لندن – «الحياة»، أ ف ب – اعتبر المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي بات معارضاً مصرياً بارزاً بحملته لتعديل الدستور في بلاده، أن دعم الغرب للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط يشجع التطرف. وقال البرادعي (67 سنة) في مقابلة نشرتها صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أمس، إن «الفكرة القائلة بأن البديل الوحيد عن الأنظمة القمعية هو (زعيم تنظيم القاعدة أسامة) بن لادن وصحبه، هي فكرة خاطئة، غير أن الاستمرار في السياسات الحالية سيجعل هذه النبوءة تتحقق».
وأضاف أن «الناس يشعرون بأنهم يتعرضون للقمع من جانب حكوماتهم، و بأنهم يلقون معاملة ظالمة من قبل العالم الخارجي،و يستيقظون في الصباح فماذا يرون؟ يرون أناساً يتعرضون لإطلاق النار ويقتلون، أناس جميعهم مسلمون، في أفغانستان والعراق والصومال والسودان ودارفور».
وأكد أن «سياسة الغرب حيال هذا الجزء من العالم فشلت فشلاً ذريعاً في رأيي»، داعياً إلى «إعادة تقويم» هذه السياسة التي «لم تقم على الحوار والتفاهم ودعم المجتمع المدني وحرية الشعوب، بل على دعم الأنظمة القمعية ما دام النفط يتدفق». وأضاف: «إذا راهنت على أشخاص بدلاً من الشعوب، فستفشل. والرهان السياسي الغربي كان على أفراد لا تدعمهم شعوبهم ويفقدون صدقيتهم كل يوم».
وحين سُئل عن شعبية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، قال إن هذه رسالة للغرب مفادها أن «سياسته لا تصل إلى الناس. السياسة (الغربية حيال المنطقة) ينبغي أن تكون: نحن نهتم لأمركم ورفاهتكم وحقوقكم». وأضاف أن «الغرب يتحدث كثيراً عن الانتخابات في إيران، على سبيل المثال، لكن على الأقل كانت هناك انتخابات. أين هذه الانتخابات في العالم العربي؟ إذا لم يتحدث الغرب عن هذا فكيف تصبح له أي صدقية؟». وخلص إلى أنه «فقط إذا أعطي المجال لليبراليين والاشتراكيين المعتدلين وكل فصائل المجتمع، سيهمش المتطرفون».
لكنه أعرب عن أمله في أن تكون الولايات المتحدة وبريطانيا استوعبتا دروس حرب العراق. وقال: «بالطبع هناك ديكتاتوريات، لكن هل هناك استعداد للتضحية بمليون مدني بريء كل مرة للتخلص من ديكتاتور؟ كل المؤشرات (من لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق) تؤكد أن الحرب لم تكن لها علاقة بأسلحة دمار شامل، بل بتغيير النظام. واتساءل: أين ما يبرر هذا في القانون الدولي؟ وإذا كان هذا انتهاكاً للقانون الدولي، فمن المسؤول؟».
وعاد البرادعي الحائز جائزة نوبل للسلام في 2005، إلى القاهرة في شباط (فبراير) الماضي بعدما قضى سنة في فيينا على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأعلن استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية في مصر العام المقبل إذا ما تعدل الدستور. وأطلق حملة ميدانية قبل نحو أسبوع لكسب تأييد الرأي العام لأفكاره الإصلاحية.
وأكد في المقابلة أنه لا يخشى على سلامته الشخصية من أجهزة الأمن في مصر، لكنه كشف أن حكومات أجنبية عدة عبرت له عن قلقها على سلامته بعد اعتقال بعض أنصاره وتعذيبهم. وقال: «أسمع هذا من حكومات مختلفة. يأتي الناس إلي ويقولون لا بد أن تكون حذراً، لكنني لا أريد أن أتحرك مع حراس شخصيين… أشد الناس فقراً وحرماناً يلتفون حولي في الشارع ويقولون انهم يريدون التغيير. وأنا أريد أن أستمع إليهم».
"الحياة"




















