناخية أكثر من غيرها وتتصف أيضاً بانخفاض التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة.
حالة سكان العالم
التقرير أشار في أجزاء منه إلى أن تنظيم الأسرة والرعاية الصحية والإنجابية والعلاقات بين الجنسين هي أمور يمكن أن تؤثر في مستقبل المسار الذي سيتخذه تغير المناخ وعلى كيفية تأقلم البشر مع أمور من قبيل ارتفاع مستوى سطح البحر وتفاقم الأعاصير وازدياد حدة حالات الجفاف، مشيراً إلى أنه لا بد لمناقشة قضية تغير المناخ في المستقبل من أن يؤخذ بعين الاعتبار جميع جوانب المشكلة من حيث أبعادها الإنسانية والمتعلقة بالنوع الاجتماعي وأي معاهدة سوف تنبثق عن مؤتمر عام 2009 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ ويكون من شأنها أن تساعد الناس على التكيف مع تغير المناخ وتسخير طاقات النساء والرجال من أجل عكس مسار الاتجاه نحو ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض ستكون بمنزلة إستراتيجية عالمية أصيلة وفعالة لمعالجة مسألة تغير المناخ في الأجل الطويل.
مازن خير بك
"الوطن" سورية
 
			



















