يبدو أن إدارة أوباما صارت أسيرة لعبة مساومة مفتوحة، أوقعتها فيها حكومة نتانياهو. بالأحرى، هي ارتضت الوقوع فيها، ووضعت نفسها في مثل هذا الموقع.
تقدم عروضها، بخصوص الاستيطان لإطلاق المفاوضات، ترد عليها إسرائيل بعروض مضادة، من النوع الذي يستدرج واشنطن إلى المزيد من الهبوط والتراجع.
ويتكرر السيناريو، ليتحول إلى «دويخة»؛ تهدف في نهاية المطاف، إلى تجويف مطلب الكف عن البناء؛ وبالتالي نسف عملية التفاوض والتخلّص من التزاماتها المحتملة.
آخر فصل في هذه المساومة، التي تبدو بلا قعر؛ اقتراح الرئيس أوباما بتجميد البناء حتى في شرق القدس، لمدة أربعة أشهر. أرفق البيت الأبيض عرضه هذا بكلام دافئ عن نتانياهو، من نوع أن هذا الأخير «سيتخذ قرارات شجاعة».
هذا في الوقت الذي تماطل اللجنة السباعية الوزارية، بالرد على المطالب الأميركية بشأن المفاوضات. يأتي هذا الاقتراح عشية وصول المبعوث ميتشل، لتسلّم الرد.
ويقال بأن الإدارة مستعدة حتى لتغيير شروط إطلاق المفاوضات والضغط على السلطة الفلسطينية، لحملها على القبول بالدخول في مفاوضات مباشرة؛ إذا أوقفت إسرائيل البناء في القدس طيلة الفترة المقترحة فقط.
مع كل ذلك، ترد أوساط الحكومة؛ بأن الأزمة مع إدارة أوباما تتجه نحو المزيد من التصعيد. مطلب وقف البناء، لا تطيق سماعه أو المجيء على سيرته.
نتانياهو، يتلطّى وراء زعمه بأن المعارضة داخل حكومته، لوقف الاستيطان في القدس؛ لا تسمح له بالموافقة. وإلاّ ينفرط الائتلاف الحكومي، وبذلك يتملّص ويواصل رفض الوقف.
الدوّامة هذه، كانت نتيجة مقاربة مغلوطة، اعتمدتها إدارة أوباما. من البداية، عندما أثارت موضوع الاستيطان مع إسرائيل؛ لم تكن جازمة. أول الغيث كان بتراجعها عن شرط وقف البناء، لتقبل بما سمّاه نتانياهو خداعاً، البناء لحاجات النمو الطبيعي في المستوطنات، ثم كرّت السبحة، من الوقف التام إلى الجزئي.
ومن المستمر طيلة التفاوض، إلى المؤقت. وأخيراً من الامتناع التام لفترة محددة، إلى الامتناع الجزئي لمدة أربعة أشهر، والحبل على الجرار.
هذه «الدويخة» وما سبقها، تقول إن الخيار الوحيد أمام أوباما؛ هو فرض تسوية. ما عدا ذلك، ضحك على الذقون ودوران في الفراغ.




















